فرص المواجهة المباشرة بين التحالف السعودي الإسرائيلي الناشئ وإيران

فرص المواجهة المباشرة بين التحالف السعودي الإسرائيلي الناشئ وإيران

24 نوفمبر 2017
إيران غير معنية بالتصعيد (نيكولاس كام/فرانس برس)
+ الخط -
تثير سياسات ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، القلق في إيران، حيث تتزايد التخمينات أن الولايات المتحدة وإسرائيل ستتعاونان مع السعودية لقتالها. وتتزايد التساؤلات حول مصير التحالف الثلاثي الذي يتطور برعاية أميركية، وما هي فرص المواجهة المباشرة بين المعسكرين؟

وتدرك إيران، حسب تقارير نشرتها صحف ومواقع عالمية اليوم الجمعة وأمس الخميس، مخاطر التحالف السعودي الإسرائيلي، وتسعى إلى تجنب المواجهة المباشرة، لكن الأسئلة ما تزال مطروحة حول المساعي السعودية والإسرائيلية لاستثمار الوشائج الجديدة، والتوجه نحو تصعيد إلى المواجهة العسكرية والحرب.

وسلطت وكالة "بلومبيرغ" الأميركية، أمس الخميس، الضوء على التفاعل الإيراني مع هذا التحالف، الذي اعتبرت أن أدلة عدة على تشكله بدت واضحة في الفترة الأخيرة، مفترضة من خلال مراسلات مع خبراء، عدة خيارات، قد يتجسد من خلالها التحالف الثلاثي الناشئ.

ويتفق السياسيون والمحللون الإيرانيون، على غرار نظرائهم في المنطقة، على أن هناك احتمالات متصاعدة، للهجوم على أي تحالف إيراني في المنطقة، ومع أن المؤشرات قليلة في الفترة الأخيرة على قدرة الرياض أو واشنطن على بناء أو تنفيذ سياسات استراتيجية، من شأنها أن تواجه النفوذ الإيراني، لكن الوكالة الأميركية تؤكد أنه مع رئيس أميركي مثل دونالد ترامب، ومع سياسة خارجية سعودية عدائية على غرار تلك التي يقودها محمد بن سلمان، فإنه لا يمكن استبعاد أي شيء.

ونقلت عن كاظم جالالي، وهو عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني وسياسي محافظ، قوله: "يبدو أنه يتم رسم الخطط بشكل ثلاثي، وهناك نية لتنفيذها"، مضيفا أن هذه الدول الثلاث تطور "نوعا من التصور المشترك".

واستندت "بلومبيرغ" إلى مقابلة موقع "إيلاف" السعودي ومقره لندن، الأسبوع الماضي، مع رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، غادي إيسنكوت، للإشارة إلى التحالف السعودي الإسرائيلي.

وأشار إيسنكوت إلى أن السعودية وإسرائيل تملكان وجهة نظر مشتركة بخصوص ضرورة منع إيران من إنشاء "الهلال الشيعي" في المنطقة، مضيفا أنه "مع الرئيس ترامب، هناك فرصة لبناء تحالف دولي جديد في المنطقة، ونحن بحاجة إلى تنفيذ خطة استراتيجية واسعة وشاملة لوقف الخطر الإيراني".

وبين إيسنكوت أن التعاون قد يشمل تشارك المعلومات الاستخبارية بين السعودية وإسرائيل. وهو ما أكده وزير الطاقة الإسرائيلي، يوفال شتاينتز، لراديو الجيش، عندما قال إن التواصل مع العالم العربي "المعتدل" بما في ذلك السعودية، يساعد على إضعاف طهران.

ويقيم بن سلمان علاقات وثيقة مع جاريد كوشنر، صهر ترامب ومستشاره، الذي يثير تنقله بين الرياض وتل أبيب توقعات بأن تشكيل تحالف جديد مع إيران يبنى خلف الكواليس.

وليست تفاصيل هذا التحالف واضحة. مع ذلك فإن هناك خيارات عدة أمام هذا الثلاثي، كما يبين دانييل بيمان لـ"بلومبيرغ"، وهو أستاذ الدراسات الأمنية في جامعة جورج تاون. من هذه الخيارات حرب إسرائيلية ضدّ حزب الله في لبنان، أو حرب أميركية ضد وكلاء إيران في العراق وسورية، وكذا فإن السعودية قد تساهم في المواجهة في كل الأماكن المذكورة، بالإضافة إلى اليمن. لكن خبراء عدة يقولون إن انتقال المعركة إلى أرض الواقع ليست متوقعة، على الأقل في المدى القريب.

وفي السياق، سلط موقع "بي بي سي" تقريرا اليوم الجمعة، على ما قال إنه تطور فريد في العلاقات بين المملكة وتل أبيب، قد يخرج إلى العلن قريبا. واستشهد الموقع هذه المرة بتصريحات وزير العدل السعودي السابق، محمد بن عبد الكريم عيسى، وهو حليف وثيق لولي العهد السعودي، لصحيفة "معاريف" الإسرائيلية، عندما قال إن "أي عمل من أعمال العنف أو الإرهاب، يحاول تبرير نفسه من خلال الإسلام، غير مبرر في أي مكان، بما في ذلك في إسرائيل". وهو تصريح بدا أنه إكمال لهجوم السعودية على المقاومة الفلسطينية، عطفا على أنه إشارة واضحة لتوطد سريع في العلاقات.
واعتبر موقع "بي بي سي" أن هذه الإشارات مجتمعة لا يمكن أن تكون عن طريق الصدفة. وهي منسقة بعناية وتهدف إلى تحذير إيران من العلاقة النامية، وكذلك لتهييء المجتمع السعودي نظرا لاحتمال أن تصبح هذه العلاقات أكثر وضوحا من أي وقت مضى.

ولم يختلف المضمون الذي عرضته صحيفة "نيوزويك الأميركية" في تقرير مساء أمس، عما سبق، إذ استشهدت بالأدلة المذكورة من أجل القول إن التحالف السعودي الإسرائيلي المرعي أميركيا، هو جزء من سياقات إقليمية عدة، من أهمها بطبيعة الحال، التهديد الإيراني، معتبرة أن مساهمة الرئيس الأميركي هي الأهم في تطوير هذه العلاقة، وفي السعي إلى تسييرها باتجاه تسوية كاملة في الإقليم. 


إيران لتحسين العلاقات مع السعودية؟

من جهة ثانية، قال حسين موسوي، المتحدث باسم فريق المفاوضين النوويين الإيرانيين، في تصريح نقلته "بلومبيرغ": "يبدو أن هناك سيناريو جديداً يجري إعداده من أجل إيران". وأضاف أنه يجب أخذ التحالف الناشئ على محمل الجد، وأن له عواقب. متابعا: "نحن بحاجة إلى التفكير في طرق تحسين العلاقات" مع السعوديين.
 
وعلى ما يبدو، فقد كان ثمة إشارة إلى رغبة إيرانية في تجنب التصعيد، عندما تم إغلاق صحيفة "كيهان" اليومية المؤثرة في إيران، بعد إشادتها بإطلاق صاروخ من الحوثيين على مطار في الرياض قبل أسابيع. 

بدوره، أكد قائد الحرس الثوري، الجنرال محمد علي جعفري، أمس الخميس، أن "ضبط النفس الإيراني في مواجهة سياسات السعودية، يجيء تجنبا للمواجهة المباشرة مع السعودية"، رغم أنه لم يفوت في حديثه إدانة السعودية، وعلاقتها مع إسرائيل وأميركا. وأضاف أن "السعودية واحدة من البلدان التي تتعاون مع إسرائيل استخباراتياً، ولا تخفي حقيقة الأمر، وهو ما يؤكد أنها باتت تقف في المحور المضاد للثورة الإسلامية".

وبين أن "إيران لا تجد نفسها معنية بالتعامل مع أيادي قوى الاستكبار العالمي، إلا أنها معنية بالشيطان الأكبر نفسه، فتتبع طهران سياسة ضبط النفس مع السعودية".

تهويل إعلامي؟ 

 وعلى أية حال، فإن تجنب المعركة المباشرة، لا يقف عند رغبة إيران فقط، كما يجمع مراقبون، لكن دول التحالف الثلاثي لا تبدو معنية بالوصول إلى هذا الخيار أيضا، فإسرائيل كما تقول "بلومبيرغ" تدرك جيدا أن أراضيها مهددة بالصواريخ الإيرانية بعيدة المدى، وهذا تهديد مزدوج للحكومة الإسرائيلية، وكذا لإدارة ترامب الحريصة على مصالح تل أبيب بطبيعة الحال، وهو ما أكد عليه إيسنكوت في مقابلته مع "إيلاف"، عندما نفى إمكانية حرب فورية ضد حزب الله. وكذا، فإن السعودية قلقة من كون البنى التحتية لمرافق النفط والطاقة قد تكون عرضة في أي وقت لهذه الصواريخ.

أما في سورية، فلم يبد طوال الفترة الأخيرة، أن السعودية أو أميركا، معنيتان بدعم حقيقي للمعارضة، مع أن أصواتا كثيرة تقول إن سورية هي الساحة المناسبة لمواجهة إيران. 

لذلك، لا يبدو أن هذا التحالف قد يتجاوز في المرحلة الحالية، كونه سلاح "ردع"، يحمله الإعلان المستمر عن توطيد العلاقات، وتدفع السعودية مقابلة ثمن الإفصاح العلني عن التطبيع، الذي لا يظهر أنها آبهة به الآن.

(إعداد: عز الدين التميمي)