المناطق السورية المحاصرة: سلاح في يد المعارضة والنظام

المناطق السورية المحاصرة: سلاح في يد المعارضة والنظام

17 يوليو 2015
يسعى الطرفان للتضييق على الآخر بشن حملات عسكرية(فرانس برس)
+ الخط -
بدأت قوات "جيش الفتح"، المكوّن من أكبر تشكيلات فصائل المعارضة المسلحّة في إدلب شمال سورية، هجوماً كبيراً، منذ يوم الخميس على مناطق سيطرة النظام السوري، في بلدتي الفوعة وكفريا المواليتين له، شمال مدينة إدلب، واللتين باتتا محاصرتين بالكامل من قبل قوات المعارضة منذ سيطرة "جيش الفتح" على مدينة إدلب ومدينتي أريحا وجسر الشغور والقواعد العسكرية المحيطة بهما.

وكان بيان المكتب الإعلامي في "جيش الفتح"، الذي أعلن معركة الفوعة وكفريا، قد ركّز بشكل لافت على أن مهاجمة قوات "جيش الفتح" في الشمال السوري لبلدتي الفوعة وكفريا المحاصرتين من قبل المعارضة، ما هو إلا رد على الحملة العسكرية الكبيرة التي شنّتها قوات النظام وحزب الله اللبناني على مدينة الزبداني التي تسيطر عليها قوات المعارضة بشكل عام، في ريف دمشق الغربي والتي تخضع لحصار مطبق من قبل قوات النظام السوري.

وأشار البيان إلى أنّ حصار قوات النظام لمدينة الزبداني ما هو إلّا "حلقة جديدة من سلسلة الحصارات غير الإنسانية التي فرضتها إيران وحلفاؤها على السوريين"، في إشارة منه إلى حصار قوات النظام المستمر لمدينة داريا في غوطة دمشق الغربية وغوطة دمشق الشرقية ولمناطق سيطرة قوات المعارضة السورية في ريف حمص الشمالي، وتحديداً بلدات الرستن والغنطو والحولة وعز الدين والتلبيسة وأريافها. ويضاف إلى ذلك حصار قوات النظام سابقاً لمناطق القصير في ريف حمص الغربي وأحياء حمص القديمة ووسط مدينة حمص التي كانت تحت سيطرة قوات المعارضة قبل أن تنسحب منها نحو مناطق في ريف حمص الشمالي. وأكد البيان أنّ "قرار جيش الفتح ببدء معركة الفوعة وكفريا ضد قوات النظام ومليشيات إيران يهدف إلى إذاقة النظام ما يذوّقه لأهل الزبداني حتى يعود النظام إلى رشده".

من جهته، يؤكد المتحدث باسم حركة "أحرار الشام"، أكبر تشكيلات المعارضة المنضوية في "جيش الفتح"، أحمد قره علي، لـ"العربي الجديد"، أن عملية مهاجمة بلدتي الفوعة وكفريا لا تهدف إلى اقتحام البلدتين وإنما لتضييق الحصار عليهما، وذلك من خلال قصف مراكز تجمع قوات النظام ومليشيا حزب الله"، مؤكداً أنّ "نية جيش الفتح تأتي للاستيلاء على الأراضي الزراعية المحيطة بالبلدتين لزيادة التضييق على قوات النظام والقوات الحليفة لها هناك".

اقرأ أيضاً: المعارضة السورية تفتح معركة كفريا والفوعة نصرة للزبداني

وجاء هجوم "جيش الفتح" على بلدتي الفوعة وكفريا، الذي تمثّل بقصف حواجز قوات النظام في البلدتين بالصواريخ المحلية الصنع وصواريخ الكاتيوشا والغراد، بعد نحو أسبوعين على انطلاق هجوم قوات النظام على مدينة الزبداني، والذي تخلّله قيام طائرات النظام السوري المروحية بقصف المدينة بعشرات البراميل المتفجرة فضلاً عن قصف مدفعي، من دون أن يساعد ذلك النظام على تحقيق أي تقدم ملحوظ على جبهات القتال، نظراً لاستمرار قوات المعارضة في عملية الدفاع عن المدينة، وشنّها هجمات معاكسة كبّدت قوات النظام وحلفاءه خسائر بشرية ولوجستية كبيرة.

ويعيد ذلك إلى الواجهة، سيناريوهات قيام طرفي النزاع باستثمار حصار مناطق أحد الطرفين، سياسياً وإعلامياً وحتى عسكرياً، من خلال شنّ حملات عسكرية ضد قوات الطرف الآخر في المناطق المحاصرة بهدف الحصول على تنازلات سياسية أو فرض إيقاف عمليات عسكرية معينة.

فقد شنّت قوات المعارضة في ريف حلب، منذ مطلع العام الحالي، ثلاث عمليات عسكرية ضد قوات النظام وحزب الله المحاصرتين من قبل قوات المعارضة بشكل شبه كامل في بلدتي نبل والزهراء المواليتين للنظام السوري، شمال حلب، منذ نهاية شهر يوليو/ تموز 2012. وكانت هذه العمليات العسكرية تهدف إلى الضغط على قوات النظام التي كانت تحاول فرض حصار على مناطق سيطرة المعارضة في حلب. وقد نجحت هجمات قوات المعارضة على البلدتين في زيادة الضغط على قوات النظام في حينه، وساهمت في إفشال مساعي قوات النظام الرامية إلى حصار مناطق سيطرة المعارضة في حلب بشكل كامل.

بدورها، عمدت قوات النظام إلى شنّ حملات عسكرية، في وقت سابق، ضد مدينة داريا غرب دمشق وغوطة دمشق الشرقية التي تسيطر عليها قوات المعارضة والمحاصرة بشكل شبه كامل من قبل قوات النظام، وذلك بهدف زيادة الضغط على قوات المعارضة التي كانت تتقدم جنوباً في محافظات درعا والقنيطرة والسويداء. وهو الأمر الذي ساعد قوات النظام في تنفيذ ضغوطات على قوات المعارضة جنوب سورية، التي تضع نصب أعينها الوصول إلى العاصمة دمشق، حيث يوجد داخلها وفي محيطها أهم قطعات النظام السوري العسكرية وأهم مراكز قيادته السياسية والأمنية.

وعلى الرغم من ذلك، فإن قوات النظام وقوات المعارضة لم تنجح سابقاً في القضاء على وجود قوات محاصرة للطرف الآخر من دون اتفاق سري أو علني على انسحاب القوات المحاصرة من المنطقة. وعلى الرغم أيضاً من هجمات قوات المعارضة المستمرة منذ نحو ثلاث سنوات حتى اليوم، على بلدتي نبل والزهراء شمال حلب، لا تزال قوات النظام وعناصر حزب الله يسيطران على البلدتين. كما أن قوات المعارضة لم تنجح في السيطرة على بلدتي الفوعة وكفريا في ريف إدلب على الرغم من فرضها حصاراً مطبقاً عليها منذ نهاية مارس/ آذار مارس الماضي.

اقرأ أيضاً: الزبداني من الهجوم للحصار... وصيد ثمين للتحالف برؤوس "داعش"

المساهمون