الثورة السورية... توأم غزة في الخذلان

الثورة السورية... توأم غزة في الخذلان

15 مارس 2024
من قصف النظام السوري إدلب، أكتوبر 2023 (عز الدين قاسم/الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- اندلاع الثورة السورية في 2011 ومقارنتها بمعاناة غزة، تسليط الضوء على العزلة والخذلان العربي والدولي الذي واجهته الثورة على مدار 13 سنة.
- اتهامات نظام دمشق للثورة بالعمالة والمشاركة في "المؤامرة الكونية"، ومحاولاته تبرير موقفه برفع شعار "الممانعة" مع إظهار التزامه بنظرية "الأمن المتبادل" مع إسرائيل.
- الرابط بين معاناة غزة والثورة السورية يكشف عن الانفصام العربي والتخاذل الدولي، ويبرز كيف تجاهلت السياسة العربية الرسمية معاناة الشعوب، مما أدى إلى تقويض قيمتها وتأثيرها.

منذ أن اندلعت الثورة السورية في 15 مارس/آذار 2011 كان واضحاً السعي إلى عزلها عن محيطها العربي. وحالة الخذلان التي عاشها أبناء معسكرها على مدار 13 سنة تذكر وقائعها بالحالة التي تعيشها غزة بعد 160 يوماً من التدمير وحرب الإبادة.

ومع أن نظام دمشق اتهم منذ البداية جمهور الثورة بأنه "عميل" ويشارك في "المؤامرة الكونية"، بحجج تتعلق بفلسطين، فإنه ورغم رفعه شعار "الممانعة" راح يظهر إيمانه العميق بنظرية "الأمن المتبادل"، بين دولة الاحتلال الإسرائيلي ونظامه.

ولم يخجل "إعلاميو" و"محللو" تلفزة الأسد، في أثناء انتفاضة الشعب ضده، من التحذير من أنه إذا سقط النظام فستهيمن على المنطقة "تيارات متطرفة" (وبينها آنذاك حشرت حركة حماس) لتحذير الاحتلال من ترك النظام ينهار.

بالنسبة لكثيرين تبدو الصورة واضحة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فالنظام الذي "كان على وشك خوض حرب تحرير الجولان وفلسطين" (كما سوقه صناع بروباغندا محليين وإقليميين)، حين طالب الشعب بالحرية والعدالة، لا يحتاج المرء معه إلى عناء البحث عن حقيقة موقفه من غزة.

ليس فقط أنه يتصرف وكأن الأمر يحدث في هاواي، وليس فلسطين نفسها التي تاجر فيها منذ السبعينيات، بل التزام فولاذي بنظرية "الأمن المتبادل" والخطوط الحمراء، حتى فيما خص الجولان المحتل.

حين تهكم السوريون خلال 13 سنة على حالة "الأمن" في بلدهم، معتبرين أن أكثر بقعة جغرافية آمنة هي الجولان المحتل، فلم يكن الأمر إعجاباً وتفضيلاً للاحتلال، بل لإظهار مدى استئساد النظام وداعميه على مدن وشعب سورية، بشتى صنوف الحصار والتجويع والقصف، بينما جبن عن الرد على قصف سيادته شبه اليومية بصواريخ وطائرات الاحتلال.

وحين تستعاد ذكرى جرأة وشجاعة الثورة السورية، على مستوى "الربيع العربي"، وطريقة الانقلاب الفج عليها، فمن البديهي أن تطفو على السطح حالة الخذلان العربي والدولي بحقها.

وبات من المسلم فيه ظهور الانفصام الرسمي العربي، الذي شكا مراراً من تدخلات طهران وأنقرة في المنطقة (وطبعاً ليس من الاحتلال الإسرائيلي)، بينما وقف يتفرج، بل ينقلب، على مواجهة السوريين لتلك التدخلات والمتسبب فيها. وبعضه انبرى تحت عباءة الاحتلال الإسرائيلي تطبيعاً، على أمل خوضه حروب دفاع عنهم.

الرابط بين ما يجري بحق غزة وما جرى بحق الثورة السورية ليس متخيلاً، ولا تجني فيه. إنه الواقع الذي تفرج فيه المتخاذلون على حصار وتجويع السوريين، وسكوت على جرائم الحرب والتطهير بترحيل سكان مدن ونواح سورية، بنفس مستوى فرجتهم على غزة حالياً.

إذاً، ذات الواقع، وبشكل مكثف وجنوني منذ 160 يوماً في غزة، أظهر السياسة العربية الرسمية على أنها بلا وزن وبلا قيمة وبلا تأثير، وذلك حتى على مستوى التكتل والبحث عن المصالح الأحادية والجمعية للأنظمة، مع اختمار غليان الشوارع بإسقاط غزة للأقنعة. وقد طبق ذلك وغيره على السوريين ومعاناتهم في 13 سنة، إلى حد احتقار تضحيات الملايين، بمحاولة إعادة تأهيل وفرض نظام ارتكب كل الموبقات بحق شعبه وبلده.