أيوني بيلارا... صوت متقدم في إدانة إسرائيل

أيوني بيلارا... صوت متقدم في إدانة إسرائيل

31 أكتوبر 2023
بيلارا (يمين) ومونتيرو في تظاهرة داعمة لفلسطين بمدريد، الأحد (خافيير سوريانو/فرانس برس)
+ الخط -

بين العريضة التي رفعها مئات الموظفين في الاتحاد الأوروبي رفضاً للدعم اللامشروط الذي قدّمته رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين لإسرائيل في حربها على غزة، وحديث رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق دومينيك دوفيلبان الذي قدّم قراءة نقدية لأحداث فلسطين ولا تتماشى مع الانحياز الرسمي لتل أبيب، أكد فيها أن القضية الفلسطينية تبقى للشعوب العربية "أم المعارك"، أو مشاركة زعيم حزب العمّال البريطاني السابق جيريمي كوربن في تظاهرات لندن دعماً لفلسطين، تخرج أيوني بيلارا، وزيرة الحقوق الاجتماعية وأجندة 2030 في حكومة تصريف الأعمال الإسبانية بقيادة بيدرو سانشيز، كأحد الأصوات الأكثر ثباتاً في أوروبا، دعماً لغزة وإدانة لإسرائيل، لتصبح أحد الوجوه المحبوبة للفلسطينيين ومناصريهم حول العالم، رغم أجندتها المتقدمة في هذا الإطار، والتي يستحيل أن تلبيها مدريد أو بروكسل.

وعلى الرغم من أنها ليست الوحيدة التي تسبح عكس التيار، كسياسية أوروبية، في مواجهة آلة القتل الممنهج التي تديرها إسرائيل في حربها على غزة، وجرائم الإبادة التي تتلطى دولة الاحتلال خلف هجوم حركة "حماس" في 7 أكتوبر/تشرين الأول على مستوطنات غلاف غزة لتنفيذها، إلا أن بيلارا، شكّلت حالة مختلفة واستثنائية على مستوى القارة، لاسيما أنها لا تزال وزيرة في حكومة سانشيز، وفاعلة على المستوى الوطني، رغم الجدل الذي أثارته تصريحاتها منذ 7 أكتوبر، واعتبارها سانشيز نفسه غير كفؤ لإدارة هذا الملف في السياسة الخارجية الإسبانية.

4 مطالب للاتحاد الأوروبي

وقدّمت بيلارا، 4 مطالب، أكدت أن على الاتحاد الأوروبي اعتمادها في مواجهة المجازر الإسرائيلية في غزة، وهي تعليق العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل وفرض حظر تسليح عليها وسوق رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وكل المسؤولين عن المجازر إلى المحكمة الجنائية الدولية، وفرض عقوبات اقتصادية على دولة الاحتلال على غرار العقوبات الأوروبية المفروضة على نظام فلاديمير بوتين في روسيا. وهذا الموقف، لم يخرج به حتى زعيم اليسار الراديكالي في فرنسا، زعيم حزب "فرنسا غير الخاضعة" جان لوك ميلانشون، الذي يؤكد أن حلّ الدولتين هو الوحيد القادر على إنهاء الصراع في الشرق الأوسط، ويوازن كلامه لعدم اتهامه بمعاداة السامية.

توصف بيلارا من اليمين الإسباني بأنها محرضة مثيرة للمشاكل

وبالفعل، فقد ألصِقت تهمة معاداة السامية، بالوزيرة الإسبانية الشابة، البالغة من العمر 35 عاماً، والتي تشغل أيضاً منصب الأمينة العامة لحزب "بوديموس" الإسباني الذي يمثل اليسار الراديكالي، منذ يونيو/حزيران عام 2021، حين خلفت مؤسس الحزب بابلو إيغليسياس. واعترضت السفارة الإسرائيلية في مدريد، على تصريحات هذه الوزيرة، التي تشكل مع نائبة رئيس الحكومة يولاندا دياز، زعيمة ائتلاف اليسار الراديكالي "سومر"، وكذلك وزيرة المساواة في حكومة سانشيز، إيرين مونتيرو، ثلاثياً نسائياً، تصدر التظاهرات الداعمة لأهالي غزة، في شوارع مدريد. كما طالبت تل أبيب، بفرض عقوبات على بيلارا، وهو ما ردّت عليه حكومة سانشيز، بتأكيدها على دعم حرّية الرأي في البلاد.

يوسف الدموكي
يوسف الدموكي

يوسف الدموكي

كاتب وصحافي مصري، مدوّن في موقع "العربي الجديد".

ويرى خصوم بيلارا، وخصوصاً من اليمين الإسباني (الحزب الشعبي اليميني)، أن تصريحاتها الداعمة لفلسطين، والتي تؤكد فيها أن إسرائيل "مجرمة حرب"، وتطالب بالتحرك لمحاكمة دولة الاحتلال، تشكّل إحراجاً للحكومة الاشتراكية، وهي حكومة تصريف أعمال، حيث ينتظر أن يعلن سانشيز عن حكومته الجديدة، وذلك بعد ما بدا أنه توافق قد تمّ مع ائتلاف "سومر" اليساري إثر الانتخابات التشريعية المبكرة التي أجريت في يوليو/تموز الماضي.

ارتدت بيلارا شالاً فلسطينياً في العيد الوطني الإسباني

أيوني بيلارا... الوزيرة المشاغبة

وليس معروفاً ما إذا كان سانشيز، إذا ما شكّل حكومته، سيُعيد بيلارا إليها، وهي أيضاً نائبة عن منطقة نافارا، بعد هذا "الإحراج"، علماً أن هذه الوزيرة، ذهبت أبعد من ذلك، حين ارتدت شالاً فلسطينياً محاكاً من قبل نساء من الخليل، خلال العرض العسكري لبلادها في اليوم الإسباني الوطني، في 12 أكتوبر الحالي. كما ذهبت أبعد من مجرد إبداء الدعم لفلسطين، حين طالبت بأن يكون موقف "بوديموس" بالنسبة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي هو الموقف الرسمي للحكومة من هذا الصراع، أي بمعنى أن يكون متحدثاً باسمها، أو أن توكل الحكومة وزراء "بوديموس" بالتحدث باسمها في هذا الملف.

هذا الضغط من أجل ذلك، أعربت حكومة سانشيز عن رفضها له، وهو ما أكدته في بيان وجّهته وزارة خارجيتها، وكان بمثابة رد على الاتهامات الإسرائيلية الرسمية لمدريد. لكن ذلك، لم يمنع أن تتجند أصوات عدة، لاسيما في الإعلام الإسباني، اليميني، لوصف بيلارا بـ"المحرضة المثيرة للمشاكل"، ولحياكة القصص حول هذه السياسية اليسارية الشابة، ومنها أن تصريحاتها الداعمة لفلسطين، ما هي إلا لكسب الأصوات في إطار منافستها مع دياز على زعامة اليسار الراديكالي الإسباني.

لكن ذلك لم يمنع زعيمة "بوديموس" من مواصلة "النضال" من موقع أوروبي، حيث يبدو أنها عازمة على قيادة تيار يسعى لأن يكون مؤثراً، لسوق نتنياهو وقادة الحرب الإسرائيليين إلى لاهاي، مقر المحكمة الجنائية الدولية، ومحاكمتهم بتهم ارتكاب جرائم حرب. وفي تغريدة لها أخيراً على منصة "إكس"، كتبت بيلارا أن هذه المحكمة قرّرت فتح تحقيق بوقائع حرب غزة، وقالت: "الكثيرون يعتقدون، ومن بينهم أنا، أنها مسألة وقت"، آملة أن تعمل هذه المحكمة "سريعاً وبشكل حاسم". وفي تغريدة سابقة، شدّدت على أن "أوروبا ستدفع ثمناً غالياً لنفاقها"، مؤكدة أن "الزعماء الأوروبيين ليسوا على قدر خطورة الموقف". وكتبت: "اليوم ودائماً، سندافع عن الشعب الفلسطيني في مواجهة إبادة إسرائيل".

(العربي الجديد)

المساهمون