"السياحة البرلمانية" تهدد استقرار الحكومة الائتلافية في تونس

"السياحة البرلمانية" تهدد استقرار الحكومة الائتلافية في تونس

01 فبراير 2017
البرلمان التونسي بين الكتل الحزبية (محمد كريت Getty)
+ الخط -

لم يعرف البرلمان التونسي استقراراً يذكر، منذ انتخابه في العام 2014، ويشهد استقالات وتغيّرات تهز الكتل من حين إلى آخر، مما يتربص باستقرار بقية مؤسسات الدولة وبالخصوص الحكومة الائتلافية.

وتعد ظاهرة "السياحة البرلمانية" أو الانتقال بين الكتل والمجموعات، لافتة للانتباه في البرلمان التونسي، إذ انسحب بعض النواب من الأحزاب والقوائم التي رشحتهم في انتخابات العام 2014، أو حتى في المجلس التأسيسي الأول، ليتحول بعضهم من كتلة إلى كتلة منافسة، أو إلى فئة غير المنتمين إلى مجموعات برلمانية.

ومن المعلوم أن البرلمان التونسي تؤسسه سبع مجموعات برلمانية، بعضها ائتلافي وأغلبها حزبي في مشهدٍ لا يعرف السكون والاستقرار، حتى من داخل الكتل الداعمة للحكومة؛ والتي تعد أحزابَ أغلبية وحاكمة، مما يتربص باستقرار حكومة الوحدة الوطنية، ويهدد تماسك مختلف السلطات والمؤسسات.

وأعلن رئيس البرلمان، محمد الناصر، آخر ترتيب للكتل النيابية؛ تتصدر كتلة النهضة الإسلامية بـ 69 عضواً (مساندة للحكومة)، تليها كتلة نداء تونس بـ 67 عضواً (مساندة للحكومة)، ثم في المرتبة الثالثة كتلة الحرة لحركة مشروع تونس بـ 21 عضواً (أصبحت معارضة). وفي المرتبة الرابعة كتلة الجبهة الشعبية بـ 15 عضواً (معارضة)، ثم الكتلة الديمقراطية بـ 14 عضواً (معارضة)، ثم كتلة الاتحاد الوطني الحر بـ11عضواً (معارضة)، وفي الأخير كتلة "آفاق تونس الحركة الوطنية ونداء التونسيين بالخارج" (مساندة للحكومة) بـ 10 أعضاء، فيما يبلغ غير المنتمين إلى كتل 12 عضواً من إجمالي 217 نائباً بالبرلمان.

وسجل البرلمان التونسي ما يفوق 50 تغييراً طارئاً على الكتل بين استقالات وانضمامات إلى كتل منافسة، أو عبر تكوين كتل نيابية جديدة، أو حل أخرى في مشهد سريالي يتقافز فيها الترتيب العددي تصاعدياً وتنازلياً بعيداً عن إرادة الناخبين، وما أفرزته صناديق الاقتراع. تصدرت في البداية نداء تونس الموقع الأول من حيث العدد، لتصبح بعد فترة الكتلة الثانية بعد حركة النهضة، لتتوالد عنها كتلة الحرة، التابعة لحزب مشروع تونس بعد انشطار حزب رئيس الدولة، لينهار بعد ذلك حزب الاتحاد الوطني الحر، ويتراجع إلى المركز الخامس، بعد أن فقد غالبية أعضائه.

في كل ذلك بقيت كتلتان فقط لم تطرأ عليهما أية تغييرات أو تحويرات، هما كتلة النهضة المتصدرة، وكتلة الجبهة اليسارية المعارضة.

ويعد النائب نور الدين بن عاشور أكثر نواب البرلمان التونسي تنقلاً بين الكتل، فللمرة الرابعة على التوالي يتحول من وجهة إلى أخرى، وقد تم انتخاب بن عاشور عن قوائم حزب الاتحاد الوطني الحر، ليشغل في مرحلة متقدمة رئاسة كتلة الحزب بالبرلمان، ثم استقال من المنصب ومن الكتلة ومن الحزب، ليلتحق بكتلة حزب حركة نداء تونس، قبل أن يستقيل منها بسبب خلافات مع بعض النواب، وينضم إلى كتلة الحرة التابعة لحزب مشروع تونس، الذي يرأسه محسن مرزوق.

ويرجع أستاذ القانون الدستوري، قيس سعيد، سبب "السياحة البرلمانية" إلى نظام الاقتراع المعتمد في تونس، والذي يكرس الاقتراع على القوائم الحزبية والائتلافية.

ويشير في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أن "وسيلة التصدي لهذه الظاهرة تكون عن طريق الاقتراع على الأفراد، والتي تمكّن من الاختيار الحقيقي بناء على معرفة الناخب للمترشح، كما تمكنه أيضاً من محاسبة المنتخب. بل يمكن أن يضع حداً لوكالته، ويجب بطبيعة الحال أن تكون الدائرة الانتخابية ضيقة لا متسعة؛ حتى يتمكن الناخب من الاختيار، والمراقبة المستمرة".

ويضيف "لو تم مثل هذا الاختيار في الانتخابات التشريعية الماضية أو التي سبقتها؛ لما وجدت هذه التشكلات المستمرة للكتل، ولا هذه السياحة البرلمانية، لأن النائب سيشعر أنه وكيل عن ناخبيه، ومسؤول أمام من فوضه صوته وليس أمام الحزب الذي رشحه للانتخابات".



المساهمون