منى دجاني.. في طبقات عنف الاستعمار الاستيطاني

منى دجاني.. في طبقات عنف الاستعمار الاستيطاني

24 مارس 2021
(جانب من بحيرة مسعدة في الجولان السوري المحتل، Getty)
+ الخط -

تحدّثت الباحثة الفلسطينية منى دجاني في محاضرتها: "عن عنف الاستعمار وطرق بديلة لرؤية ومعرفة الإيكولوجيات" التي ألقتها أمس عن المخطّط الاستيطاني الذي ينفّذه الاحتلال الصهيوني في حيّ الشيخ جرّاح في مدينة القدس عبر الاستيلاء على منازل ثماني وعشرين عائلة مقدسية هجّرت من بيوتها في القدس الغربية ومناطق فلسطينية أخرى احتلت عام 1948.

وأشارت في المحاضرة الافتراضية التي نظّمتها "دارة الفنون" في عمّان  ضمن برنامج "إيكولوجيات ما بعد الاستعمار"، إلى طبقات عنف الاستعمار الاستيطاني ممثّلة بعنف ضدّ المكان والبيئة، وعنف ضد الوجود والبنية التحتية، وعنف ضدّ المصادر الطبيعية، وعنف ضدّ الجسد والفكر والمخيلة، حيث عرضت مثالاً على ذلك من خلال فيلم يصوّر تهديم الجرافات الإسرائيلية لمنشآت مائية ومساكن وحظائر للأغنام في الجبال الجنوبية لمدينة الخليل في مايو/ أيار من عام 2018.

كما أوضحت الباحثة في مجال العدالة المائية والبيئية أن الاستعمار الاستيطاني هو نوع من الهيمنة يعطّل علاقة الإنسان مع البيئة، وهو هيمنة إيكولوجية ترتكب ظلماً يُبنى ضدّ المجتمعات الأصلانية ومجموعات أخرى مهمّشة، ويمكن تعريفه أيضاً بأنه توزيع غير عادل للأضرار والفوائد البيئية بناء على فروقات عرقية أو جندرية أو... وهو ظلم إضافي يقع على السكّان الأصليين لا يؤخذ بالاعتبار في الأدبيات السياسية.

يمارس الاستعمار الاستيطاني عنفاً ضدّ المكان والبيئة، والمصادر الطبيعية، والجسد والفكر والمخيلة

ولفتت إلى مسألة مهمة تتجسّد بالغبن المقرون بعدم الاعتراف بفرض جغرافيا عرقية – صهيونية على المجتمعات الأصلانية وسلخها عن مقومات الهوية والوجود، مستعرضة تاريخ حوض نهر الأردن للتدليل على الفجوة الهائلة في حصّة المواطن العربي منه مقارنة بالمحتل الإسرائيلي، بالعودة إلى خمسينيات القرن الماضي حيث أدارت القوى الاستعمارية في بلاد الشام موضوع المياه من خلال نزع قيمه المعنوية والاجتماعية والدينية المتعدّدة ووضعه كمصدر طبيعي يخضع لتقنيات القياس والحساب فقط.

وبعد المرور على العديد من المشاريع الاستعمارية في ملف المياه، بيّنت دجاني دور الاستعمار الاستيطاني في خلق المشهد الطبيعي كمنتج سياسي ومشروع أيديولوجي يعمل على إنتاج مشهد مائي غير متكافئ يشغل نفس الحيز الجغرافي ويُفرض على المستعمَر لغة ومنطقا استعماريا وظروفا تطويعية للتعاون والتفاوض على المصادر الطبيعية.

وتطرّقت أيضاً إلى تجارب الفلسطينيين والعرب المعيشية تحت الاحتلال وذكرياتهم النشطة عن التغييرات الاستعمارية لمساحاتهم الطبيعية ونُُظمهم الإيكولوجية، مع إيلاء اهتمام خاص بالأفعال الصغيرة والدنيوية والدقيقة للحياة اليومية. بالأخذ في عين الاعتبار عمليات التهجير والاقتلاع المستمرة التي ازدادت حدتها جراء منطق الرأسمالية الاستخراجي والأجندات النيوليبرالية للدول القومية، في إطار الانخراط بالمحاولات النظرية والمتأصلة لمحو الاستعمار ليس فقط من إيكولوجياتنا بل أيضًا من وجهات نظرنا تجاه العالم وموضعيتنا في هذا العالم المعقد الفائق الترابط.

يُذكر أن منى دجاني تحمل درجة الدكتوراه في الجغرافيا والبيئة من "كلية لندن للاقتصاد ( (LSE، وساهمت في العديد من الدراسات حول السياسة المائية لحوض نهر الأردن واليرموك بالإضافة إلى اهتمامها بالموضوعات المتعلقة بالمياه والطاقة والعدالة المناخية، وهي تدير مشروعاً بالتعاون مع "جامعة بيرزيت" عن خرطنة ذكريات المقاومة في مرتفعات الجولان السورية المحتلة.

آداب وفنون
التحديثات الحية

المساهمون