شهدت السنوات الأخيرة ارتفاعاً ملحوظا في نسبة ظهور بعض السلالات الفيروسية في بلدان عديدة، فلا تكاد تمر فترة زمنية، حتى يستفيق العالم على وقع ظهور أجناس فيروسية قاتلة وفتاكة. إنها حرب الفيروسات القاتلة التي أصبحت تخيم بظلالها على بؤر عديدة ساخنة، في موازاة مع الحروب اللصوصية التي تقودها الولايات المتحدة على أكثر من صعيد.
وبعد اكتشاف فيروس "سارس" المسبب للالتهاب الرئوي سنة 2002، في الصين، وأدى إلى وفاة نحو 117 شخصا، تم اكتشاف فيروس إنفلونزا الخنازير أول مرة في المكسيك سنة 2009، وقدر عدد ضحاياه بحدود 18138 شخصا، حسب إحصاءات منظمة الصحة العالمية.
وتوالت سلسلة الاكتشافات الجرثومية، ليتم تسجيل أول إصابة بفيروس كورونا المسبب لمتلازمة الجهاز التنفسي الشرق أوسطي في السعودية سنة 2012، وأدى، هو الآخر، إلى وفاة أزيد من 311 شخصا. كما تعرف اليوم بلدان عديدة في غرب أفريقيا انتشارا خطيرا لفيروس إيبولا الذي حصد من الأرواح أزيد من أربعة آلاف شخص على الأقل، حتى الآن. وتفيد الأبحاث العلمية الحديثة بأن خطورة هذه الفيروسات تتجلى في قدرتها على التطفير المستمر، خصوصاً التي مادتها الوراثية هي ARN، نتيجة الزيادة المهولة لنشاطات الإنسان المختلفة، حيث أصبح أمر ظهور سلالات فيروسية جديدة أكثر احتمالاً، وأكثر توقعاً، فمثلاً في أواخر عام 1990 أدى قطع الغابات في أستراليا وماليزيا إلى هجرة خفافيش عديدة مصابة بفيروس Hendra وفيروس Nepha إلى مناطق آهلة بالسكان، ما أدى إلى انتقال هذه الفيروسات إلى الإنسان.
وتشير دراسات أخرى إلى أن التغيرات المناخية الذي يشهدها العالم أدت إلى ظهور سلالات فيروسية، ذات قدرة كبيرة على التحور والانتقال من الحيوان إلى الإنسان، وأفادت أيضاً أن انبعاث غازات سامة عديدة، كالميثان، ساهم، مباشرة، في ظهور أمراضٍ عديدة غير معروفة، وعودة أمراض قديمة، كالسل والطاعون وحمى الضنك.
أمام هذه الحرب الفيروسية الشرسة التي تجتاح العالم، تتبادر إلى الأذهان تساؤلات عديدة محيرة، لعل أبرزها: هل تملك مستشفياتنا ما يلزم من الوسائل، للتصدي لهذه الفيروسات القاتلة؟
زيارة أقرب مستوصف أو مستشفى كفيلة بالإجابة عن هذه التساؤلات والمخاوف المشروعة، فكل مكان من هذه الأماكن يحمل العدوى، حتى الأسرة وأقفال الأبواب وصنابير المياه وقطع الصابون تعد بمثابة مستوطنات لتكاثر هذه الجراثيم والأوبئة. فهل يستمر أهل قطاع الصحة في ترديد اللازمة الشهيرة: لم نسجل بعد ما يدعو إلى القلق؟
طرابزون.. "متحف مقهى القرية" يجذب الزوار منذ 3 عقود