ووجّه رئيس الوزراء في حكومة تصريف الأعمال، عادل عبد المهدي، دعوة رسمية إلى مجلس النواب من أجل عقد جلسة استثنائية تهدف لتنظيم الموقف الرسمي العراقي واتخاذ القرارات التشريعية والإجراءات الضرورية المناسبة بما يحفظ كرامة العراق وأمنه وسيادته.
إلا أن الجلسة البرلمانية التي كانت مقررة، اليوم السبت، لم تعقد. وقالت رئاسة البرلمان إنها أرجأتها إلى يوم غد الأحد، لضمان مشاركة عدد أكبر من النواب في الجلسة.
وكشفت مصادر برلمانية، لـ"العربي الجديد"، عن وجود خلافات عميقة داخل السلطة التشريعية بشأن الموقف المناسب الذي سيتم تبنيه تجاه وجود القوات الأميركية في العراق، مشيرةً إلى أن معسكر تحالف "الفتح"، الجناح السياسي لمليشيات "الحشد الشعبي"؛ يطالب بموقف حازم من الوجود الأميركي، ويدعو لاتخاذ قرار سريع بإنهاء هذا الوجود، في حين يشدد نواب آخرون على ضرورة التعامل مع الأوضاع بعقلانية بعيداً عن القرارات العاطفية.
وبينت المصادر أن بعض النواب يعتقدون أن وجود القوات الأجنبية، وتحديداً الأميركية، تم بموافقة الحكومات السابقة لذا فإن مقترح إخراجها يجب أن يأتي من الحكومة أيضاً، لأن المسؤولين الحكوميين والقادة الأمنيين هم المعنيون بتقدير مدى حاجة العراق إلى قوات أجنبية، سواء كانت أميركية أم غير ذلك، والبرلمان حينها يمتلك حق الموافقة على هذا المقترح أو رفضه.
إلى ذلك، قال عضو اللجنة القانونية في البرلمان، سليم همزة، في تصريح صحافي، إنّ قضية إخراج القوات الأميركية من العراق هو من اختصاص الحكومة وفقاً للدستور، مبيناً أن لجنته لا تمتلك أية مسودة قانون بهذا الشأن.
وأشار إلى أنه "تم في السابق جمع تواقيع برلمانية من قبل بعض الكتل لسن القانون إلا أنها تراجعت"، مبيناً أن الدستور يمنح البرلمان حق الموافقة على طلب الحكومة في إدخال قوات أجنبية لتنفيذ مهام محددة، أما إخراجها فهو من صلاحيات الحكومة، والقائد العام للقوات المسلحة بعد إجراء مفاوضات مع الدول المعنية.
وبحسب رئيس لجنة النزاهة السابق، وهو خبير في القانون الدستوري، حسن الياسري، فإن البرلمان العراقي سيكون أمام اختبار لم يمر به من قبل خلال الجلسة المقرر عقدها غداً الأحد، لمناقشة مستقبل وجود القوات الأميركية.
وشدد على ضرورة أن يتم الإعلان عن الكتل والنواب الذين سيتغيبون عن جلسة الأحد من أجل الحيلولة دون عقدها. وكانت مليشيات "كتائب حزب الله" العراقية قد هددت بكشف عناوين وأسماء النواب الذين يرفضون التصويت على قانون إخراج القوات الأميركية من العراق في خطوة للضغط على أعضاء مجلس النواب قبل جلسة الأحد.
كشفت قيادات قبليّة محلية في محافظة الأنبار، اليوم السبت، عن قيام السلطات العراقية بإصدار مذكرات قبض بحق قيادات "الحشد العشائري"، الذي يقاتل تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، في المحافظة، معربةً عن تخوّفها من اللجوء للمذكرات في إطار التصفيات السياسية.
وقال القيادي بـ "الحشد العشائري"، شيخ عشيرة البومحل، عاشور المحلاوي، لـ"العربي الجديد"، إنّه أُبلغ بصدور مذكرة قبض بحقه من السلطات القضائية في مدينة الرمادي، مركز محافظة الأنبار غربي العراق، معرباً عن تفاجئه بصدور المذكرة، لأنّه يقاتل تنظيم "داعش"، منذ أكثر من عامين.
وتَشكّل "الحشد العشائري"، بداية عام 2015، وضمّ عشائر محافظة الأنبار، بهدف تحرير مدن ومناطق المحافظة من سيطرة "داعش". ولا تتلقّى التشكيلات العشائرية دعماً كافياً من الحكومة العراقية، بسبب رفض بعض قادتها، الانضواء ضمن مليشيات "الحشد الشعبي".
وقال المحلاوي "صدرت مذكرة القبض بحقي، بسبب تواطؤ مسؤولين بالحكومة المحلية في الأنبار مع عناصر في تنظيم داعش"، منتقداً الأجهزة الأمنية التي تلاحق قادة مسلحي العشائر، الذين يقاتلون التنظيم منذ عام 2014، في حين تفرج في الوقت ذاته عن المطلوبين بتهم إرهابية، مقابل مبالغ مالية".
وذكّر بأنّه يتبوّأ منصب آمر فوج في التشكيلات العشائرية المساندة للقوات العراقية، موضحاً أنّ قوته ساعدت في عمليات تحرير مساحات شاسعة من الأراضي بمحافظة الأنبار.كما لفت القيادي القبلي إلى متابعته مذكرات القبض التي أصدرها القضاء، بحق عناصر تنظيم "داعش"، مشيراً إلى قيام الأجهزة الأمنية بالإفراج عن معتقلي التنظيم، مقابل مبالغ مالية تصل إلى 40 ألف دولار.
وسبق للمحلاوي أن كشف عن إفراج السلطات العراقية في محافظة الأنبار، عن عناصر في تنظيم "داعش"، ألقي القبض عليهم في معارك سابقة مقابل مبالغ مالية، مبيّناً تواطؤ مسؤولين كبار في عملية الإفراج.
إلى ذلك، اعتبر القيادي في تجمّع العشائر المتصدية لـ"داعش"، فاضل العيثاوي، لـ "العربي الجديد"، أنّ صدور مذكرات قبض بحق قيادات "الحشد العشائري"، يشير إلى وجود "مؤامرة" على القوات القبلية التي تقدّم دعمها للقوات العراقية في قتال تنظيم "داعش". ورأى أنّ دوافع مثل هذه المذكرات قد تكون سياسية، تحاول إسقاط بعض رموز المحافظة التي بدأت تتحرّر من التنظيم.
وأمل ألا يكون إصدار المذكرات في إطار الحملات الانتخابية المبكرة، لانتخابات مجالس المحافظات المقرّر إجراؤها العام المقبل، مطالباً جميع عشائر المحافظة، باتخاذ موقف موحد إزاء مثل هذه التصرفات.
كذلك، شدد أنّ على الجميع احترام القضاء وما يصدر عنه وفقاً للقانون، "شرط ألا يتمّ تسخيره للتصفيات السياسية"، داعياً مسؤولي المحافظة إلى التحقيق الجدي في مذكرات القبض التي صدرت مؤخراً بحقّ عدد من قيادات "الحشد العشائري".