موناكو.. مجموعة هجومية رائعة وفريق عاديّ في المباريات الكبيرة

موناكو.. مجموعة هجومية رائعة وفريق عاديّ في المباريات الكبيرة

16 مارس 2017
فرحة لاعبي موناكو بعد التأهل (Getty)
+ الخط -

"لقد فعلناها بعد عناء كبير، هذا الفوز نتاج عمل مستمر منذ فترة طويلة، وقياسا على سنّ اللاعبين  الصغيرة، فإننا نشعر بالفخر بعد الصعود إلى ربع نهائي أهم بطولة في أوروبا"، بهذه الكلمات تحدث ليوناردو جارديم بعد العبور على حساب مانشستر سيتي، وإعلان موناكو أمام الجميع بأنهم النادي الفرنسي الوحيد بين كبار القارة العجوز هذا الموسم، خصوصا بعد العودة من الخسارة في الذهاب بنتيجة ثلاثة أهداف مقابل خمسة.

بينما عبر غوارديولا عن حزنه بعد الخروج، ليلخص كل شيء في تصريحات معبرة، "يتحقق الصعود بعد لعب 90 دقيقة مميزة وليس شوطاً واحداً فقط"، وهذا ما فعله فريقه في ملعب الإمارة، بعد العودة المتأخرة في المباراة، ليدفع ثمن البدايات السيئة كما جرت العادة هذا الموسم.

بداية مثالية
قدم موناكو 45 دقيقة مثالية في كل شيء، مع الحفاظ على نفس تكتيكه الهجومي، 4-4-2 دون أي تعديلات، لكن فقط بوضع البديل فالير جيرمان مكان المصاب فالكاو، واللعب بالشاب مبابي كمهاجم متأخر، مع فتح الأطراف عن طريق الثنائي ليمار وبرناردو سيلفا، ليقوم لاعبو الارتكاز بدور التغطية طولا وعرضا، باكايوكو وفابينيو هما فرسا الرهان في منطقة الوسط، أمام رباعي الدفاع الأخير وحراسة المرمى بالخلف.

في المقابل حافظ غوارديولا على نفس نسقه، لكن مع بعض الرهانات التي عقدت وضع فريقه بالبدايات، بعد تمركز فرناندينيو أمام الدفاع وإراحة توريه خارج الخط، بالإضافة إلى اللعب بسانيا على اليمين مكان الأرجنتيني زباليتا، وعلى مقربة من ستونز، كولاروف وكليشي، بينما حصل الرباعي ستيرلينغ، دي بروين، سيلفا، وساني على أدوار هجومية صريحة بالقرب من أغويرو رأس الحربة الوحيد، برسم قريب من 4-1-4-1.

فرناندينيو ضعيف في الاحتفاظ بالكرة تحت الضغط، ويرتكب البرازيلي هفوات قاتلة أمام دفاعه، كذلك لا يؤدي سانيا دور الظهير الوهمي بالكرة مثل زباليتا، ليترك زميله اللاتيني بمفرده أسفل الدائرة، مما جعل عمق السيتي مفتوحا أمام هجمات أصحاب الأرض، وتم فصله تماما عن ثنائية دي بروين وسيلفا في المركز 8 بالملعب، ليقدم الإنكليز شوطا سيئا على مستوى الدفاع والهجوم، ويستقبل هدفين دون تسديد أي كرة صحيحة على المرمى.

تعديل خططي
لعب موناكو أفضل شوط له في الشامبيونزليغ، وتقدم في النتيجة بهدفين بسبب المرونة الكبيرة في تبادل المراكز بين لاعبيه، وفتح الملعب عرضيا بواسطة الظهيرين سيديبيه وميندي، ثنائي من الأفضل في أوروبا على مستوى التحول إلى الأجنحة، وقلب المواقع بالتعاون مع سيلفا وليمار، مما جعل الفريق الفرنسي يصل إلى المرمى في أكثر من محاولة، عن طريق عرضية عكسية من أقصى الطرف إلى حافة منطقة الجزاء، ليؤدي القادمون من الخلف دور البطولة في الهدفين.
تعامل غوارديولا مع الضغط الفرنسي بالمثل، عن طريق فتح الملعب عرضيا بوضع ستيرلينغ وساني على الخط تماما، وصعود الأظهرة إلى منطقة الارتكاز في العمق، ليقترب سانيا وكليشي من فرناندينيو، كأنه يلعب بثنائي دفاعي فقط في القلب يتحول إلى خماسي من دون الكرة، ليعود موناكو إلى مناطقه في الحالة الدفاعية، ويبدأ تأثير اللعب التموضعي في الظهور، بخلق الفراغات في العمق أمام صناع اللعب دي بروين وسيلفا.

خطة 1-4-1-4 تتحول إلى 2-3-2-3، لتساهم الثنائيات في خلخلة دفاعات المنافس، سيلفا وستيرلينغ يمينا، مع ساني ودي بروين يسارا، وينجح الضيوف في خلق فرص بالجملة خلال الشوط الثاني، عن طريق فتح الطريق على حافة منطقة الجزاء، ولعب الكرات البينية لأغويرو، ليسجل ساني هدف التقليص بعد كم هائل من الفرص، ويقترب السيتي من الصعود لولا هدف موناكو القاتل الذي أعاد الأمور إلى نصابها، وجعل فريق جارديم في الربع.

نسق الكبار
كان يجب على بيب إشراك توريه بعد هدف ساني مباشرة، ليتحكم الإيفواري في المباراة بشكل أكبر، لكن هذا لم يحدث ليرد الخصم بهدف قاتل. ورغم صعود موناكو وتقديمه مباراة هجومية كبيرة، إلا أن الفريق الفرنسي أظهر ضعفا واضحا على مستوى ضبط نسق المواجهات الكبيرة، فالمجموعة تخلق فرصا عديدة وتسجل وتلعب بشكل جمالي واضح، وفي نفس الوقت ترتد بشكل خاطئ من دون الكرة، لدرجة رؤية فريقين على النقيص من شوط إلى آخر.

من السهل جدا إحراج موناكو عندما يفقد الكرة، لأن ليوناردو فشل خلال عدة مواجهات متتالية في وضع تصور أفضل لهذا الجانب، بسبب تباعد الخطوط من الدفاع إلى الهجوم، ووجود فراغات عميقة بين الأظهرة وقلبي الدفاع، وبالتالي يستطيع أي فريق منظم تسجيل أكبر قدر من الأهداف في شباك حارسه الكرواتي. وبلغة الأرقام، سجل السيتي 6 أهداف دفعة واحدة في 180 دقيقة رغم عدم توفيق مهاجمه الأساسي كون أغويرو في أكثر من محاولة.

بعيدا عن الدفاع، يفتقد موناكو أيضا إلى شخصية الفريق الكبير أثناء الحفاظ على تقدمه، فالمجموعة بأكملها أشبه بالطفل الصغير السعيد بدراجته الجديدة، يركض بها على أقصى سرعة دون توقف، حتى ينال منه التعب ويقع مصابا، وهذا ما يفعله اللاعبون بالنص، يدخلون المواجهة بقوة كبيرة، لكن مع الوقت تنقص اللياقة ويقل الدافع، بسبب استحالة اللعب بهذا النسق السريع لمدة 90 دقيقة، ملاحظة تكررت في الدوري وعصبة الأبطال، دون وجود حل جذري حتى هذه اللحظة.

قرعة الثمانية
ينتظر جميع عشاق اللعبة قرعة نارية قبل مواجهات ربع النهائي، ورغم السجل التهديفي المبهر لموناكو، إلا أن الفريق الفرنسي يعتبر من الخصوم السهلة بالنسبة للكبار، بسبب فشله في التحكم بالمباراة عندما يكون فائزا، مع وجود مساحات بالجملة في حالة تأخره بالنتيجة، لذلك لن يقدر بسهولة على تحدي فرق بحجم بايرن وأتليتكو وريال مدريد ويوفنتوس، وحتى برشلونة الذي يعاني دفاعيا بعض الشيء لكنه يملك مجموعة مهارية في الثلث الأخير هجوميا.

كذلك يأتي ليستر سيتي كخيار مفضل أمام كل الكبار، ممثل الإنكليز الوحيد بارع في غلق الدفاعات والاعتماد على المرتدات، لكنه أيضا غير معتاد على مواجهات من هذا النوع، بالإضافة إلى وجود فراغات حقيقية أمام مرماه، لولا غياب التوفيق عن لاعبي إشبيلية، لكانت النتيجة مغايرة ذهابا وإيابا، وبالتالي يتمنى أكثر من فريق كبير الاصطدام به في ربع النهائي، لأنه أسهل من غيره ولا يملك خبرة هذه الأدوار الحاسمة.

في المقابل تبقى مواجهة برشلونة وريال مدريد بمثابة السيناريو الأكثر رعبا للمتابعين، لأن إمكانية حدوث ذلك تعني وجود 3 مباريات كلاسيكو خلال فترة زمنية قصيرة بسبب لقاء الدوري بين الثنائي الكبير. ويتفق الخبراء في هذه النسخة على حقيقة واحدة فقط، تخص قوة الدور القادم قياسا على المستويات الحالية، رغم خروج فريقين بقيمة مان سيتي وإشبيلية، في انتظار ما ستسفر عنه كرات الحظ في الساعات القليلة المقبلة.

المساهمون