مكتبة سمعيّة في غزّة

مكتبة سمعيّة في غزّة

23 اغسطس 2016
إحدى القصص (العربي الجديد)
+ الخط -
في قطاع غزة، يسعى بعض الطلّاب إلى محاولة دمج الأشخاص المعوّقين في المجتمع من خلال مشاريع تخرّجهم. مع ذلك، ما زالت المشاريع الخاصة بالمكفوفين محدودة، إلى أن قرّرت ثلاث شابات إطلاق مشروع لتسجيل الكتب والقصص على أقراص مدمجة، ليتمكّن الأطفال المكفوفون من الاستماع إليها.

وكانت البداية حين لاحظت ثلاث شابات معاناة أطفال مكفوفين، في ظلّ عجزهم عن الاستمتاع في قراءة القصص. اجتمعن وقررن العمل معاً، وأطلقن على أنفسهن إسم "عبق"، في ما حملت المبادرة إسم "المكتبة السمعية"، وعملن من خلالها على تسجيل قصص الأطفال العالمية على أقراص مدمجة بهدف تمكينهم من الاستماع إليها، في ظل ندرة وجود هذه القصص بلغة "البرايل".

إذاً، بدأت إيمان بدح (22 عاماً)، ونهى الشنطي (21 عاماً)، وفاطمة الزهراء العرجة (20 عاماً) العمل بعدما حدّدن أهدافهن الأساسية. ولاحقاً، استعنّ بسبع شابات للمساعدة. تدرس بدح علم النفس في جامعة "الأزهر" في غزة. تقول لـ "العربي الجديد" إنه انطلاقاً من أهمية القراءة، اختارت العمل ضمن هذه المبادرة. تضيف أن "القراءة أمر مهم بالنسبة لي. وقد لاحظت أن المكفوفين أكثر اهتماماً بالقراءة من غيرهم. لكن المشكلة تكمن في عجزهم عن قراءة القصص". من هنا، بدأت وزميلتيها العمل.

في ذلك الوقت، أعلنت مؤسسة "تامر للتعليم المجتمعي" عن مسابقة للمبادرات الإبداعية التعليمية. قدّمت أكثر من 400 مبادرة أخرى، واختيرت مبادرة "عبق" بالإضافة إلى 20 مبادرة أخرى تعمل في مجال التعليم.

بدأت مؤسّسة "تامر للتعليم المجتمعي"، وهي مؤسسة وطنية فلسطينية لا تبغي الربح وتهتم بالتعليم، عملها في القدس المحتلة في العام 1989، في ظل حاجة المجتمع الفلسطيني الملحة إلى بعض الوسائل التي تساهم في عمليّة التعليم والإنتاج، رغم الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة التي فرضها الاحتلال الإسرائيلي. وتركّز المؤسّسة على الحق في التعلم والهوية وحرية التعبير والوصول إلى المعرفة.



وتستهدف المبادرة المكفوفين ما بين 3 و12 عاماً، من خلال تسجيل قصص الأطفال المميزة، خصوصاً تلك المأخوذة من الأدب العالمي، على غرار بياض الثلج، وساندريلا، والأميرة النائمة، بالإضافة إلى كتب علمية مثل "رحلة في جسم الإنسان"، الذي يشرح عن أعضاء جسم الإنسان. في النهاية، اختارت المبادرة 18 قصة.

بداية، سجّلت المجموعة قصّتين كانت مؤسّسة "تامر" قد أصدرتهما بلغة "البرايل" ضمن المبادرة، وهما قصة الأميرة وقصة زلوطة الذبابة. في هذا السياق، تقول العرجة، التي تدرس علم النفس في جامعة "الأزهر": "حرصنا على تسجيل القصص بأسلوب ممتع بهدف جعل المكفوفين جزءاً من القصة". خضعن لتدريبات لتكون طبقة الصوت مناسبة وأسلوب السرد ممتعاً. أكثر من ذلك، سعين إلى تقديم تفاصيل إضافية عن القصص.

وكانت المجموعة قد خضعت لتدريب في استوديو، حتى تتمكن الشابات من سرد القصص بأسلوب مناسب للمكفوفين. بداية، واجهت المجموعة بعض المعوقات، في ظل حاجتها لمدقق لغوي، واضطرار الشابات إلى إعادة بعض التسجيلات، وقد وصلت مدة تسجيل كل قصة إلى نحو أربع ساعات.

من جهتها، تقول الشنطي، التي تدرس العلوم الاجتماعية في جامعة "الأزهر" إنهن حين بدأن العمل، احتجن إلى مدقّق لغوي ومخرج. مع ذلك، أنجزن كل شيء. "رفضت المؤسّسة إنتاجنا الأول، لكن نجحنا لاحقاً بعد إعادة التسجيل". واهتمّت المجموعة بالاستماع إلى آراء الأمهات والأطفال المكفوفين، والذين أعربوا عن إعجابهم بالفكرة. وتشير إلى العمل على تنشيط المبادرة، في ظل وجود عدد من المؤسسات التي تهتم بالأطفال. وتنوي الشابات توزيع هذه الأقراص المدمجة على جميع الأطفال الذين يحبّون الاستماع إلى القصص، وإن كنّ يستهدفن المؤسسات والمراكز والمدارس التي تُعنى بالمكفوفين بشكل أساسي.

وكانت المجموعة قد اختارت القصص بناء على معايير عدة، منها أن تكون مفيدة وغير مؤذية وتعليمية وجذابة، وقد عمدت الشابات إلى تبسيط بعض الأمور لتكون أسهل بالنسبة للمكفوفين.
تجدر الإشارة إلى أن مؤسسة "تامر" تعمل على تعزيز القراءة والكتابة والتعبيرعن الذات لدى الاطفال واليافعين، وبناء بيئة مساندة لثقافة التعلم في فلسطين، وبناء قدرات الشباب، وتشجيع عادة القراءة والكتابة في المجتمع الفلسطيني، ودعم التعليم، وإيجاد بدائل تعليمية، والعمل على الارتقاء بأدب الطفل.