مصر: معتقلون يروون معاناتهم في السجون

مصر: معتقلون يروون معاناتهم في السجون بعد حديث عن حبس "فاخر" لرموز مبارك

11 يناير 2021
تفتقد السجون المصرية مقومات الصحة الأساسية (فرانس برس)
+ الخط -

دوّن عدد من السجناء والمعتقلين السياسيين في مصر، تجاربهم المختلفة ومعاناتهم في فترات زمنية متفاوتة مع السجون وأوضاع الاحتجاز المصرية، بعد حديث إذاعي "مستفز" للموسيقي المصري، هاني مهنا، يحكي فيه عن تجربة السجن "الفخمة" بصحبة عدد من رموز نظام الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011.

وقال مهنا، في حديث إذاعي مع الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري، يوسف الحسيني، عن سجنه مع علاء وجمال مبارك، وعدد من رجال أعمال ووزراء الحزب الوطني المنحل، إنه كان لديهم "جاكوزي وملاعب وتلفزيونات وثلاجات وجامع فخم، وإنهم كانوا 14 سجينًا في مجمع يستوعب 3 آلاف سجين"، وذلك في أكتوبر/تشرين الأول 2014 بسجن طرة جنوبي القاهرة.

أما عن شهادات المعتقلين السابقين، المغايرة تمامًا لهذه الضيافة الفخمة، فرصدت المعاناة الحقوقية لمئات الآلاف في السجون، وتحديدًا لحوالي 60 ألف سجين سياسي منهم، حسب تقديرات حقوقية وحكومية.

وكتب الشاعر والناشط السياسي المصري، عمر الحاذق "كتبت قبل كده عن فترة عشتها جنب برميل الزبالة في سجن الحضرة. كنت مستجد عالزنزانة، فمقدرش اختار مكاني. المكان المتاح كان أول نمرة من الباب اللي عرضه متر تقريبًا، وبعديه على طول برميل الزبالة اللي مش بيتغسل أبدًا. بيتفضى كل يوم الصبح ويرجع. ماكانش مسموح بدخول أكياس زبالة من الحجم الكبير، ولا كان فيه إمكانية لغسله بسبب ضيق الحمام و حنفيته القريبة من الأرض".

الجريمة والعقاب
التحديثات الحية

وتابع الحاذق "فضلت مدة مش قادر أتأقلم مع ريحة البقايا المنتنة، وتشكيلة صراصير أشكال وألوان وأحجام مع اننا كنا في الشتا".

وأضاف في شهادته "بطلت أكتب عن السجن، لإنه بعد وفاة شادي حبش، الله يرحمه، بالشكل الإجرامي اللي حصل، إيه اللي ممكن أحكيه يكون مهم؟ بس الواحد بيفتكر غصب عنه بسبب حكايات واحد بجح زي هاني مهنا، اللي اتسجن بتهمة الاستيلاء على المال العام، وماطلعش غير لما تصالح ورجع الفلوس اللي استولى عليها لبنك الإسكندرية".

وفي نهاية شهادته تذكر الحاذق معتقلين غيره ومختفين قسريًا ومنهم: "الحقيقة إن الأفظع من ده كله إن بنوته جميلة زي خلود سعيد، رئيسة قسم الترجمة في مكتبة إسكندرية، أخذت إخلاء سبيل من يوم 13 ديسمبر/كانون الأول 2020 واختفت من قسم المنتزة يوم 26 من نفس الشهر، ودي قصة مرعبة لإنها حتى لو كانت زي الفل وبصحة كويسة زي ما نتمنى، فعلى الأقل من يوم 26 ديسمبر/كانون الأول 2020 هي في قبضة الأمن الوطني، في زنزانة ضلمة، غالبا متغمية، وبحسب معلوماتي مفيش غيارات ولا أي أدوات للنظافة أو العناية بالجسم، متاحة لأي مختفي في الأمن الوطني".

وتابع "طبعا لازم أفتكر الكاتب أحمد شاكر، الروائي والإنسان الجميل، اللي كان يتطوع يروح دور أيتام يعلم الأطفال القراءة، والمختفي قسرياً من مارس/آذار 2018 يعني مقرب من 3 سنين عايش في قبضة الأمن الوطني! حقيقي مش عارف إزاي الناس اللي بتواجه تجربة زي دي، ممكن تتجاوزها وتتصالح مع أجسادها بعد كده؟ يا رب بس نطمن عليهم الأول ويرجعوا لنا بالسلامة".

كما كتب المحامي الحقوقي المصري، محسن البهنسي، شهادة مؤلمة عن فترة سجنه، تخص سجين آخر: "بمناسبة حكاوى هاني مهنا ونعيم السجن، اسمع الحكاية دي: كان معايا في الزنزانة محامي من أفاضل المحامين، عنده طفلتين في عمر الزهور ومتعلق بهما قوى، لدرجة لما يجي ينام بالليل على بطانية مفروشة على الأرض يئن ويزوم ويناديهم بأسمائهم، ومرة يضحك ومرة يبكي ومرة يقوم مفزوع، وواحد من المحبوسين قال ده باين عليه ملبوس، ويخبط عليه بإيده عشان يفوقه ويصحيه، وكان لازم نفك العمل اللى معمول ليه، إن نجيب له صورة البنتين".

وتابع بهنسي "ومن الخيال، والله العظيم، رسمهم فنان معانا برضه محبوس، وطلعت الصورة وكأنها حقيقة، ينام ويصحى عليها، وانتهى الفزع والكابوس. تقوم تيجى تجريدة من عدد من الضباط والجنود تفتيش على الزنزانة ويترمي كل شيء برة الزنزانة بما فيهم صورتين البنتين الحلوين، ويرجع يمسكه الفزع والكابوس وينادي عليهم من تاني، وإنت جنبه بتقول آه ياوجع ما أنا زيه نفسي أشوف البنتين".

بينما كتب المحامي الحقوقي كريم عزت، وكان أحد المدافعين عن النشطاء والمعتقلين السياسيين، تعليقًا على حديث مهنا "في كارثة وفضيحة ذكرت في فيديو هاني مهنا بخلاف كلامه عن جنة السجن مع أبناء مبارك وزير داخليتهم، لم ينتبه لها الناس حتى في تعليقاتهم الغاضبة ومقارنتهم للسجن مع باقي السجناء".

واستطرد "فيه موقف ذكره لفت نظري حديثه عن ضابط كان محبوس معاهم محكوم عليه عشان قتل واحد من كتر الضرب موته تحت التعذيب الوحشي وإزاي كان منعم وبيلعبوا كرة مع بعض حتى المذيع الحسيني اللي كان عامل ثوري وتقبل الكلام رغم إنه قاتل، لكن الفيديو فضح تعامل الناس مع النوع ده من الجرائم وتعودها عليها وإنها حاجة عادية, وكلام مهنا بدون قصد وضّح إزاي الشخص دة عنيف حتى في اللعب وكان هيعوره وهما بيلعبوا وخلى ولاد مبارك يجروا عليه ويحسبوله ضربة جزاء".

وتابع عن حديثه "يوضحلك حجم الكارثة اللي عايشين فيها وتقبل المجتمع للتعذيب حتي لو وصل للقتل وإن النوع دة من الجرائم مرتكبيه بينعموا وبيتم حمايتهم من النظام الحاكم حتى لو اتحاكم بقي المشكلة في الناس نفسها وعقليتها وفكرتها عن الصح والغلط وتقبلها للجرائم البشعة ولازم التعذيب تعتبر جريمة مخلة بالشرف ويكون عقوبة تبعية ليه الفصل من الخدمة والحرمان من المعاش والمنع من ممارسة أي حقوق سياسية. التعذيب جريمة ومرتكبها شخص حقير ومنحط ولازم يعاقب ويحتقر من المجتمع وينتشر ثقافة منع التعذيب و إظهار وحشيته".

وبشكل عام، على مدار الأعوام، تشكل مرافق الاحتجاز والتي غالبًا ما تكون مكتظة، وتعاني من سوء مستوى النظافة الصحية وتفتقر إلى التهوية، تحديًا خطيرًا في مصر، إذ تفتقد السجون المصرية لمقومات الصحة الأساسية والتي تشمل الغذاء الجيد والمرافق الصحية، دورات المياه الآدمية التي تناسب أعداد السجناء وكذلك الإضاءة والتهوية والتريض، كما تعاني في أغلبها من التكدس الشديد للسجناء داخل أماكن الاحتجاز.

ويبلغ عدد السجون في مصر 68 سجنًا، أُنشِئ 26 منها بعد وصول الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للسلطة.

وعلاوة على هذه السجون، هناك 382 مقر احتجاز داخل أقسام ومراكز الشرطة في مختلف المحافظات، إضافةً إلى السجون السرية في المعسكرات، ومع ذلك تتراوح نسبة التكدس داخل السجون من 160% في السجون إلى 300% في مقرات احتجاز مراكز الشرطة، حسب تقرير رسمي صادر عام ٢٠١٦ عن المجلس القومي لحقوق الإنسان -مؤسسة حكومية مصرية.