لبنان: مريم شلاش تنجو وجنينها من الموت بعدما استهدفها والدها بالرصاص

لبنان: الشابة السورية مريم شلاش تنجو وجنينها من الموت بعدما استهدفها والدها بالرصاص

11 مايو 2023
ترقد مريم اليوم في قسم العناية المركّزة بمستشفى طرابلس الحكومي (فيسبوك)
+ الخط -

منذ منتصف ليل الاثنين - الثلاثاء الماضي، ترقد السورية الشابة مريم شلاش، البالغة من العمر 19 عاماً والحامل في شهرها الرابع، في قسم العناية المركّزة، بعدما أصابها والدها رضوان بثلاث طلقات نارية في كتفها وظهرها وبطنها، في مدينة طرابلس عاصمة الشمال اللبناني.

وبهذه الجريمة تتوالى فصول العنف المرتكَب في لبنان بحقّ نساء لبنانيات ومن جنسيات أخرى تحت مسمّى "جريمة شرف"، وسط قصور القانون اللبناني في ردع مثل هذا النوع من الجرائم.

وقد أثارت الحادثة الأليمة غضب الشارعَين الطرابلسي واللبناني، مع ردود فعل جمعيات نسائية وحقوقية وناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط تعدّد الروايات حول الدوافع، كأنّ ثمّة أسباباً تبرّر جريمة من هذا النوع.

ومن بين الروايات "عدم رضا الوالد أبو سلطان عن زواج ابنته"، بحسب ما أشارت عدلة عودة، وهي صاحبة مركز التجميل حيث كانت مريم تعمل في مدينة طرابلس.

وأفادت عودة "العربي الجديد" بأنّ المرأة الشابة "نجت من الموت، لكنّها ما زالت في العناية المركّزة في مستشفى طرابلس الحكومي، بعدما خضعت لعملية جراحية في مستشفى النيني في المدينة، أُزيلت خلالها الرصاصة التي أصابت بطنها، والتي كانت قريبة من الرحم". وأضافت عودة أنّ "مريم بحاجة إلى عمليات جراحية إضافية لاستئصال الرصاصتَين المتبقيّتَين في كتفها وظهرها، واللتَين قد تتسبّبان في التهابات ومضاعفات. لكنّ العمليات مكلفة، ولا قدرة لها ولزوجها على تحمّل أعبائها".

وأخبرت عودة أنّ "مريم استيقظت وقد زارتها والدتها في المستشفى. وأُبلغنا بأنّ الخطر زال عن حياتها، إلا في حال حصول مضاعفات للجنين قد تسبّب تسمّماً في جسم الأمّ".

وأوضحت عودة أنّ "مريم مولودة في لبنان لأب سوري وأمّ لبنانية، وهي تعمل لديّ منذ سبع سنوات. وقد تزوّجت منذ أكثر من سنة وهي حامل في شهرها الرابع، لكنّها تركت العمل بعد أن طلب منها الطبيب أخذ قسط من الراحة، كون حملها مهدّداً".

وتشدّد على أنّها "شابة محترمة ومهذّبة ومعروفة بأمانتها وأخلاقها الحميدة"، لافتة إلى أنّها "تزوّجت من شاب لبناني مكتوم القيد برضا والدَيها وحضورهما، حتّى إنّ والدها أسكنهما في منزله لمدّة زمنية. لكنّه بعدما بلغ خبر زواجها عائلة والدها في سورية، راح أبو سلطان يفتعل المشكلات للتخلّص من صهره، إذ أراد تزويجها لابن أخيه بصفته الأولى بها وفق تفكيرهم العشائري".

وأكملت عودة أنّ "الزوج قرّر حينها الانتقال ليسكن مع زوجته بمفردهما. فاستأجر منزلاً في طرابلس، لكنّ والد مريم لم يتوقّف عن التوعّد والتهديد، إذ إنّ ابنته خرجت عن طاعته. بعد ذلك، قصدت مريم وزوجها منزل أهلها لأخذ ثيابهما وما إلى ذلك، غير أنّ الوالد كان قد أحرقها في وقت سابق. فتأزّمت الأمور ومنعها والدها من العودة مجدّداً".

وكشفت عودة عن أنّ "مريم كانت تزور جارة ذويها ليلة الحادثة بهدف رؤية والدتها، ثمّ عقد الصلح مع والدها عندما ينهي زوجها دوام عمله سائقاً في مجال التوصيل. وهي كانت قد أُبلغت بحسن نيّة والدها، والدور الذي لعبه شقيقها حسن في ذلك من خلال إثارة عواطفه انطلاقاً من أنّه سوف يصير جَدّاً. لكنّ أبو سلطان كان يخطّط لغدر الزوجَين، وترصّد لهما. وفور خروجهما من منزل الجارة، هرع في اتجاه ابنته وشهر سلاحاً حربياً في وجهها. سارع الزوج لحمايتها، لكنّ شقيقها سلطان أمسك به وانهال عليه بالضرب، فحاولت مريم الاختباء في كاراج مجاور يشبه الملجأ، غير أنّ والدها لحق بها وأطلق النار من الأعلى ليصيبها بطلقة في ظهرها وأخرى في كتفها، قبل أن ينزل صوبها ويصيبها في بطنها بهدف قتل الجنين".

وقالت عودة إنّ "والد مريم ظالم وسيّئ السمعة وبخيل، وقد كان يدفع زوجته إلى العمل في تنظيف المنازل، وابنه الكبير سلطان إلى العمل في بسطة وفي شطف سلالم الأبنية بعد انتهاء دوامه في المهنية"، مضيفة أنّ "أبو سلطان يعمل بدوره ناطوراً في مبنى، يضمّ مكاتب محامين وشركات، مقرّه أمام فرع المعلومات التابع لقوى الأمن الداخلي اللبناني. وعلى الرغم من ذلك، كان يمارس أبشع أنواع العنف والظلم والضرب والشتائم بحقّ زوجته وابنته الوحيدة على ثلاثة أشقاء، من دون أن يردعه وجود محامين وأجهزة أمنية في الجوار".

ولفتت إلى أنّ "المحامين في المبنى راحوا يطالبون مريم برفع دعوى ضدّ والدها، علماً أنّنا نسمع دوماً بأنّه يعمل مخبراً لدى لأجهزة الأمنية ولذلك فهو مدعوم"، موضحة أنّ الوالد "ما زال فاراً من وجه العدالة، فيما الشقيق سلطان أُوقف ثمّ أُفرج عنه من دون أن نعرف الأسباب".

وذكرت عودة أنّ "الولد كان قاسياً وظالماً بحقّ مريم، يشكّ فيها ويقمعها ويتبعها إلى مركز التجميل (حيث كانت تعمل) ويراقب تحرّكاتها. وقد تدخّلتُ مرّة لعلّه يرأف بها، فقال لي: أنا مسؤول عن تربية ابنتي فاهتمّي أنتِ بتربية بناتكِ، وعلى مريم أن تكون ممتنّة لي إذ سمحتُ لها بالعمل، ففي بيئتنا العمل في مركز تجميل هو لسيّئات السمعة".

وأسفت عودة لكلّ ما يُتداوَل من "شائعات واتهامات معيبة تمسّ الأعراض"، مؤكدة أنّ "مريم لم تذهب خطيفة مع زوجها بحسب ما يُشاع، ولم تتزوّج من دون رضا أهلها. وما ارتكبه أبو سلطان ليس جريمة شرف، علماً أنّ جريمة الشرف غير مبرّرة ولا بدّ من عدم لحظها في القانون. أمّا زوج مريم فهو محترم ومحبّ، وكان يعاملها معاملة حسنة، بخلاف ما كانت تعيشه من حرمان وقسوة في منزل والدها".

المساهمون