قلق أممي إزاء أحكام ضد مدافعين عن حقوق الإنسان في مصر

قلق أممي إزاء أحكام ضد مدافعين عن حقوق الإنسان في مصر

15 اغسطس 2023
هدى عبد المنعم وعائشة الشاطر ومحمد أبو هريرة متّهمون في قضية "التنسيقية المصرية" (فيسبوك)
+ الخط -

 

تفاعل خبراء في مجال حقوق إنسان تابعون للأمم المتحدة مع الأحكام التي أصدرتها السلطات المصرية ضدّ ثلاثة مدافعين عن حقوق الإنسان، في القضية التي تُعرف باسم "التنسيقية المصرية". وهؤلاء المعنيين هم المحامية الحقوقية وعضو مجلس حقوق الإنسان المصري سابقاً هدى عبد المنعم، والمدافعة الحقوقية عائشة الشاطر، والمحامي الحقوقي محمد أبو هريرة.

وقد تواصلت منظمة "لجنة العدالة" (كوميتي فور جاستس) مع الخبراء الأمميين، واستعرضت اليوم الثلاثاء، بعد حصولها على ردّ منهم، موقفهم من الأحكام الصادرة عن محكمة أمن الدولة العليا.

وفي مجمل ردّهم، أكد الخبراء، في مذكّرة أُرسلت إلى السلطات المصرية في 24 مايو/ أيار 2023، أنّ الثلاثة تعرّضوا لانتهاكات واسعة النطاق منذ لحظة إلقاء القبض عليهم، بدءاً من الإخفاء القسري وسوء المعاملة الجسدية الذي يرقى إلى حدّ التعذيب، مروراً بالحبس الانفرادي والمنع من الزيارات والإهمال الصحي المتعمّد، وانتهاءً بمحاكمة افتقرت إلى معايير المحاكمة العادلة المعترف بها دولياً.

وقد أشار الخبراء إلى أنّ نيابة أمن الدولة العليا وجّهت إلى الثلاثة تهمة قيادة منظمة إرهابية أو عضويتها أو دعمها، إلى جانب تلقّي أموال من جهات أجنبية.

وفي الخامس من مارس/ آذار 2023، أصدرت محكمة أمن الدولة العليا حكماً على الثلاثة في القضية رقم 1552/2018، وقضت بالسجن خمس سنوات بحقّ هدى عبد المنعم، فيما برّأتها من تهمة تلقّي أموال أجنبية من أجل تنفيذ أهداف جماعة إرهابية. أمّا المتّهمَان الآخرَان فقد حُكم عليهما بالسجن لمدد طويلة؛ عشر سنوات لعائشة الشاطر و15 سنة لمحمد أبو هريرة.

أضاف الخبراء أنّ الحكم تضمّن كذلك إدراج الثلاثة على قائمة الإرهابيين لمدّة خمس سنوات بعد انتهاء مدّة سجنهم، الأمر الذي يجعلهم مشمولين بحظر السفر وتجميد الأصول. كذلك سوف يخضعون لمراقبة الشرطة وذلك في إجراء احترازي يُطبَّق لمدّة خمس سنوات بعد انتهاء مدّة سجنهم أيضاً، مع إدراجهم والجهة التي ينتمون إليها (التنسيقية المصرية للحقوق والحريات) على "قوائم الإرهاب"، وإغلاقها وإزالتها من على مواقع التواصل الاجتماعي، ومصادرة المضبوطات من مكاتبهم.

قضايا وناس
التحديثات الحية

وشدّد الخبراء أنفسهم على أنّ المتهمين الثلاثة خضعوا للتحقيق من دون حضور محاميهم، كذلك لم يُسمَح للمحامين بالتحدّث إليهم في أثناء جلسات المحكمة، وكان في إمكانهم فقط رؤيتهم من وراء حاجز زجاجي، وفي الوقت نفسه لم يُسمَح لأفراد الأسر بحضور الجلسات.

وتابع الخبراء أنّ النيابة والمحكمة لم تحقّقا في مزاعم المتّهمين بالإخفاء القسري والتعذيب، كذلك اعتمدت المحكمة على سجلات من جهاز الأمن الوطني من دون استجواب الشهود، ولم تسمح للمتّهمين بالتحدّث في أيّ من جلسات الاستماع. وذكروا أنّ الأحكام الصادرة عن محكمة أمن الدولة العليا لا تخضع للاستئناف، ولرئيس الجمهورية وحده سلطة التصديق على الأحكام أو إلغاؤها أو تخفيفها أو الأمر بإعادة المحاكمة.

وأعرب الخبراء عن قلقهم الشديد من أنّ الادعاءات الخاصة بالثلاثة تمثّل الاستخدام المنهجي الحالي والمستمرّ لأطر القانون الجنائي ومكافحة الإرهاب في مصر لمعاقبة الفعل المشروع المتمثّل في الدفاع عن حقوق الإنسان من خلال التجريم والاحتجاز التعسفي للمدافعين عن حقوق الإنسان.

وكرّروا التعبير عن مخاوفهم من إساءة استخدام مستمرّة لتشريعات مكافحة الإرهاب والأمن القومي لتجريم الأنشطة المشروعة من قبل المدافعين عن حقوق الإنسان وغيرهم من المواطنين، بما في ذلك المحامين والصحافيين والجهات الفاعلة في المجتمع المدني بالبلاد للتأثير المروّع الذي أحدثته بالفعل.

ولفت الخبراء إلى مخاوف من معايير المحاكمة العادلة التي انتهكتها المحكمة الاستثنائية التي حُكم الثلاثة أمامها، وكذلك إدراجهم على لائحة الإرهاب، الأمر الذي ينتقص من حقوقهم الإنسانية.

في المقابل، اكتفت السلطات المصرية، في ردّها على المذكّرة، بطلب تمديد المهلة الممنوحة لها للردّ، مع عدم تقديم أيّ ردود قانونية حول أسباب اعتقال الثلاثة المدافعين عن حقوق الإنسان أو تقديمهم لمحاكمة استثنائية أو وضعهم على لائحة الإرهاب.

المساهمون