قصة طفل سوري نازح يجمع المخلفات لإكمال تحصيله العلمي في ريف إدلب

قصة طفل سوري نازح يجمع المخلفات لتدفئة إخوته وإكمال التحصيل العلمي في ريف إدلب

إدلب

عامر السيد علي

avata
عامر السيد علي
31 ديسمبر 2022
+ الخط -

يعيش اليافع عمر إسماعيل (16 عاماً) في خيمة صغيرة مهترئة شُيّدت على هضبة جبلية في مخيم التح الواقع غرب مدينة معرة مصرين شمال غربي سورية، مع والديه وأشقائه الخمسة؛ ثلاثة منهم يعانون من ضمور في الدماغ وهو أكبرهم سناً، في ظروف معيشية سيئة للغاية وفقر مدقع، حيث الجو ملوث بدخان المدافئ التي يستخدمها سكان المخيم في مواجهة برد الشتاء.

يجوب عمر يومياً الشوارع والتلال قاطعاً عدة كيلومترات بحثاً عن أي شيء قابل للاحتراق كالأعواد ونفايات الكرتون والبلاستيك، ولا يعود إلى خيمته حتى يمتلئ الكيس الذي يحمله على كتفه طيلة فترة المسير.

الصورة
حكاية نازح يجمع المخلفات (العربي الجديد)
يجمع عمر البلاستيك في كيس ويحمله على ظهره طوال فترة المسير (العربي الجديد)

يقول لـ "العربي الجديد": "أمشي يومياً حوالي خمسة كيلومترات لجمع النفايات للتدفئة، وهي ليست المسافة الوحيدة التي أمشيها فمدرستي في مدينة معرة مصرين تبعد أربعة كيلومترات عن المخيم وليس لدي خيار آخر سوى الذهاب والعودة مشياً على الأقدام".

ويتابع عمر وملامح التعب بادية على وجهه، "حتى أيام العطل المدرسية أستغلها بالذهاب للعمل مع جيراني في المخيم، الذين يعملون في أراضٍ زراعية كقطاف الزيتون أو جمع البطاطس وغيرها، وأحصل على أجرة يومية حوالي 45 ليرة تركية أعطيها لوالدي".

الصورة
حكاية نازح يجمع المخلفات (العربي الجديد)
شعور الحزن يسيطر على عمر إذا لم يستطع جمع البلاستيك الكافي للتدفئة (العربي الجديد)

يذهب عمر بمفرده لجمع النفايات ومن الممكن أن يلتقي بمجموعة من أصدقائه يعملون أيضاً بجمع النفايات البلاستيكية ويترافقون سوية. أصبح جمع النفايات بهدف التدفئة ظاهرة منتشرة في مخيمات النازحين شمال غربي سورية، لأسباب عدة أهمها الفقر، وارتفاع أسعار مواد التدفئة الصحية والأساسية مثل المحروقات والحطب، متجاهلين الأضرار التي تتسبب بها مواد البلاستيك للحصول على قليل من الدفء، فالبطانيات وحدها لا تفي بالغرض خاصة إن تبللت بمياه الأمطار المتسربة إلى داخل الخيام.

الصورة
حكاية نازح يجمع المخلفات (العربي الجديد)
لعمر خمسة أشقاء ينتظرون عودته هو أكبرهم سناً (العربي الجديد)

يشعر مهند إسماعيل والد عمر بالفخر بابنه لإصراره على طلب العلم ومساعدته المادية وحبه لإخوته الصغار، ويقول لـ"العربي الجديد": "كان عمر ابن ست سنوات عندما نزحنا من قريتنا الدرابلي بريف حماة منذ عشرة أعوام، ونشأ في حياة المخيمات القاسية وخاصة أننا تنقلنا لسنوات بين العديد من المواقع والمخيمات". 

الصورة
حكاية نازح سوري يجمع المخلفات (العربي الجديد)
التحصيل العلمي ومساعدة والده هو ما يشغل تفكيره (العربي الجديد)
قضايا وناس
التحديثات الحية

وأكد مهند أنّ "عمر يحب إخوته كثيراً ويخاف عليهم من البرد ويساعدني بالمال إن توفرت له فرصة عمل".

قصة عمر، واحدة من بين آلاف مآسي النازحين في مخيمات شمال غربي سورية التي تتفاقم عاماً بعد آخر. وكانت منظمة "الدفاع المدني السوري" (الخوذ البيضاء) قد حذرت، في بيان سابق، من تدهور الأوضاع المعيشية في المنطقة، مشيرة إلى أنّ انتهاء تفويض تمديد إدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى المنطقة ينذر بكارثة إنسانية.

وأوضح البيان أنّ انعدام الأمن الغذائي في مناطق الشمال السوري وصل إلى مستويات قياسية، إذ يعاني 80% من السوريين من انعدام الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 90% منهم تحت خط الفقر.

ذات صلة

الصورة
صائب جندية قائد منتخب فلسطين السابق انقلوا رسالتي كنازح

رياضة

روى قائد منتخب فلسطين السابق، صائب جنديّة (48 عاماً)، معاناته الكبيرة في قطاع غزة، بعدما أصبح نازحاً في مقر نادي اتحاد دير البلح، نتيجة تدمير منزله.

الصورة
سفرة العيد في بلدة جبالا السورية (العربي الجديد)

مجتمع

يُحافظ نازحون سوريون على تقليد متوارث يطلقون عليه "سُفرة العيد"، ويحرصون على إحيائه داخل مخيمات النزوح برغم كل الظروف الصعبة، وذلك فرحاً بالمناسبة الدينية.
الصورة
نازحو شمال غربي سورية (عدنان الإمام)

مجتمع

يعاني نازحو مناطق شمال غربيّ سورية الواقعة تحت سيطرة المعارضة من تراجع ملحوظ في المشاريع الخدمية والدعم المقدّم إلى القاطنين في المخيمات...
الصورة
المرأة السورية في المخيمات (العربي الجديد)

مجتمع

تعيش المرأة السورية المُهجّرة تحت وطأة معاناة كبيرة في ظل تحدّيات جمّة وأوضاع إنسانية مزرية تتوزع بين مرارة النزوح وقسوة التهجير في يوم المرأة العالمي.

المساهمون