فرحة الفلسطينيين أقوى من الاحتلال والحاجة

فرحة الفلسطينيين أقوى من الاحتلال والحاجة

22 ابريل 2023
رغم كل شيء أجواء العيد باقية في رام الله (عصام ريماوي/ الأناضول)
+ الخط -

يتقاضى كثيرون 80 في المائة فقط من رواتبهم منذ نحو عام ونصف، بسبب الأزمة المالية التي تعاني منها الحكومة الفلسطينية، ما دفع عدداً من النقابات والقطاعات إلى تنفيذ إضرابات نقابية للمطالبة بتحسين ظروف العمل. كما تعرضت مختلف القطاعات التجارية إلى خسائر فادحة بسبب الاقتحامات المستمرة التي تنفذها قوات الاحتلال، والتي تسببت في سقوط شهداء، وإضرابات، وأيام طويلة من الحداد، وكذلك من الحصار المفروض، وإجراءات إغلاق الطرق.
يحاول آدم قاسم (53 سنة) الذي يعمل في مشغل خياطة بالبلدة القديمة لمدينة نابلس، أن يوفر احتياجات عيد الفطر لأسرته التي تضم سبعة أفراد، لكنه يجد صعوبة بالغة في تحقيق هذا. يقول "لم يبقَ من معاشي إلا القليل، وأسعار الملابس والحلويات ارتفعت بشكل ملحوظ".

يقول قاسم لـ"العربي الجديد": "لم يقصّر صاحب مشغل الخياطة الذي أعمل فيه مع العمال الذين وعدهم بتوفير راتب أو جزء منه قبل العيد، رغم أنه تأثر كثيراً على الصعيد المالي من عدم قدرته على الإيفاء بتسليم منتجات في الوقت المحدد لشركات ومعارض ألبسة. أواجه متطلبات أسرية كثيرة، من بينها شراء ملابس العيد والكعك كي يشعر أبنائي بالفرح، ولا أعرف كيف سأتدبر أموري على صعيد العيديات".
ويخبر عناد حجازي (44 سنة)، وهو يملك معرضاً لبيع الملابس في مدينة جنين، "العربي الجديد"، أن "حركة البيع والشراء  ضعيفة رغم اقتراب العيد، ومن بين العوامل التي دفعت كثيرين إلى التردد في شراء احتياجات العيد، خاصة الملابس، الظروف الأمنية من جراء اقتحامات الاحتلال المستمرة، وسقوط شهداء في مواجهات تبعتها تدابير عقاب جماعي تمثلت في إغلاق طرق المدينة كلها بحواجز عسكرية. كثير من الزبائن لم يشتروا لأن الكسوة ليست أولوية، بل توفير الغذاء والدواء، وأسعار البضائع الجيدة مرتفعة لأنها مستوردة، ونحاول تضييق هامش الربح لاستقطاب الزبائن، ونتمنى أن تتحسن الظروف".
لا تتردد نهلة موسى (48 سنة) والتي تعمل كسكرتيرة في مكتب محاسبة وسط مدينة طولكرم، في إبلاغ "العربي الجديد" أنها لا تعرف كيف يمكنها تدبر أمور عائلتها في العيد، تقول: "لدي أربعة أبناء أكبرهم بنت في سنتها الجامعية الأخيرة، وأصغرهم في سن الـ15. ونظراً لمرض زوجي، يزور منزلنا أقارب وضيوف كثيرون، ما يحتم توفير ضيافة. في العيد يلزمنا كثير من الأغراض، وقد أنفقت كل راتبي في شهر رمضان. طلبت سلفة من العمل لشراء لوازم العيد، ولن أشتري إلا الضروريات، وبالحد الأدنى".

الصورة
صيحات اللحظات الأخيرة لبيع منتجات العيد (سعيد خطيب/ فرانس برس)
صيحات اللحظات الأخيرة لبيع أصناف العيد (سعيد خطيب/ فرانس برس)

من جهته، يُخطط مجدي يافع، الذي يتحدر من قرية بمحافظة طوباس، للسفر برفقة عائلته إلى مدينة العقبة الأردنية لقضاء عطلة العيد، لأن طقسها مناسب في هذا الوقت من العام، ويقول لـ"العربي الجديد": "نسافر مرة واحدة في العام، غالباً خلال إجازة أحد العيدين، ونقصد مناطق قريبة وتكلفتها متوسطة، لكننا لم نفعل ذلك منذ جائحة كورونا". يعمل مجدي منذ أكثر من 20 عاماً في شركة خاصة بمدينة رام الله، ويقول: "أتقاضى راتباً جيداً، وأنا ملتزم بكل واجباتي العائلية، ومن باب التغيير، أقصد خلال الإجازة مكاناً لمدة ثلاثة أيام، واخترنا هذه المرة فندقاً في العقبة".
أما السبعيني عبد الرحمن المهر، المزارع المتحدر من مدينة سلفيت، فيُبدي فرحته بالعيد الذي ينتظره للمّ شمل عائلته، وجمع أبنائه وبناته المتزوجين والمتزوجات مع أبنائهم على مائدة الغداء في أول أيام العيد، لكنه يُعرب عن خشيته من أن تمنع إجراءات الاحتلال عسكرية ذلك. يقول لـ"العربي الجديد": "نرجو من الله أن يُعين الناس الذين لا يعرفون كيف يواجهون الأزمات، سواء تلك الناتجة عن اعتداءات الاحتلال أو الغلاء. أبلغت أبنائي بضرورة الحضور. لم نعتد أن نستسلم للاحتلال، ولن نسمح بأن يعكّر فرحتنا بالعيد. سأعد لأولادي وليمة تليق بالمناسبة، وأوزع على أحفادي عيديات".

وفي وقت تعتمد كثير من العائلات المعوزة على المساعدات، يقول رئيس جمعية التضامن الخيرية في نابلس، علاء مقبول، لـ"العربي الجديد": "زادت أعداد الأسر التي انضمت إلى قوائم المساعدات، ومن أجل تكريس عدالة في التوزيع، ومحاولة الوصول إلى أوسع شريحة ممكنة، أعددنا سجلاً موحداً أشرفت عليه وزارة التنمية الاجتماعية. الجمعيات الخيرية تعتمد على ما يقدمه أهل الخير من الميسورون من صدقات وزكاة عينية ونقدية، إضافة إلى كفالات الأيتام، والجمعية افتتحت معرضاً للملابس والأحذية ستستفيد منه نحو 5 آلاف عائلة في محافظة نابلس، وتعمل مؤسسات وجمعيات أخرى على توزيع المواد الغذائية، ومنح أشخاص يتكفلون بأيتام مبالغ مالية".

المساهمون