"سكبة رمضان" في درعا.. تقليد اجتماعي يتجه إلى الاندثار

"سكبة رمضان" في درعا.. تقليد اجتماعي يتجه إلى الاندثار

13 مارس 2024
السكبة عادة سورية قديمة في رمضان (العربي الجديد)
+ الخط -

لكل مجتمع عاداته وتقاليده في شهر رمضان، والتي تعمل على التكافل والتراحم بين الأفراد. ومن أبرز هذه العادات في سورية "سكبة رمضان"، التي عانت كما يعاني الأهالي من تدهور الأوضاع الاقتصادية والهجرة والنزوح.

وسكبة رمضان عادة سورية قديمة يتبادل خلالها الجيران وأهل المنطقة والأهالي قسما من طعام إفطارهم، وكانت في الماضي مليئة بأطايب الطعام، لكن مع تغير الأوضاع أصبحت شحيحة ولا تقدم إلا إلى القلائل. 

شهر رمضان وتبادل الطعام

يقول أبو اليمان الحربي، القاطن في الريف الشرقي لمحافظة درعا، لـ"العربي الجديد": "ربما تكون ظاهرة الاهتمام الكبيرة بالطعام من ثوابت هذا الشهر الكريم، وكذلك صناعة الحلويات المختلفة التي تتميز بها المحافظة، واللافت للنظر أن عمليات تبادل الطعام بين الأسر كانت تتم على نطاق واسع قبيل موعد الإفطار، فترى حركة الناس نشطة بين البيوت المتقاربة، بينما خفت هذه العادة في الآونة الأخيرة نتيجة شح الإمكانيات المادية، فالأطباق الرمضانية أصبحت متواضعة وبكميات قليلة ولا تسمح بالتبادل".

فيما يضيف أبو محمد (70 عاماً)، المدرس السابق في مدارس مدينة درعا: "إن من مظاهر شهر رمضان أيام زمان المسحراتي، وهو الشخص الذي يجوب الليل بين البيوت قبل موعد السحور، يضرب على الطبل المعلق في رقبته ليوقظ الأهالي لتناول طعام السحور، وقد علقت شخصية المسحراتي رغم اختفائها كإحدى مظاهر الشهر الكريم في ذاكرة المجتمع، وبقي صدى عبارته (يا نايم وحد الدايم) عالقاً في أذهان الكبار والصغار، لكنها انتهت مع الوقت، حيث استعاض عنها الصائمون بالمنبهات".

قضايا وناس
التحديثات الحية

ويضيف أبو محمد: "من مظاهر الشهر الكريم أيام زمان النشاط الاجتماعي وتبادل الزيارات بعد الإفطار حصراً وخروج الأولاد للعب في الشوارع والساحات، وقد خفت هذه الظواهر بدخول الكهرباء والتلفاز إلى البيوت، ومن ثم وسائل التواصل الاجتماعي التي زادت عزلة الإنسان عن محيطه، فاختفت ظاهرة التعليلة".

ويؤكد أبو محمد، في معرض حديثه عن المقارنة بين الماضي القريب والحاضر، أن "التحضيرات لعيد الفطر أيام زمان كانت تجري منذ الأيام الأولى لرمضان، وهذا يتعلق بأمرين، الأول صناعة الحلويات، وخاصة خبز العيد، والثاني تجهيز الثياب الجديدة، خاصة للأطفال، وقد خفت هذه الظواهر الآن، وصار الاعتماد على شراء الحلويات والثياب الجاهزة، وهو ما أفقد العيد جزءاً من التقاليد وروح المناسبة".

كما يرى أبو محمد أنه "إذا أردنا الحديث عن رمضان زمان ورمضان اليوم، فسنتحدث عن مجتمع تفككت روابطه الاجتماعية وزادت عزلة أفراده بسبب التطور المتسارع للحياة التي تسعى دائماً لفرض نموذج واحد، وتعميم أسلوب اقتصادي وقيمي، وبالتالي رفع الخصوصية وتفكيك الروابط القوية التي كانت تشد عناصر المجتمع، دون أن ننسى ما فعلته سنوات الحرب".

وحول أهم الأطباق التي تزين المائدة في الإفطار، تقول السيدة أم عبد الله إنها "متنوعة، وهي من تراث حوران، مثل المليحي والكبسة وصينية البطاطا بالدجاج والشاكرية والفتة والسلطات بكل أنواعها وشوربة العدس، بالإضافة للعصائر والتمر"، أما عن السحور، فـ"الجبنة واللبن والمربيات والبيض، وما بقي من طعام الفطور". 

وتضيف أم عبد الله: "على الرغم من الحالة الاقتصادية الصعبة التي تمرّ على أهالي المحافظة، إلا أن شهر رمضان يكثر فيه الخير، ومن الصعب أن تجد عائلة لا تملك قوت يومها في هذا الشهر ولو بالحد الأدنى".

فيما يقول سيف ح. وهو صاحب محل بقالة، إن "الناس يعتمدون على الخضروات بشكل عام، مثل البطاطا والبندورة والملفوف والكوسا، إلا أن أسعارها مرتفعة بشكل كبير هذا العام، ما يجعل الناس تأخذها بكميات قليلة، بينما كانوا سابقاً يأخذونها بالصناديق، والقدرة الشرائية للمواطنين بحدها الأدنى، ما يجعل الحديث عن اللحوم بأنواعها رفاهية، ولذلك غابت أو خفت عادة سكبة رمضان".

المساهمون