المحكمة العليا الإسرائيلية: لا تدخّل في ملف مقبرة القسام في حيفا

المحكمة العليا الإسرائيلية: لا تدخّل في ملف مقبرة القسام في حيفا

29 نوفمبر 2021
على هامش جلسة اليوم (متولو وقف الاستقلال)
+ الخط -

رفضت المحكمة العليا الإسرائيلية، اليوم الاثنين، الاستئناف الذي تقدّم به أهالي وأقارب المتوفّين المدفونين في مقبرة القسام (نسبة إلى الشهيد عزّ الدين القسام) الإسلامية بقرية بلد الشيخ المهجّرة في قضاء حيفا، في ما يتعلّق بقضية إلغاء مصادرة جزء من المقبرة وبيعه، كونها "قضية تاريخية". وكانت المحكمة المركزية في حيفا قد ردّت، في وقت سابق، القضية التي تقدّم بها المعنيّون المشار إليهم لإلغاء اتفاقية البيع بين سلطة التطوير وشركة "كيرور أحزكوت" لنحو 14 دونماً من المقبرة ثبت وجود قبور فيها، وإلغاء اتفاقية التبادل والتعويض بين متولّي وقف الاستقلال وسلطة التطوير.

وطالبت المحكمة متولّي وقف الاستقلال بالتفاوض مع مؤسسات الدولة لإيجاد حلّ للدونمات التي بيعت في خمسينيات القرن الماضي إلى "كيرور أحزاكوت"، بحسب ادّعائها. يُذكر أنّ ملف المقبرة يُتداول في المحاكم منذ أكثر من 11 عاماً، بهدف حلّ الخلاف مع شركة الاستثمار الإسرائيلية، ويطالب أهالي وأقارب المدفونين هناك بالحفاظ على أضرحة هؤلاء وعدم المساس بحرمة المقبرة.

يقول المحامي حسان طباجة، وكيل أهالي وأقارب المتوفّين المدفونين في مقبرة القسام: "قدّمنا التماساً باسم الموكّلين اعتراضاً على عمليات بيع شركات خاصة منذ الخمسينيات. في السابق، كانت ثمّة إجراءات قانونية لإلغاء الاتفاقيات". يضيف أنّ "الأهالي والأقارب طالبوا بالمحافظة على أضرحة موتاهم في المقبرة، وانتقدوا كيفية بيعها"، متسائلاً: "هل يحقّ للدولة بيع قبر لشركة استثمار؟". ويتابع طباجة أنّ "المحكمة رأت أنّ هذا الموضوع تاريخي وطالبت متولّي وقف الاستقلال بالتفاوض مع الدولة، رافضة التدخّل في هذا الملف"، مشدّداً على أنّ "الحل واضح وهو استعادة حرمة المقبرة، بالتالي يتعيّن على الدولة العثور على أرض لاستبدالها مع الشركة".

من جهته، يقول المحامي عمر خمايسي من مؤسسة "ميزان لحقوق الإنسان"، التي تتولّى المرافعة عن متولّي وقف الاستقلال، إنّ "المتولّين هم المدّعى عليهم، وقد انضممنا إلى ادّعاءات الأهالي. لا يمكن التلاعب بالأوقاف الإسلامية". يضيف خمايسي: "إذا كان ثمّة تلاعب من قبل المتولّين في الخمسينيات والستينيات، فلا بدّ من أن يُبحَث هذا الموضوع بعمق. والأرض تعود إلى المتولّين"، مشدّداً: "نحن مع الأهالي، وأكّدنا وقوفنا معهم".

ويؤكّد خماسية أنّ "المحكمة تتفنّن في التهرّب. فهذه الدولة تعمل على سرقة الأوقاف الإسلامية والمسيحية وغيرها. هذا لا يعني أنّنا نرفع الراية البيضاء. سوف نستمرّ في المعركة على كلّ شبر. فهذه القضية تدور في المحاكم منذ أكثر من 11 عاماً. وسوف نستمرّ في المفاوضات مع الدولة ونحاول الحصول على منفذ لوقف الاستقلال". ويلفت إلى أنّ القضاة يتهرّبون من الحقيقة. المحكمة تسمح بنبش القبور لكنّها لا تسمح بنبش التاريخ".

في سياق متصل، يقول الشيخ فؤاد أبو قمير، وهو من متولي وقف الاستقلال في حيفا: "لا نسمح بالمساس بالمتوفين والاعتداء عليهم. ثمّة تدنيس واعتداء صارخَان من قبل المؤسسة الإسرائيلية، ونعتقد أنّ شركة كيرور أحزاكوت هي التفاف للمؤسسة. نحن متمسّكون بقرار الأهالي الحفاظ على القبور وعدم المساس بالمتوفين وحرمة المقبرة". ويؤكد أنّ "المقبرة إسلامية وعملية البيع غير قانونية وباطلة منذ البداية". يُذكر أنّ متولي وقف حيفا يؤكدّون أنّ أراضي الوقف لا تُشترى ولا تُباع، وأنّ الصفقة المذكورة باطلة ومشبوهة، مشيرين إلى مهمة لتحرير وقف حيفا من محاولات الاستيلاء عليه.

تجدر الإشارة إلى أنّ مقبرة عزّ الدين القسام، التي تمتدّ على 47 دونماً، تقع في قرية بلد الشيخ التي هُجِّرت في عام النكبة (1948) وتقع جنوب شرق مدينة حيفا، على بعد سبعة كيلومترات. واليوم يُطلق على القرية، التي تُعَدّ يهودية، اسم "نيشر"، فيما تعرّضت المقبرة إلى اعتداءات ومحاولات لمصادرة أرضها. وراحت تُتداول قضية المقبرة في المحاكم الإسرائيلية بعدما ادّعت شركة إسرائيلية أنّها اشترت جزءاً منها (14 دونماً) من "دائرة أراضي إسرائيل" أو سلطة التطوير، وفق اتفاقية أولية في خمسينيات القرن الماضي، تلتها اتفاقيات في أوقات لاحقة. ويُقال إنّ الجزء الذي اشترته خالٍ من القبور، الأمر الذي يُشرعن الصفقة. يُذكر أنّ هدف الشركة كان بناء مشاريع استثمارية على جزء من أراضي المقبرة، بيد أنّها قوبلت برفض شديد من قبل العرب الفلسطينيين في أراضي 48 الذين تصدّوا شعبياً وقضائياً لمصادرة وبيع مقبرة القسام.

المساهمون