الشتاء... معاناة نازحي العراق للعام الثامن

الشتاء... معاناة نازحي العراق للعام الثامن

22 أكتوبر 2022
تنتظر الأسوأ (مرتضى السوداني/ الأناضول)
+ الخط -

مع بداية موسم الأمطار، تظهر معاناة النازحين في المخيمات العراقية أكثر فأكثر، إذ يقضون عامهم الثامن في ظروف بائسة، في ظل انعدام الحد الأدنى للخدمات والعيش الكريم، وسط مطالبات بإنهاء هذا الملف وإعادة النازحين إلى مناطقهم الأصلية أو توفير المستلزمات الضرورية لهم، فيما تتنصل وزارة الهجرة والمهجرين العراقية من مسؤوليتها. 

وما زالت عشرات آلاف الأسر العراقية غير قادرة على العودة إلى منازلها، بحسب وزارة الهجرة والمهجرين في بغداد. وأكدت إحصائيات سابقة وجود 37 ألف عائلة في مخيمات النزوح، مؤكدة أنّ غالبية النازحين يقطنون في مخيمات إقليم كردستان

ولا تدرج الوزارة النازحين المقيمين خارج المخيمات ضمن إحصائياتها، وتقدم المساعدات إلى نازحي المخيمات حصراً، بينما يقدر إجمالي النازحين خارج المخيمات بأكثر من 750 ألفاً يقيمون في مجمعات سكنية على نفقتهم الخاصة في بلدات عدة بأربيل والسليمانية، فضلاً عن بغداد والأنبار وغيرها.

ولم تستطع الحكومات المتعاقبة بعد عام 2014، وهو العام الذي اجتاح تنظيم "داعش" في صيفه عدداً من المحافظات، حسم ملف النزوح، لأسباب متعددة، يتعلق بعضها بسيطرة الفصائل المسلحة على عدد من المناطق الأصلية للنازحين ومنعهم من العودة، وأخرى خدماتية تتعلق بتعرض منازلهم للهدم والسلب، من دون تعويضات حكومية، إذ إنّ ملف إعمار المناطق المهدمة التي نزح أهلها ما زال عالقاً، ولم يتمّ تأهيل أغلبها.

ويواجه النازحون تحديات كبيرة خلال فصل الشتاء وإهمالاً من قبل الجهات المسؤولة. وتؤكد وزارة الهجرة والمهجرين استكمال الاستعدادات في مخيمات النازحين لفصل الشتاء، إلا أنها تتنصل من المسؤولية في حال عدم وصول الدعم إلى العائلات.

وقال المتحدث باسم الوزارة، علي جهاكير، في تصريح لوكالة محلية، الأربعاء الماضي، إنّ "هناك إجراءات سنوية تتخذها وزارة الهجرة في فصل الشتاء، من خلال تقييم وضع المخيمات، ومخاطبة الشركة العامة لتوزيع المنتجات النفطية بضرورة الإسراع بتوزيع النفط الأبيض بهدف تأمين التدفئة للعائلات التي تقطن المخيمات".

أضاف: "وجّه وزير الهجرة والمهجرين (عثمان الغانمي) بتقييم احتياجات العائلات في ما يتعلق بالملابس الشتوية، والعمل جارٍ على رصد هذه الأعداد وإحصائها. وخلال أيام، ستُوزَّع المواد الغذائية على العائلات في المخيمات. كذلك جهزت خيام لمواجهة حالات الطوارئ في المخيمات، وخصوصاً في محافظة دهوك التي تتعرض لحرائق نتيجة الإهمال أو التماس الكهربائي"، مؤكداً أنّ "الوزارة تعمل الآن على إغلاق مخيمين في محافظة السليمانية ودمجهما، وتسهيل عملية العودة إلى ساكنيهما الذين هم من أهالي جنوب صلاح الدين".

وأشار جهاكير إلى أنّ "بعض العائلات تخشى العودة إلى مناطقها الأصلية بسبب غياب الأمن فيها، بالإضافة إلى عدم توافر فرص العمل والدمار الذي لحق ببيوتهم"، عازياً تراجع نسبة عودة النازحين في هذه الفترة إلى "بدء العام الدراسي. فالعودة حالياً بطيئة ونسبتها لا ترتقي إلى مستويات عالية".

وأضاف أنّ "وزارة الهجرة خاطبت ووجهت وزارة النفط على هامش اجتماع اللجنة العليا برئاسة الوزير بتوزيع المنتجات النفطية بأسرع وقت ممكن، وفي حال التلكؤ في العمل، ليس لوزارة الهجرة أي ذنب، ولكن كاستحضارات، فإنّ الوزارة وجهت الجهات الساندة".

أما توفير الملابس، بحسب جهاكير، فإنّ "تحضيرها يستغرق شهراً إلى شهرين، ويعود سبب هذا التأخير إلى التخصيصات المالية، حيث أثرت الأزمة المالية بعمل الوزارة بنسبة مئة بالمائة، كذلك إنّ عدم إقرار الموازنة أثّر بأداء الحكومة عموماً، ووزارة الهجرة والمهجرين جزء منها".

من جهته، انتقد الناشط المدني في مجال حقوق الإنسان، همام الحمداني "الإهمال الحكومي لملف النازحين"، وقال لـ"العربي الجديد": "من غير المعقول أنّ أزمة آلاف العائلات العراقية ما زالت مستمرة في مخيمات النزوح للعام الثامن على التوالي"، مبيّناً أنّ "الملف مهمل من قبل الجهات المسؤولة، ومن غير المعقول أن تستمر هذه المعاناة بلا حلول".

وشدد على أنّ "التقصير الحكومي يتمثّل بعدم حسم إعادة النازحين إلى مناطقهم التي سيطرت عليها المليشيات، وعدم توفير الخدمات والدعم للعائلات في مخيمات النزوح"، مؤكداً أنه "يجب أن تكون هناك حلول على الأقل تخفف معاناة النازحين في المخيمات مع حلول الشتاء".

ووصف الحمداني حال المخيمات بأنّه "مأساوي، ولا يمكن السكن فيها، وأي تساقط أمطار سيؤدي إلى غرق معظم المخيمات، التي ستكون مرتعاً للأمراض والجوع والعوز"، منتقداً استمرار التجاهل الحكومي لهذا الملف.

وكانت الوزارة قد أعلنت، في تصريحات سابقة، صعوبة إنهاء المشاكل التي تمنع إعادة النازحين إلى مناطقهم الأصلية، على الرغم من مرور 8 سنوات على نزوحهم القسري.

المساهمون