أهالي الإسكندرية يعزلون أسطح المباني خشية الأمطار

أهالي الإسكندرية يعزلون أسطح المباني خشية الأمطار

06 أكتوبر 2023
معظم أسطح مباني الإسكندرية تحتاج إلى العزل قبل الشتاء (محمد الشاهد/ الأناضول)
+ الخط -

في صباح يحمل نسمات خريفية، وقف الخمسيني حمدي أبو الفتوح، وهو أب لثلاثة أبناء في مراحل عمرية مختلفة، والساكن في الطابق الأخير من عقار في الإسكندرية، شمالي مصر، خلف النافذة ينظر إلى خارجها. ويخشى، حاله حال سكان الطوابق الأخيرة في الإسكندرية، من تساقط المطر في بداية الخريف، ما قد يبشر بهطول أمطار غزيرة ومدمرة لأسقف المباني المتهالكة، ومنها سقف منزله القديم حيث تتعرض المدينة الساحلية لنحو 18 نوة (ظاهرة مناخية يحدثُ فيها هبوب شديد للريح، وهو ما يُثير اضطراب البحر، وقد تشمل أمطاراً غزيرة تتبعها سيول وارتفاع في موج البحر، وهي ظاهرة طبيعية مرتبطة بتغيرات الطقس وفصول السنة).
هذا القلق يرافقه كلما اقترب فصل الشتاء، إذ كثيراً ما عانى بسبب تسرب مياه الأمطار إلى داخل المنزل من خلال السطح، الأمر الذي يؤدي إلى تضرر أثاث بيته والأدوات الكهربائية. وترافق القلق مع تعرّض محافظتا الإسكندرية ومرسى مطروح منذ الساعات الأولى من صباح أمس لأمطار غزيرة، وسط توقعات باستمرار الأمطار وانخفاض درجات الحرارة وفقاً لهيئة الأرصاد الجوية. ورفعت السلطات والجهات المعنية حالة الطوارئ للتعامل مع مياه الأمطار في الشوارع لتيسير الحركة المرورية أمام المواطنين، كما خصصت أرقامًا للطوارئ لتلقي شكاوى المواطنين حول تراكمات المياه.
وعلى الرغم من ادخار أبو الفتوح مبلغاً مالياً، إلا أنه لم يكن كافياً لتحمل تكاليف عملية عزل سقف منزله قبل الشتاء، وكان يعلم أن السماء الرمادية تراقبه، وفي حال لم يتخذ إجراءً عاجلاً، سيجد نفسه مرة أخرى يواجه تسرب المياه. 
ومع حلول شهر تشرين الأول/ أكتوبر من كل عام، لا حديث في البيوت والمقاهي وصفحات التواصل الاجتماعي يعلو فوق حديث البحث عن عمال العزل المحترفين لصيانة أسطح المباني قبل بدء الشتاء، حيث تتعرض المدينة الساحلية لنحو 18 نوة، تصاحب معظمها أمطار غزيرة ورياح وعواصف شديدة.
ويسعى أهالي الإسكندرية وخصوصاً سكان الطوابق الأخيرة، إلى حماية وحداتهم السكنية من تأثيرات الأمطار الغزيرة، والتي تؤثر سلباً على أسقف المباني، والبحث عن وسائل للتعاقد مع عمال العزل لتأمين وحداتهم السكنية والحفاظ على سلامتها، ويشمل ذلك فحص الأسطح وإصلاح أي تلف أو تسرب قائم، بالإضافة إلى تطبيق عوازل مائية عالية الجودة لتقليل فرص تسرب المياه.
وتقول فاطمة عبد الرحمن، القاطنة في الطابق الأخير بأحد مباني منطقة الرمل بالإسكندرية، لـ"العربي الجديد": "نعيش في محافظة تشهد هطول أمطار غزيرة خلال فصل الشتاء. لذلك، فإن الاهتمام بعزل الأسطح يعد ضرورياً لحماية وحداتنا السكنية والحفاظ على سلامتها، وتشير إلى أنه على الرغم من التكاليف الإضافية المرتبطة بعملية العزل، يعتبر سكان الإسكندرية هذا الاستثمار ضرورياً لحماية وحداتهم السكنية والممتلكات الداخلية في مواجهة الظروف الجوية القاسية.
وتؤكد أن الإجراءات الوقائية مهمة للغاية للحد من تسرب المياه وتلف الهيكل الداخلي للمباني، ويعد العزل الجيد للأسطح أحد هذه الإجراءات التي يتعين اتخاذها، إذ يمكن لتسرب المياه أن يتسبب في تلف الأسقف، ويؤدي إلى تكون الرطوبة والعفن، وهو ما يشكل خطراً على حياة السكان والمبنى.

قضايا وناس
التحديثات الحية

أما الثلاثيني مينا ناجي، القاطن في الطابق الأخير من أحد مباني منطقة فيكتوريا بالإسكندرية، فيقول لـ"العربي الجديد": "راتبي بالكاد يكفي لتأمين الطعام والشراب، ولا يمكنني اللجوء إلى الشركات وعمال العزل. لذلك، توليت وضع العزل بنفسي بهدف تقليص التكاليف". يضيف: "لجأت إلى فيديوهات على يوتيوب كمصدر للتعلم والإرشادات. ونظراً إلى الكثافة الكبيرة للمعلومات المتاحة على الإنترنت، وجدت العديد من الفيديوهات التعليمية التي تشرح بالتفصيل كيفية تنفيذ عمليات العزل بشكل صحيح وفعال، وبدأت بمشاهدة الفيديوهات والتعلم عن المواد المستخدمة والأدوات المطلوبة والخطوات اللازمة".
يُتابع: "على الرغم من أنني لست محترفاً في مجال البناء أو العزل، إلا أنني كنت مستعداً للتحدي وتنفيذ العزل بنفسي. اشتريت المواد اللازمة وجمعت الأدوات المناسبة، وطبقت ما تعلمته خطوة بخطوة. وعلى الرغم من أن الأمر كان يتطلب بعض الجهد والوقت، إلا أن النتائج كانت جيدة وأنا فخور بما تحقق. تمكنت من تقليص الكلفة بشكل ملحوظ وتنفيذها بنجاح، وأعتقد أنه كان قراراً صائباً".

تشهد الإسكندرية أمطاراً غزيرة شتاء (إبراهيم رمضان/ الأناضول)
تشهد الإسكندرية أمطاراً غزيرة شتاء (إبراهيم رمضان/ الأناضول)

أما الحاج رضوان الفولي، وهو صاحب إحدى شركات عزل الأسطح بالإسكندرية، فيقول لـ"العربي الجديد": "مع حلول الشتاء، لا بد من الصيانة الدورية للأسطح وتطبيق العوازل المائية المناسبة، بالإضافة إلى تنظيف الأنابيب والصرف الصحي لتجنب انسدادها والتأكد من عدم تراكم المياه في المناطق المنخفضة بالقرب من المباني". يضيف: "تعزيز المقاومة البيئية للمباني يعد أمراً هاماً لتحقيق استدامة المدينة وحماية سكانها، وخصوصاً مع تزايد المشاكل البيئية وتغير المناخ. ونحن كعمال وشركات في مجال عزل الأسطح، نعتبر هذا التوقيت من العام فرصة لتحقيق دخل جيد يساعدنا على تغطية مصاريف المعيشة خلال بقية العام".
يتابع: "في هذا الموسم، يكثر الطلب على خدماتنا بسبب الحاجة الملحة لعزل الأسطح قبل حلول فصل الشتاء، ويعتبر العمل في مجال العزل موسمياً، ونجد في هذه الفترة فرصاً متاحة لنا لتنفيذ عمليات العزل على نطاق واسع".
من جهته، يقول أحمد الحداد، وهو أحد عمال عزل الأسطح: "ندرك تماماً أن عدم وجود عمل منتظم لنا خلال بقية العام يمكن أن يكون تحدياً كبيراً في تغطية مصاريفنا الشخصية ومصاريف أسرنا. لذلك، نعمل بجد ونستغل هذا الموسم لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من الفرص المتاحة".
يضيف: "نحرص على الاستفادة القصوى من فترة العمل هذه لتحقيق دخل كافٍ يمكننا من تلبية احتياجاتنا المالية طوال العام، ونعمل بأقصى قدر من الكفاءة والاحترافية لتلبية احتياجات العملاء وضمان رضاهم".

وعن أسلوب العزل والمواد المستخدمة، يقول: "عادة ما تكون هناك الكثير من المخلفات الموجودة على أسطح المنازل في كل مكان. وقبل البدء في عزل الأسطح، لا بد من إزالة تلك المخلفات ثم إزالة البلاط الموجود على الأسطح، وكل ما يعيق وضع العزل، فالحرص على تنظيف الأسطح من أولى خطوات نجاح العزل". ويضيف: "عقب ذلك، لا بد من التأكد من عدم وجود شقوق في الأسطح. وفي حال وجدت، ينبغي إصلاحها قبل بدء العزل".
يتابع قائلاً: "لا بد من معالجة الانحناءات التي تحدث عندما تلتقي الأرضيات بالجدران. وبعد التأكد من إنشاء مصارف للمياه، نبدأ المرحلة الأولى لعزل الأسطح، والتي تتمثل في وضع مياه على السطح، ثم الجهانات الإسمنتية". وعن الأسعار، يقول إنها "تختلف من مكان إلى آخر ومن وقت إلى آخر. في الوقت الحالي تبدأ من 15 ألف جنيه (الدولار يساوي 30 جنيهاً) لتغطية مساحة لا تزيد عن 100 متر". 

المساهمون