العائلة في صدارة العنف المسلّط على أطفال تونس

 العائلة في صدارة العنف المسلّط على أطفال تونس

29 يناير 2021
هدف "جمعية الشارع فن" تفكيك ظاهرة العنف من خلال الإبداع (فيسبوك)
+ الخط -

ناقش، اليوم الجمعة، عدد من المختصّين في الطب النفسي ظاهرة العنف المسلّط على الأطفال في تونس، مؤكّدين أنّ العنف المعنوي يحتلّ صدارة أشكال العنف المسلّط على الأطفال في البلاد، إذ يتعرّض 80 بالمائة من الأطفال إلى شكل من أشكال العنف سواء الأسري أو المدرسي أو في الشارع، وتُعتبر العائلة التي من واجبها حماية الطفل، المصدر الأول في ممارسة العنف على الأطفال.
 و أطلق المختصّون في مؤتمر صحافي، اليوم الجمعة، صفارة الإنذار داعين لحماية الأطفال،  وإشراك المجتمع المدني لإيجاد الآليات اللازمة التي تحمي الطفولة من أيّ مصدر من مصادر التهديد.
 وأعلنت "جمعية الشارع فن" وهي جمعية تعمل على تنمية المهارات لدى الأطفال، عن مبادرتها لمقاومة العنف المسلّط على الأطفال بالفن من خلال تجربتها مع بعض المدارس حيث طالبت بتعليم الأطفال بعض الفنون ما يسمح لهم بالتعبير والانسجام مع المحيط.

وأكدّت الأخصائية في الطب النفسي للأطفال بمستشفى المنجي سليم الحكومي بالعاصمة، أحلام بالحاج، أنّه حان الوقت لتفكيك ظاهرة العنف المسلّط على الأطفال، خاصة أنّ إحصائيات وزارة المرأة أظهرت أنّ 80 بالمائة من الأطفال في تونس تعرّضوا إلى أحد أشكال العنف، و22 بالمائة منهم تعرّضوا إلى عنف شديد. وأضافت أنّ دراسة  قاموا بها في "مستشفى المنجي سليم"، كشفت أنّ 90 بالمائة من الأطفال تعرّضوا لأحد أنواع العنف وأنّ الأرقام قد تكون أكبر.
وأضافت بالحاج لـ " العربي الجديد" أنّ العائلة التونسية تعيش صعوبات عدّة، خاصة مع تردّي الوضع الصحي في ظلّ جائحة كورونا. لكن من واجب العائلة  حماية الطفل، لا أن تكون مصدر تهديد، فتحتلّ الأسرة صدارة الأماكن التي يواجه الأطفال العنف فيها، تليها المدرسة ثم الشارع. وأكّدت بالحاج أنّ "الطفل يجب أن يكون محمي في هذه الفضاءات ولكن للأسف تحوّلت هذه الأماكن إلى مصدر للعنف".
وأشارت إلى أنّ "الانعكاسات الاجتماعية والنفسية للعنف كبيرة، ويؤثر ذلك على النمو العاطفي للطفل وعلى سلوكه، ويؤدي في حالات كثيرة إلى عدّة مشاكل نفسية كما إلى الانتحار، وبالتالي فإنّ حماية الأطفال تكون بالوقاية أي بحمايتهم قبل حصول العنف، وهو ما يتطلب مرافقتهم وإشراكهم في الأنشطة الإبداعية التي تساعدهم على تطوير مهاراتهم". 
 وقال رئيس الجمعية التونسية للدفاع عن حقوق الطفل، معز الشريف، في تصريح لـ" العربي الجديد" إنّ "العنف المسلّط على الأطفال ظاهرة عالمية، ولكن الدول الفقيرة قد تعاني منها أكثر، ومنها تونس التي تعيش مرحلة انتقال ديموقراطي". وأوضح أنّ انشغال الدولة ببعض الأولويات أدّى إلى تهميش فئة الأطفال حيث غابت الاستراتيجيات والحلول البديلة التي تهتم بالطفولة.
وأضاف الشريف أنّ الأجيال تنمو وتكبر وبالتالي قد تلجأ للنمط الإجتماعي ذاته الممارس عليها أي إلى العنف، مؤكداً أنه لابد من اتفاق مجتمعي للإهتمام بالأطفال المعنّفين. وأشار إلى أنّ هذه المسؤولية تتحملها جميع الأطراف من دولة ومجتمع مدني، والأهم هو الوقاية من السلوكيات المتطرّفة تجاه الأطفال، مضيفاً أنّ العنف المسلّط على الأطفال مرفوض مهما كان شكله ولا يمكن تبرير أيّ سلوك عنيف.    
ويرى المندوب العام لحماية الطفولة بوزارة المرأة، مهيار حمادي، أنّ العنف المعنوي في صدارة أشكال العنف المسلّطة على الأطفال في تونس، مؤكداً أنّه تمّ تسجيل 6600 حالة عنف على الأطفال خلال عام 2019، وأنهم تلقوا خلال السنة ذاتها 1100 إشعاراً ( مكالمة) من مختلف المحافظات التونسية للإبلاغ عن حالات عنف وتهديد للطفولة، وهي نسبة كبيرة. وأشار حمادي إلى أنّ العنف موجود داخل العائلة  وفي المحيط التربوي، وأنّه هناك أطفالاً يمارسون العنف ضدّ بعضهم البعض، وهو ما يتطلّب إشراك الطفل في الحوار والاستماع إليهم وتمكينهم من المشاركة في الأنشطة الفنية والإبداعية بمختلف مجالاتها.

و أضاف في تصريح لـ"العربي الجديد " أنّ حماية الأطفال من العنف هو دور مختلف مكوّنات المجتمع المدني ومسؤولية مختلف المؤسسات التي تُعنى بالطفولة. وأضاف أنّ النوادي قد تساهم بشكل ما في استقطاب الأطفال وإشراكهم في بعض الأنشطة التربوية والفنية ولكن دورها تراجع كثيراً في السنوات الأخيرة، وهي تبقى غير كافية لحماية الأطفال من التهميش والعنف، ولا بد من تعميم بعض البرامج التي من شأنها أن تشجّع الأطفال على الإبداع والتعبير. 

وأكدّت الأخصائية النفسية، زينب عباس، أنّه لا بد من تشجيع الأطفال على الأنشطة حيث أظهرت التجارب أنه يمكن معالجة الكثير من المشاكل بالأنشطة، سواء كانت فنية أو إبداعية، مع ضرورة تطوير مهارات الطفل.
وأضافت أنه لا توجد أنشطة رياضية وإبداعية في العديد من المعاهد، ولا بد من ورشات عمل فنية مفتوحة وتشاركية مع التلاميذ.
ولفتت إلى أنّ أهمية المشروع الذي قامت به "جمعية الشارع فن"، يقوم على اختيار إحدى المدارس، ويعمل التلاميذ المشاركين فيها على تبادل الأفكار وتعلم قواعد الحوار وتجاوز الخلافات دون عنف، حيث تمنحهم الورشات فرصة للتعبير عن رغباتهم والكلام والحلم والخيال.
وأضافت المسؤولة عن برنامج فنون وتربية في "جمعية الشارع فن"، غفران الورغي، أنّ الهدف من إطلاق الجمعية لحملة تحت شعار" العنف المسلّط على الطفل" هو تفكيك ظاهرة العنف، والعمل مع المدارس التربوية وتوجيه طاقة الأطفال نحو الإبداع.

المساهمون