خبراء وسياسيون: قوانين القمع خطر على الدولة المصرية

خبراء وسياسيون: قوانين القمع خطر على الدولة المصرية

28 أكتوبر 2014
القانون يعطي صلاحيات استثنائية للجيش (الأناضول)
+ الخط -

أصدرت "التنسيقية المصرية للحقوق والحريات"، بياناً يدين بشدّة قرار القانون الذي أصدره، أمس الاثنين، رئيس الجمهورية، والقاضي بتوسيع إحالة المدنيين إلى القضاء العسكري.

وأبدت التنسيقية المصرية قلقها من مجرى الأحداث الحالية، وما يترتّب عليها من قرارات، إذ تقع حوادث إرهابية في سيناء، يموت على إثرها مواطنون مصريون، فتصدر السلطة الحاكمة، قرارات بانتشار الجيش في باقي المحافظات، وتفريغ الحدود.

كما استنكرت التنسيقية "تعدّي السلطة الحاكمة الحالية، على دولة القانون، وتشريع قوانين مخالفة للنظام الدستوري المصري، بإسهال تشريعي غير مسبوق في كل العصور، حتى امتلك شخص واحد كل السلطات"، لافتةً إلى أنّ "المواطنين قاضيهم الطبيعي، هو الذي يختصّ بالفصل في منازعاتهم وقضاياهم، وأنّ إحالتهم إلى القضاء العسكري لمحاكمتهم، هو استثناء لا يجوز التوسّع فيه، ويحكمه نصّ المادة 204 من الدستور المصري الحالي، والتي نصّت صراحةً على أنّه لا يجوز محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، إلا في الجرائم التي تمثّل اعتداءً مباشراً، على المنشآت العسكرية أو الأفراد والضباط، بسبب تأدية عملهم.

كما اعتبرت أنّ "صدور القرار بقانون من رئيس الجمهورية، يخالف الدستور، الذي أقسم على احترامه، وينتهك سيادة القانون الذي هو أساس الحكم".

وفي هذا السياق، دعت التنسيقية، السلطة الحالية إلى سحب هذا القانون، والكفّ عن إصدار قوانين ليست لها حاجة ملّحة، قبل انعقاد مجلس النواب.

إلى ذلك، دان عدد من الحقوقيين والقانونيين والخبراء، القوانين الاستثنائية التي أصدرها الرئيس المصري، وفي هذا السياق، إذ اعتبر مسؤول الملف المصري، في "مؤسسة الكرامة لحقوق الإنسان بجنيف"، أحمد مفرح، أنّ "تقنين وجود الجيش في الحياة المدنية، ما هو إلا صورة جديدة من صور عسكرة المجال العام في مصر، وإضفاء مشروعية على مزيد من محاكمة المدنيين، أمام القضاء العسكري، ووجود الجيش في الحياة المدنية، تحت ذريعة حماية المنشآت العامة والممتلكات".

وأشار مفرح إلى "أنّ هذا القانون يعطي صلاحيات استثنائية للجيش، لا سند لها في الدستور أو القانون، وتشكل التفافاً صارخاً على الإنهاء الرسمي لحالة الطوارئ، فضلاً عن أنّ ذلك، يضع قيوداً أسوأ من تلك التي كانت في حالة الطوارئ، وتوفّر غطاءً قانونيّاً لها، إذ إن عشرات الآلاف اعتقلوا وعذّبوا، وبعضهم قتل باسم قانون الطوارئ".

ورأى أنّ هذا القرار الجديد، سيوفّر الغطاء القانوني لتدخّل القوات المسلّحة في الحياة اليومية لجموع المصريين، ومن شأنه تعريض آلاف المدنيين للملاحقة، وللإحالة للقضاء العسكري، خاصة إذا ما وضع في الاعتبار أن صدوره يقترن بحالة من التأزّم والاحتقان السياسي الهائل".

كما أكّد مفرح، أن "هذا القانون من ضمن القوانين القمعية، التي لن يتمّ الاعتراف بها من المجتمع الحقوقي المحلّي والدولي، مثلها مثل قانون الطوارئ وقانون التظاهر، وغيرها من القوانين القمعية، التي أقرت منذ الثالث من يوليو/تموز 2013".

أمّا الحقوقي المصري، مصطفى ناصف، فأكّد لـ"العربي الجديد"، أنّ "قانون إشراك الجيش في حماية المنشآت العامة، خطوة واسعة في سبيل عسكرة الدولة"، مشيراً إلى أنّ القوانين لا تصدر إلا من خلال مجلس تشريعي، يعبّر عن الإرادة الشعبية، وإن كانت الدساتير بشكلٍ عام، قد أتاحت للرئيس إصدار قوانين في حال غياب المجلس التشريعي، فإنّ هذا لا يتمّ إلا في أضيق الحدود، وفي أحوال نادرة فقط، في حين أنّ السيسي يستغلّ هذا أسوأ استغلال؛ وذلك في سبيل تمرير ما يريد لتقنين الأوضاع التي يريدها".
 
وعلى الصعيد السياسي، حذّر نائب رئيس "حزب الوسط"، محمد محسوب، من "مخاطر التشريع الجديد، الذي أصدرته سلطات الانقلاب، والذي يقضي بمعاملة المنشآت العامة والحيوية، معاملة المنشآت العسكرية، من حيث حراسة الجيش لها، وتوسيع اختصاص القضاء العسكري، ليحلّ تقريباً محل مؤسسة القضاء".

وسأل في تدوينةٍ على صفحته الخاصة على موقع "فيسبوك"، "من قال إنّ تأمين الحدود، يحتاج إلى نشر قوات على أبواب ميدان التحرير، أو على أبواب جامعات مصر، ومن قال إنّ مواجهة أعمال إرهابية، تطال جنودنا في الفرافرة وسيناء، يُعالج بوضع الأمن الداخلي والقضاء والإعلام والاقتصاد، في يد المؤسسة العسكرية، وتحميل الجيش أعباء لا يمكن أن يطيقها، لأنها لا تدخل في صميم وظيفته؟"

كما شدّد محسوب، على أنّ رأس السلطة الحالية، لم يعد تهديداً فقط للحقوق والحريات أو فرص العمل ولقمة العيش، أو لفصيل من الشعب، إنما أصبح خطراً محدقاً بالدولة المصرية، وقوام وجودها ومؤسساتها.

وكان الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، أصدر قانونًا اليوم، يلزم القوات المسلّحة، بمشاركة الشرطة في حماية وتأمين المنشآت العامة، والحيوية المصرية، وذلك لمدة عامين بدءاً من 27 أكتوبر/تشرين الأول.