مصر: قانون "عسكرة" يستبق تظاهرات 25 يناير

28 أكتوبر 2014
يبرر القرار بقاء الدبابات في الشارع المصري (فرانس برس)
+ الخط -

يثير القانون الذي أصدره الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لناحية السماح للجيش المصري، بمشاركة الشرطة المدنيّة في حماية المنشآت، وإحالة القضايا المتعلّقة بها إلى النيابة العسكرية للبتّ فيها، حالة من الغضب والسخط بين النشطاء والسياسيين المصريين.
وكان السيسي أصدر قانوناً مؤقتاً، يُلزم القوات المسلّحة بمشاركة الشرطة في حماية وتأمين المنشآت العامة والحيوية المصرية، لمدة عامين بدءاً من يوم أمس الاثنين. ويهدف القانون إلى "محاصرة وتجريم الأعمال الإرهابيّة التي تشهدها البلاد"، إضافة إلى "توسيع سلطة القضاء العسكري للنظر في القضايا المرتبطة بهذه الأعمال"، بحيث يصبح الاعتداء على أي منشأة أو مرفق حيوي، بمثابة اعتداء على المنشآت العسكريّة، وهو ما يجيز محاكمة مرتكبها أمام القضاء العسكري ولو كان مدنياً، وفقاً للمادة 204 من دستور 2014. ويُلزم القانون الجديد النيابة العامة، بإحالة الجرائم التي تُرتكب ضدّ هذه المنشآت إلى النيابة العسكريّة، تمهيداً لإحالة المتهمين فيها إلى المحاكم العسكريّة، سواء الخاصة بالجنايات أو الجنح.

ويقول خبير عسكري مصري لـ"العربي الجديد"، إنّ "القرار الصادر يهدف إلى مواجهة الدعوات التي تحثّ على التظاهر في ذكرى ثورة 25 يناير"، معتبراً إياه بمثابة "ضربة استباقية للتظاهرات، بعد أن أبلغت جهات أمنيّة عدّة، السيسي، بأن التظاهرات، وبالطريقة المتوقعة، ستكون عارمة، وتفوق قدرة الشرطة على مواجهتها".

وتُعدّ الجامعات المصريّة، وفق القانون، بحسب الخبير الذي رفض الكشف عن اسمه، من "المنشآت العامة التي يحقّ للجيش حمايتها وفق القرار الذي أصدره السيسي".
ويتوقّف القيادي في حركة "الاشتراكيين الثوريين"، خالد عبد الحميد، عند بُعد آخر في قرار السيسي المذكور، وهو أنّه "يحمل ضغطاً وإظهاراً وتلويحاً بعصا الجيش الغليظة في مواجهة أيّ أجهزة أمنيّة في الدولة، ترغب في التلاعب ضدّ الرئيس الحالي".

وفي السياق ذاته، يرى الناشط الحقوقي هيثم أبوخليل، أنّ "القرار يُعدّ ضربة كبيرة للحريات"، معتبراً أنه "صدر ليبرر بقاء الدبابات في الشوارع المصرية للعامين المقبلين". ويعتبر أن السيسي، بهذا القرار، "يكون قد داس بالبيادة العسكريّة على الدستور الذي وضعته لجنة الخمسين، وشارك فيها العديد من مدّعي الليبرالية والدفاع عن الديمقراطية والحريات".
ويعلّق المستشار في أكاديميّة ناصر العسكريّة، العميد أركان حرب، عادل العمدة، على اعتبار القرار المنشآت الحيوية في حكم المنشآت العسكرية، طوال فترة تأمينها وحمايتها بمشاركة القوات المسلحة، والتي ستمتد لمدة عامين من تاريخ إصدار القرار، بالقول إنّ "القرار يشمل كافة المنشآت والهيئات الحكوميّة، مثل منشآت وزارة الكهرباء وأبراج الضغط العالي، والمشاريع الاقتصاديّة والجامعات، باعتبار أن ذلك يتعلّق بالأمن القومي المصري، ويندرج تحت اختصاص مجلس الدفاع الوطني".

في موازاة ذلك، يُصرّ أحد المتحدثين باسم حزب "الحرية والعدالة"، الذراع السياسية لجماعة "الإخوان المسلمين"، أحمد رامي، على أنّ القرار يهدف، في المقام الأول، إلى "مواجهة الحراك الطلابي في الجامعات، بعد أن فشلت الشرطة في قمعه"، متوقعاً أن "تدخل قوات الجيش خلال الأيام المقبلة إلى حرم الجامعات المصريّة، في ظلّ تبرير إعلامي لتلك الخطوة". ويقول إن "ذلك بدا واضحاً خلال اجتماع رؤساء تحرير الصحف المصريّة، أول أمس الأحد، لمنع أي انتقاد للخطوات الرامية إلى تأميم الحياة السياسيّة المصريّة خلال الفترة المقبلة".

من جهته، يؤكّد الصحافي والناشط المنشق عن "حركة تمرد"، عمرو بدر، أنّ "الجميع في مصر ضد الإرهاب"، مشدداً في الوقت ذاته على رفض ما أسماه بـ"الأحكام العرفيّة ومحاصرة الجامعات، واعتقال الشباب، وفرض الحراسة على النقابات، وفرض الرقابة على الصحف، ومنع البرامج التلفزيونيّة، ونزول الجيش إلى الشوارع، والمزيد من المحاكمات العسكريّة". ويخاطب بدر "النخبة"، التي قال "إنها شاركت في إفساد حلم الدولة الجديدة عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير"، بالقول: "تذكروا جيداً من أفسد الحياة السياسيّة وصنع فرعوناً جديداً".


ويقلّل نائب رئيس اتحاد طلاب مصر، أحمد البقري، من أهميّة القانون الجديد، باعتبار أنّ "محاكمة الطلاب وفق المحاكم العسكريّة لا تضيرهم، لأنه لا وجود للقضاء العادل في مصر، سواء كان عادياً أو عسكرياً". ويؤكّد أن "كلّ الإجراءات التي يتخذها السيسي لن تثني الطلاب عن مواجهة التدخّل الأمني في الجامعات، والسعي إلى كسر الانقلاب العسكري في مصر".

وتقول مصادر في الحكومة المصريّة إنّ "هذا القانون يتغلّب على "العوار" الدستوري الذي أثارته بعض الجهات المختصة بمراقبة التشريعات بشأن المشروع الذي أعلن مجلس الوزراء أول أمس وضعه، بإحالة القضايا الخاصة بالإرهاب والاعتداء على المنشآت إلى المحاكم العسكرية بدلاً من القضاء المدني".
وترى أنّ "أي منشأة ستقوم القوات المسلحة بتأمينها، ستصبح في حكم منشأة عسكريّة، ويؤثم الاعتداء عليها في قانون القضاء العسكري"، مؤكدة أنّ "الجامعات ستكون من بين هذه المنشآت، باعتبارها أملاكاً عامة، يتوجب حمايتها بواسطة القوات المسلّحة والشرطة سوياً، وفق المادة الأولى من القانون".
المساهمون