صورتان للأمن والدرك

صورتان للأمن والدرك

15 يناير 2015
عمّان تحت تأثير العاصفة كما بدت الأسبوع الماضي(فرانس برس)
+ الخط -
ذابت ثلوج العاصفة "هدى"، وانتهى الاستنفار الذي أعلنته كافة الأجهزة الأردنية لمواجهتها، ومن بين تلك الأجهزة التي استُنفرت مديرتا الأمن العام وقوات الدرك، اللتان قدم منتسبوهما جهداً ملموساً خلال العاصفة، ساهم بشكل فاعل في التقليل من الأعباء الملقاة على عاتق الأجهزة الحكومية المعنية بشكل مباشر بأمر العاصفة، لتتلقى شكراً من مختلف فئات المجتمع الأردني الذي تلمس وجودها، شكراً لم تطلبه. لم يكن مستغرباً خلال العاصفة أن ترى رجل أمن أو درك يتقلد رتبة عالية، وهو يقوم بدفع سيارة علقت بالثلوج، أو يساهم في فتح مصارف المياه المغلقة، أو إيصال مواطن إلى منزله بعد أن علق في الطريق، أو نقل مريض لتلقي العلاج، وأحياناً تأمين احتياجات المواطنين من الخبز والمحروقات، بعد أن نفدت من منازلهم، وغيرها من الواجبات التي تدخل ضمن اختصاصه أو اختصاص جهات أخرى.

رجال الأمن والدرك، هم ذاتهم لم يتغيروا، هم ذاتهم الذين كانوا وما زالوا يحيطون بالمتظاهرين ويقفون في وجههم في كل فعالية ينفّذونها للمطالبة بالإصلاح، والتي كانت تنتهي أحياناً بفرض القبضة الأمنية على المشاركين، ومطاردتهم بالهراوات واعتقال بعضهم. هم ذاتهم الذين تُناط بهم مهمة فض الاحتجاجات العمالية المطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية، وهم ذاتهم المتهمون بالاستخدام المفرط للقوة خلال المطاردات والمداهمات التي تفضي أحياناً إلى موت، وهم ذاتهم المتهمون من قبل المنظمات الحقوقية الدولية بممارسة التعذيب في مراكز التوقيف.

خلال موجة الاحتجاجات التي شهدها الأردن مطلع 2011 وحتى نهاية 2012، كان الحضور المدجج بكل أدوات القمع المستخدم وغير المستخدم لقوات الأمن والدرك يبث الرعب في قلوب المواطنين، ويرسخ صورة مرعبة لمنتسبي الأمن والدرك، وهي نقيض الصورة التي ظهروا عليها خلال العاصفة "هدى" والعواصف التي سبقتها، وكلمة السر بين الصورتين "الأوامر". كلمة السر لم تكن خفية على الإصلاحيين والمحتجين الذين طالتهم في كثير من المناسبات هراوات رجال الأمن والدرك، ومن المؤكد أنهم طالتهم خلال العاصفة المساعدات التي قدمها الرجل ذاته، فكانوا خلال فعالياتهم يحرضون قامعيهم المتربصين بهم على عدم تنفيذ الأوامر، لكن دائماً وفي كل الحالات تنتصر الأوامر في رسالة على القوة والتماسك.

دلالات

المساهمون