بغداد ثكنة عسكرية للجيش والمليشيات العراقية لقمع تظاهرة الصدريين

بغداد ثكنة عسكرية للجيش والمليشيات العراقية لقمع تظاهرة الصدريين

14 يوليو 2016
تشهد شوارع العاصمة بغداد انتشاراً كثيفاً للمليشيات(أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -
تستمر عمليات التحشيد العسكري داخل أحياء ومناطق العاصمة العراقية بغداد، لليوم الثالث على التوالي، من قبل الجيش العراقي وفصائل مليشيات "الحشد الشعبي". وبات مشهد الدبابات والدروع التي تقف في تقاطعات الطرق وعند الساحات العامة مرعباً للبغداديين الذين يراقبون أخبار وصول قيادات مليشيات "الحشد" لعاصمتهم آتين من النجف، وكربلاء، وإيران، وسورية. وكان آخر هؤلاء، وصول زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر الذي ترجّل، بزي عسكري، أول من أمس الثلاثاء، وسط حي الكرادة، ودار في موقع الاعتداء الذي راح ضحيته أكثر من 500 مدني. ورافق الصدر كبار قادة مليشيا سرايا السلام، وسط تصريحات نارية رفض خلالها طلب رئيس الوزراء حيدر العبادي تأجيل تظاهرات اتفق الصدر مع تيارات أخرى على تنفيذها، غداً الجمعة.

ووفقاً لمصادر سياسية عراقية، فإن التحشيد العسكري يأتي لإفشال تظاهرات الصدر، ومنع تحولها لاعتصام أو اقتحام للمنطقة الخضراء كما حصل سابقاً، إذ من المقرر أن يستبق العبادي التظاهرات المقررة، صباح الجمعة، في ساحة التحرير، بتنظيم استعراض عسكري كبير بمناسبة "تحقيق انتصارات على داعش، وذكرى تأسيس الجمهورية العراقية"، عقب الانقلاب العسكري في 14 يوليو/تموز 1958، والإطاحة بالنظام الملكي في البلاد.

ويستمر التواجد الأمني بمحيط المنطقة الخضراء وساحة التحرير تحت ذريعة تأمين الاستعراض. وهي المرة الأولى التي يتم فيها تنظيم حفل أو استعراض بهذه المناسبة في تاريخ البلاد، ما دفع بقيادات سياسية إلى اعتبار الاستعراض مفتعلاً لتعطيل التظاهرات المقررة.

ومع وصول الصدر إلى بغداد، بدأت قيادات التيار الصدري بعقد سلسلة اجتماعات للتحضير للتظاهرة التي وصفها الصدر بأنها "لتطهير العراق من الفساد"، رداً على طلب العبادي الذي قال، إنه يأمل تأجيل التظاهرة حتى تحرير الموصل والتركيز على تطهير العراق من تنظيم "داعش". ووصفت قيادات عسكرية عراقية وسياسيون ومراقبون من مختلف الاتجاهات في البلاد، المشهد في العاصمة، بـ"تحوّل بغداد إلى ثكنة عسكرية كبيرة تحوي على أكثر من 2 مليون قطعة سلاح، وآلاف الدروع، والدبابات، والعربات، والأسلحة الثقيلة، وتنتشر بشكل عشوائي، وهي تابعة للمليشيات والجيش".





ويقول مصدر في وزارة الدفاع إن "وجود المليشيات في بغداد بهذه الكثافة، ومع الانتشار الهائل في شوارعها غير مريح، إطلاقاً، للسكان ولا للكتل السياسية الأخرى". ويوضح المصدر ذاته، وهو ضابط برتبة عميد ركن، أنّ "رئيس الحكومة غير قادر على الرد حول استفسارات الشركاء عن أنّ الاستعراض للجيش، فما دخل المليشيات لتأتي بأسلحتها ودباباتها وتدخل بغداد"؟ ويصف ما يحدث بـ"الفوضى والتصارع على النفوذ بين المليشيات والأحزاب، ومحاولة لإسكات التظاهرات تحت ذريعة الاستعراض العسكري والحرب على داعش".

ويعتبر سياسيون عراقيون أن الأجواء الحالية في العاصمة تظهر مدى الصراع الداخلي والانقسام الحاصل داخل التحالف الوطني الحاكم للبلاد. ويقول عضو الحزب الشيوعي العراقي مالك محمود لـ"العربي الجديد" إنه "مع ابتعاد داعش وخطره عن بغداد، بدأت الخلافات تزداد وضوحاً بين أمراء الحرب (قادة المليشيات)، وزعامات الأحزاب، والكتل الشيعية، وهو ما بدا واضحاً في أسلوب استعراض المليشيات نفوذها العسكري، وسكوت العبادي عن تغوّل هذه المليشيات التي باتت بمثابة حاكم له صلاحيات أعلى من الدستور وتنفذ ما تريد"، على حدّ تعبيره.

ويبيّن أن التخندق العسكري والتحشيد ومشهد الدبابات يأتي مع حلول شهر يوليو/تموز الذي يعتبر من الأشهر المشؤومة لدى العراقيين لارتباطه بالعديد من الانقلابات الدموية العسكرية في العراق أبرزها الانقلاب العسكري على النظام الملكي عام 1958 وانقلاب حزب البعث 1968.

وتشير مصادر "العربي الجديد" في بغداد، إلى أن "شوارع العاصمة تشهد انتشاراً كثيفاً لمليشيات الحشد الشعبي، مستغلين حالة الفوضى الأمنية التي تشهدها البلاد بعد تفجير الكرادة"، مبيناً أنّ "العديد من المليشيات استغلت حالة الغضب الجماهيري وجاءت إلى مكان تفجير الكرادة بأسلحتها، وأقامت استعراضات عسكرية تخللتها شعارات طائفية"، ما دفع رئيس الحكومة إلى انتقاد حالة انتشار السلاح في بغداد، واصفاً إياها بـ"الفوضى".