نصرالله في خطاب نقل المواجهة من إسرائيل إلى السعودية

03 مارس 2016
أطلق مؤيدو نصرالله النار قبل وبعد كلمته (حسين بيضون)
+ الخط -
كرّس الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله مركزيّة معركته مع السعوديّة فوق أي اعتبار آخر. إذ أعلن نصر الله في كلمته المتلفزة ليل الثلاثاء، أن "أعظم وأفضل شيء قمت به في حياتي، هو الخطاب الذي قلته عن السعودية في اليوم الثاني لبدء العدوان على اليمن، وهو أعظم من حرب تموز (2006)". وبهذا يضع نصرالله صراعه مع السعوديّة في مستوى أعلى وأهم من الصراع مع إسرائيل، ويُترجم السياسة الإيرانيّة التي باتت تضع السعوديّة على رأس خصومها بعد الاتفاق النووي.

التناقضات في خطاب الأمين العام لحزب الله كثيرة، وربما أهمها، إلى جانب أولوية الصراع مع السعوديّة على غيره، دعوته السعوديّة إلى مواجهة الحزب وتحييد لبنان واللبنانيين عن هذه المواجهة. لكن ما لم يُشر إليه نصرالله، هو مكان المواجهة. فكيف للسعوديّة أن تواجه حزب الله، ومن المفترض أنه حزب لبناني، ويتواجد في الحكومة والبرلمان اللبناني؟ هل هي مواجهة افتراضيّة، أم أنها ستجري في سورية أو اليمن؟ هذا ما يُشير إلى أن هدف نصرالله من كلامه هذا، إزالة العبء الأخلاقي والسياسي عن كاهله، فيما لو توترت الأوضاع بين حزبه والسعوديّة أكثر، وتحمّل اللبنانيّون مزيداً من الأعباء. ففي هذه الحالة سيقول إنه طلب تحييد لبنان، لكن السعوديين لم يستجيبوا لطلبه.

ورغم إصرار نصر الله في كلمته على تحييد لبنان، إلا أنه وضع رئيس الحكومة تمام سلام في موقف محرج. طلب نصرالله من سلام أن يُعلن للبنانيين ما كان جواب الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، عندما سأله سلام عن الهبة السعوديّة، وذلك قبل إلغاء الهبة بأشهر. وهو بذلك، وضع سلام في موقع لا يُحسد عليه. وفي هذا السياق، لا بد من الإشارة إلى البيان الصادر عن خالد التويجري، رئيس ديوان الملك عبدالله، الذي نفى ما أعلنه نصر الله بأن الهبة السعوديّة توقفت عند وفاة الملك عبدالله.

ويقول نصر الله في خطابه إن "الشعب اليمني تجاوز بمظلوميته الشعب الفلسطيني، وعندما ترى شعباً بهذه المظلومية فأنا أرى، انتمائي الإسلامي الى النبي والحسين، (يفرض) ضرورة أن نأخذ هذا الموقف". ويُضيف نصرالله أنه لم يكن بإمكان حزب الله "السكوت عن المجازر في اليمن إنسانياً وعربياً وعروبياً وجهادياً". وهنا يطرح ناقدو خطاب نصرالله المسألة الأخلاقية الإنسانية نفسها المتصلة بحرب الإبادة السورية، التي يعتبر حزب نصرالله قائداً أصيلاً فيها، حتى في حرب التجويع في مضايا ومعضمية الشام وبلدات سورية عديدة، وهو أمر موثق بالشهادات المحلية والدولية والصور والفيديو، بالإضافة إلى تورط الحزب بعمليات تهجير على أساس مذهبي، بدأت في حمص والقلمون الغربي والشرقي، بحسب ما يوثق عدد من مراكز التوثيق السورية.

اقرأ أيضاً: مجلس التعاون الخليجي يصنف حزب الله منظمة إرهابية

من الأمور التي يُفترض الإشارة إليها في خطاب الأمين العام لحزب الله، قول نصرالله إنه يملك أدلة على ان السيارات المفخخة التي طاولت أماكن لبنانيّة مختلفة في السنوات الماضية، تم توجيهها عبر الهاتف من السعوديّة. إنّ كان كلام نصرالله واستناده إلى الاتصالات الهاتفيّة كدليل، يؤدي حكماً إلى القبول بنتائج التحقيق الدولي الذي دان مسؤولين في حزب الله باغتيال الرئيس رفيق الحريري عام 2005، بحسب داتا الاتصالات نفسها.

وفي الشأن اللبناني، دعا نصر الله إلى التهدئة وأكّد أن حزبه لا يُحضّر لأحداث مشابهة لأحداث السابع من أيار (مايو/أيار 2008، عندما اجتاح حزب الله بيروت عسكرياً)، أو القمصان السود (عام 2009، نشر حزب الله عدداً من عناصره بالثياب السود، لدفع النائب وليد جنبلاط لتأييد مرشح الحزب لتولي رئاسة الحكومة عام 2011)، إذ قال نصر الله: "لا مشكلة أمنية في لبنان ولسنا على حافة حرب أهلية وما يتردد عن 7 أيار وقمصان سود غير صحيح أبداً". هل كلام نصر الله يعني أن "7 أيار" و"القمصان السود"، كانت دلالة على أن البلد على حافة حرب أهليّة؟ فآخر توصيف استخدمه نصر الله عن أحد "7 أيار" كان عشية انتخابات 2009 النيابيّة عندما اعتبر 7 أيار "يوماً مجيداً". وبالتالي فإن عدم تراجع نصر الله عن توصيف هذا اليوم "المجيد"، يعني أن حزب الله يُمكن أن يُكرره عندما يرى ذلك مناسباً، وإن كانت اللحظة الحاليّة غير مناسبة له. 

اللافت في خطاب نصرالله بالأمس، دعوته إلى مناصريه لعدم الإساءة إلى الرموز الإسلاميّة أو استخدام الشتم في مواجهة خصومهم السياسيين، وهو ما قاموا به في تحركهم "العفوي" الأخير، معتبراً أن هذا دليل ضعف، وهو ما يُذكر بقول نصرالله سابقاً إن إطلاق الرصاص بالهواء عند ظهوره هو إطلاق للرصاص على صدره. لكن مناصريه أطلقوا الرصاص يوم أمس ربما بشكل غير مسبوق، قبل كلمته وبعدها.

اقرأ أيضاً: الأزمة اللبنانيّة ــ الخليجية: العين على أمن لبنان
المساهمون