مكونات من الحراك الجزائري وشخصيات مستقلة تطلق مبادرة سياسية

مكونات من الحراك الجزائري وشخصيات مستقلة تطلق مبادرة سياسية

24 أكتوبر 2020
يصر الحراك على إحداث تغيير سياسي جذري وسلمي، على الرغم من مناورات السلطة وقمعها (Getty)
+ الخط -

أطلقت مجموعة من مكونات الحراك الشعبي وناشطين مستقلين وصحافيين وكتّاب وشخصيات حقوقية في الجزائر، الجمعة، مبادرة سياسية جديدة تهدف إلى إعادة بعث الحراك الشعبي ضمن مسار تشاوري وطني تمهيداً لعقد مؤتمر وطني يجمع كل فواعل الحراك الشعبي، للوصول إلى توافق سياسي حول انتقال ديمقراطي يكرس أهداف الحراك.

وحددت الوثيقة التأسيسية للمبادرة هدف "الوصول إلى اتفاق سياسي توافقي بين فواعل الحراك، يدعم ميزان القوى لصالح الشعب الجزائري، ويدعم تحقيق انتقال ديمقراطي سلس لا يكون تحت احتكار السلطة القائمة، ويضمن استمرارية الدولة، وإرساء دولة القانون والمؤسسات والعدالة الاجتماعية"، عبر" فتح فضاء مستقل عن السلطة للتنسيق والتفكير والنقاش والتشاور داخل الحراك، وتشجيع تنظيم الحراك على المستوى المحلي والقطاعات، وتدعيم التعبئة الشعبية من خلال عودة المسيرات الشعبية حالما سمحت الظروف الصحية طبقاً لتقدير أهل الاختصاص، وطرح خريطة طريق توافقية تترجم أهداف الثورة الشعبية وتطرح بديلاً لما تفرضه السلطة، وليس بهدف تمثيل الحراك".

ويعتقد أن المبادرة ستتبنى الدعوة إلى المسيرات الشعبية واستئناف المظاهرات في الفترة المقبلة، بعد انتهاء الأزمة الوبائية، خاصة مع العودة التدريجية للمظاهرات في عدة مدن وولايات، وبعد تزايد الاحتقان السياسي والشعبي بفعل المسار الذي انتهجته السلطة بشأن الدستور، وعودة رموز فترة حكم بوتفليقة إلى الواجهة بمناسبة الاستفتاء على الدستور، إذ كانت عدة مدن جزائرية بما فيها العاصمة، قد شهدت، خاصة في الخامس من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، مظاهرات كبيرة أربكت السلطات والأجهزة الأمنية.

وعرف أصحاب المبادرة أنفسهم في الوثيقة السياسية، التي وزعت الليلة الماضية، أنهم "جزائريات وجزائريون وفضاءات من الحراك وشباب ورموز تاريخية وشخصيات سياسية وأكاديمية وإعلاميين ونشطاء من جميع أنحاء الوطن وفي المهجر، من مختلف التيارات السياسية والإيديولوجية، وأعلنوا عزمهم على تنظيم ندوات ونقاشات ومقابلات على المستوى الوطني ومع الجالية في المهجر، لدمج كل فواعل الحراك وإنضاج ملامح التوافق السياسي الضروري داخل الحراك، تمهيداً لعقد ندوة جامعة لفواعل من الحراك، تضع آليات تنفيذ الاتفاق السياسي التوافقي. ويوجد بين أبرز الموقعين على المبادرة منبر الجزائريين الأحرار، ومجموعات عدة تمثل الطلبة الأحرار، ومجموعة "نبني" الاقتصادية، وشباب الجزائر، إضافة إلى شخصيات، على غرار القيادي في ثورة الجزائر لخضر بورقعة والحقوقي البارز مصطفى بوشاشي والمعلق الرياضي حفيظ دراجي وناصر جابي وسمير بلعربي وكريم طابو ولويزة آيت حمادوش غيرهم.

حددت الوثيقة هدفها بالوصول إلى اتفاق سياسي توافقي يدعم تحقيق انتقال ديمقراطي سلس لا يكون تحت احتكار السلطة القائمة

وأكدت مكونات الحراك الشعبي والناشطين والشخصيات الأعضاء في المبادرة، أن الحراك، وبحسب الوثيقة التأسيسية، مصرّ على إحداث تغيير سياسي جذري وسلمي، على الرغم من مناورات السلطة وقمعها للقضاء عليه، ومضاعفة السلطة القائمة للاستحقاقات الانتخابية والاستفتاءات الشعبية الشكلية، ورفضها بناء توافق حقيقي يفضي إلى اعتماد عقد سياسي جديد، وأن الحراك ما زال متمسكاً "بأحقية الشعب في كتابة دستوره التوافقي عن طريق مؤسسات شرعية منتخبة ديمقراطياً، تضمنها هيئة رقابية مستقلة في مناخ تميزه الحرية، والشفافية، بناءً على قواعد التنافس السياسي العادل، والقائم "على رفض أي تدخل أجنبي في شؤونهم الداخلية، ورفض الابتزاز السياسي والاستغلال السيئ للعشرية السوداء من طرف السلطة أو من أي فصيل سياسي، مستخلصين الدروس من تجربتها القاسية، مصرين على عدم تكرارها".

ووصفت المبادرة الجديدة المآلات التي انتهى إليها المسار الانتخابي الذي فرضته السلطة منذ 12 ديسمبر/كانون الأول 2019 ، وقبله مسار حوار وطني مرتبك بأنه "تأكيد للفشل على كل المستويات للمنظومة السياسية التي تعاني من انعدام الشرعية، ويكشف بوضوح عدم رغبة السلطة في تحقيق انتقال ديمقراطي سليم، وعجزها عن القيام بإصلاحات سياسية واقتصادية حقيقية، رغم وعودها المتكررة، إذ إن أغلب قراراتها الأخيرة استهدفت الحفاظ على طبيعة المنظومة الحاكمة فقط".

واتهمت "مبادرة 22 فبراير/شباط" السلطة باللجوء إلى الخيارات الأمنية لإسكات كل صوت معارض، وانتقدت ما اعتبرته فشل السلطة القائمة في اختيارها المقاربة والتسيير الأمني قبل الاستحقاق المزعوم بفعل قيادة غير منتخبة وغير شرعية، ثم استمر بفعل سلطة الأمر الواقع التي فرضت الاعتقالات والمضايقات والرقابة على المواطنين والمدونين والصحافيين والنشطاء، وأكدت أن هذه السياسات كانت الدافع الأبرز "لرجوع قوي لظاهرة الحرقة، وتفشي ظاهرة الفقر، وتعميق أزمة الثقة بين شعب صامد وسلطة تلجأ إلى نظرية المؤامرة لتبرير إخفاقاتها، وإلى تاريخ أول نوفمبر/تشرين الثاني المقدس لفرض دستور الاستمرارية.

وقال هشام خياط، المتحدث باسم منبر "شباب الجزائر"، لـ"العربي الجديد"، إن المبادرة "تأتي في ظرف سياسي لإعطاء محتوى فكري وسياسي للحراك الشعبي، ولضمان استمرار الروح السياسية التي ولّدها في البلاد، كما أنها تؤكد قدرة الجزائريين على العمل المشترك معا، رغم الاختلاف في المرجعيات السياسية والإيديولوجية، وهي دليل على إمكانية توافق الجزائريين على مشروع ديمقراطي تتحدد فيه القواسم والتقاطعات بشكل مشترك"، مضيفاً أن المبادرة ستدعم بهيئة تعبر عن أهدافها السياسية وتبلغ ذلك إلى الجزائريين، وتحفزهم للاستمرار في المقاومة السلمية".

المساهمون