قرار للمحكمة الاتحادية العراقية يفجر أزمة بين أربيل والسلطة القضائية

قرار للمحكمة الاتحادية العراقية يفجر أزمة بين أربيل والسلطة القضائية

16 فبراير 2022
اعتبر البارزاني أن الهدف من القرار معاداة إقليم كردستان والنظام الفيدرالي العراقي (Getty)
+ الخط -

تتواصل في العراق ردود الفعل المعترضة من قبل القوى السياسية الكردية على قرار المحكمة الاتحادية العليا في بغداد، أمس الثلاثاء، بمنع تصدير النفط والغاز من حقول إقليم كردستان من قبل حكومة أربيل دون العودة إلى بغداد وبموافقة منها، وذلك إثر دعوة قضائية سابقة تقدم بها نواب في البرلمان للمحكمة، في مؤشر على تداعيات جديدة للأزمة السياسية المتصاعدة في العراق التي أعقبت إجراء الانتخابات البرلمانية في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لا سيما بعد إشارة حكومة إقليم كردستان إلى أن القرار يستند إلى قوانين حزب "البعث" المنحل الذي كان يحكم العراق قبل 2003.

وأصدرت المحكمة الاتحادية، أمس الثلاثاء، قراراً يقضي بعدم دستورية القانون المعتمد في إقليم كردستان بشأن استخراج النفط والغاز وتصديرهما من قبل حكومة الإقليم المحلية، وألزمت أربيل بتمكين وزارة النفط وديوان الرقابة المالية الاتحادية في بغداد، بمتابعة إبرام العقود لبيع النفط والغاز في الإقليم.

وجاء هذا الحكم بعد يومين على قرار آخر للمحكمة الاتحادية منع القيادي في "الحزب الديمقراطي الكردستانيهوشيار زيباري، من الترشح لمنصب رئيس الجمهورية.

وشن رئيس "الحزب الديمقراطي الكردستاني"، مسعود البارزاني، هجوماً شديد اللهجة على قرار المحكمة الاتحادية، قائلاً في بيان إنّ "قرار المحكمة الاتحادية العليا حول نفط وغاز إقليم كردستان قرار سياسي بحت، وبالضد من الدستور العراقي الفيدرالي، والهدف منه معاداة إقليم كردستان والنظام الفيدرالي في العراق".

وعبّر في الوقت عينه عن أمله في التوصل إلى تفاهمات مع بغداد بشأن النفط والغاز، مضيفاً: "مع هذا نعلن للجميع أن إقليم كردستان سيدافع بكل ما أوتي من قوة عن حقوقه الدستورية".

ويُصدّر إقليم كردستان النفط من حقول قرب أربيل إلى الخارج عبر تركيا، وهو ملف خلافي رئيس مع بغداد منذ سنوات عدة، انتهى العام الماضي بحل توافقي لتمرير موازنة العام 2021، يقضي بتسليم أربيل عائدات 250 ألف برميل نفط تصدرها من حقول الإقليم مقابل تعهد بغداد بإطلاق موازنة الإقليم البالغة نحو 12% من مجموع موازنة العراق المالية.

كما وجهت حكومة إقليم كردستان اتهامات للمحكمة الاتحادية بـ"انتهاك القانون والإجراءات القضائية"، موضحة، في بيان، أنّ قرار منع تصدير النفط من إقليم كردستان "يستند إلى قوانين حزب البعث السابق".

وأضافت أنّ القرار يتضمن انتهاكات قانونية، مشيرة إلى أنه "قرار جائر ويتعارض مع الحقوق الدستورية وسلطات إقليم كردستان، وغير مقبول، وكان على المحكمة توسيع تحقيقاتها والنظر في مطالب إقليم كردستان". وتابعت: "سنتخذ كافة الإجراءات الدستورية والقانونية والقضائية لتأمين وحماية جميع عقود النفط والغاز"، مؤكدة أنّ حكومة الإقليم ستواصل "جهودها مع الحكومة الاتحادية للتوصل إلى حلّ دستوري أساسي لهذه القضية".

وقالت مصادر سياسية مقرّبة من "الحزب الديمقراطي الكردستاني"، الحاكم في إقليم كردستان، إنه ستجري تحركات سريعة خلال الأيام القليلة المقبلة للوقوف على الانعكاسات "الخطيرة لهذا القرار المتسرع"، مؤكدة لـ"العربي الجديد" أنّ هذا الملف يتصدر الحوارات مع القوى السياسية الأخرى بشأن تشكيل الحكومة الجديدة.

ولفتت إلى أنّ الأطراف الكردية تعتقد أنّ الدستور منح إقليم كردستان بعض الصلاحيات المنفصلة عن صلاحيات بغداد، ومن بينها تصدير النفط والغاز.

لكن المصادر ذاتها استبعدت أن يتأثر ملف تصدير النفط في الوقت الحالي بالقرار، بسبب توجه الإقليم إلى الطعن في القرار، معتبرة أنّ القرار ضمن ضغوط سياسية معروفة موجهة إلى "الحزب الديمقراطي الكردستاني" تحديداً.

وفي ما يتعلق بأبرز ردود الفعل على القرار، فقد جاء موقف زعيم "التيار الصدريمقتدى الصدر، متماشياً مع الانتقادات الكردية لقرار المحكمة الاتحادية.

وخلال رسالة وجهها إلى مجلس النواب، أمس الثلاثاء، دعا الصدر إلى "تفعيل الدور الرقابي للبرلمان بأسلوب حازم يمنع التدخلات الحزبية أو القضائية المسيسة".

في المقابل، اعتبر الأمين العام لجماعة "عصائب أهل الحققيس الخزعلي، أنّ قرار المحكمة الاتحادية "يمثل أهم قرار لها منذ تأسيسها"، معتبراً أنه "كان قراراً لمصلحة بقاء العراق دولة موحدة".

كما رأى النائب السابق يوسف الكلابي أنّ القرار يمثل "إنهاء لأكبر ملف فساد مُشرعن سياسياً، وإيقافاً لنهب النفط من قبل أفراد في أربيل"، وفق قوله في تغريدة على "تويتر".

ويؤكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، حسان العيداني، أنّ الخطوة "الجريئة" للمحكمة الاتحادية ستكون لها آثار سياسية سريعة، متوقعاً في حديث لـ"العربي الجديد" انعكاسها على مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة.

ولفت إلى أنّ اللهجة التصعيدية للقوى والسلطات الكردية ضد المحكمة الاتحادية "تشير إلى أننا أصبحنا على أعتاب أزمة سياسية ودستورية كبيرة".

ويعود الخلاف بشأن ملف الطاقة بين بغداد وأربيل إلى عام 2007، حين بدأ إقليم كردستان تطوير حقول النفط في محافظاته الثلاث، وتصدير إنتاجها، وهو ما لاقى معارضة كبيرة من الحكومة الاتحادية، بعد إبرام حكومة الإقليم عشرات الاتفاقات مع شركات نفط أجنبية.

وطرحت خلال السنوات الماضية عدة مسودات لقانون النفط والغاز، إلا أنّ الخلافات السياسية حالت دون إقراره.