"شين فين" وميشيل أونيل... أيرلندا الشمالية ترفع صوت غزة

"شين فين" وميشيل أونيل... أيرلندا الشمالية ترفع صوت غزة

11 فبراير 2024
أونيل (يمين) وماكدونالد، بلفاست، 30 يناير (تشارلز ماكيلان/Getty)
+ الخط -

باستثناء اليسار الإسباني، وبعض وجوهه البارزة، وكذلك تلك التي تنتمي إلى اليسار الراديكالي الفرنسي، لا تحظى القضية الفلسطينية، ولا سيما بعد العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة، بدعم غربي، كما تحظى به من حزب "شين فين" القومي الأيرلندي، والذي تبوأت زعيمته (السابقة) ميشيل أونيل، في 3 فبراير/شباط الحالي، منصب رئيس الحكومة في أيرلندا الشمالية، أو "الوزيرة الأولى"، لتواصل إطلاق مواقفها الجريئة تجاه فلسطين المحتلة، والمنددة بالاحتلال، وآخرها اعتبارها أن "حركة "حماس ستكون في نهاية المطاف شريكة في عملية السلام في الشرق الأوسط".

وتتقاسم ميشيل أونيل (47 عاماً)، مع رئيسة الحزب الحالية، ماري لو ماكدونالد، الحب لفلسطين، حيث تنتشر صورة لهما على مواقع التواصل الاجتماعي، تحملان العلم الفلسطيني، كتب فوقها "لتحرير فلسطين". وكرّم السفير الفلسطيني في لندن، حسام زملط، في مقر السفارة بالعاصمة البريطانية، السيّدتين، ماكدونالد وأونيل، ولتهنئة الأخيرة على منصبها، الذي تسلّمته بعد عودة المؤسسات في المقاطعة البريطانية إلى العمل، والتي ظلّت معطّلة منذ عامين بسبب مقاطعة "الحزب الوحدوي الديمقراطي" المدافع بقوة عن الانتماء للتاج البريطاني.

رأت أونيل أن "حماس" ستكون في نهاية المطاف شريكة في عملية السلام بالشرق الأوسط

وكان "الوحدوي البريطاني" اتخذ خطوة المقاطعة احتجاجاً على القواعد التجارية الجديدة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وتوصلت لندن وهذا الحزب نهاية شهر يناير/كانون الثاني الماضي، إلى اتفاق مهّد الطريق أمام استئناف عمل السلطات التنفيذية والتشريعية في الإقليم، واستعادة تقاسم السلطة مع حزب "شين فين" في بلفاست.

فلسطين على رأس أجندة ميشيل أونيل الخارجية

وتتحدر نائبة زعيمة "شين فين"، ميشيل أونيل، من عائلة أيرلندية جمهورية بارزة، بحسب موقع "نيو أراب". ويشكّل تسلّم أونيل منصب "الوزيرة الأولى" تحولاً تاريخياً في أيرلندا الشمالية، ذي الماضي الذي شوّهته ثلاثة عقود من الصراع الدموي. وبموجب الحكم المشترك الناتج عن اتفاقية الجمعة العظيمة لعام 1998 التي أنهت صراعاً خلّف 3500 قتيل، تعمل أونيل مع نائبة الوزيرة الأولى التي تنتمي إلى "الديمقراطي الوحدوي"، إيما ليتل بينغيلي. وأول ما تطرقت إليه أونيل، بعد تسلّم منصبها، هو أنها توقعت إجراء استفتاء على توحيد أيرلندا خلال السنوات العشر المقبلة، وهو ما علّقت عليه لندن وحكومة ريشي سوناك بفتور. أما في السياسة الخارجية، فكانت لفلسطين وحرب غزة، الحصّة الأكبر من كلام أونيل، قبل المنصب خلال الأشهر الأخيرة الماضية وبعده.

ورأت أونيل أول من أمس الجمعة، في مقابلة مع إذاعة "ال بي سي" المحلية، أن "حماس" ستكون في نهاية المطاف شريكة في عملية السلام بالشرق الأوسط، داعية المجتمع الدولي إلى الوقوف صفّاً واحداً، لوقف المجازر الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في غزة. ورفضت رئيس الحكومة الجديدة في أيرلندا الشمالية، تبرير العدوان الإسرائيلي بأنه "دفاع عن النفس"، واعتبرت هذا التبرير "مبالغة"، إذ أكدت أن ما يجري في غزة وبحق سكّانها من "مذابح" يقول عكس ذلك. كما أعربت عن ألمها متمنية أن يتم التوصل إلى اتفاق وقف للنار في القطاع المحاصر، وبدء حوار يقود إلى حلّ نهائي يتمثل في قيام دولة فلسطينية معترف بها، في إطار حلّ الدولتين المدعوم من المجتمع الدولي.

وجاء كلام أونيل عن رؤيتها لحركة "حماس" وشراكاتها المستقبلية في السلام، رداً على سؤال اقتضى المقارنة بين موقف الغرب اليوم من الحركة الفلسطينية، وهو موقف يصنّف "حماس" إرهابية، وينحاز بالكامل للدعاية الكاذبة للاحتلال، وبين الموقف من الجيش الجمهوري الأيرلندي السابق، الذي كان أيضاً مصنّفاً إرهابياً.

لـ"شين فين" تاريخ طويل من التقارب مع منظمة التحرير الفلسطينية

وتعيّن أيرلندا الشمالية، أول امرأة قومية، رئيسة للوزراء، كنتيجة متأخرة لانتخابات فاصلة جرت في عام 2022، وشهدت فوزاً كاسحاً لـ"شين فين". وتمثل أونيل تحولاً إلى جيل جديد من سياسيي "شين فين" الذين لم يشاركوا بشكل مباشر في الصراع الدموي، ولكن يقول إن الوحدة أصبحت قريبة أكثر من أي مضى مع أيرلندا.

"شين فين" ينحاز لغزة

ومن منطلق هذا الصراع، ينحاز هذا الحزب تلقائياً إلى القضية الفلسطينية. والشهر الماضي، كتبت ميشيل أونيل في صحيفة "ذا أيريش نيوز"، أنه "في أيرلندا الشمالية، وضمن المؤسسات الأوروبية، وعبر كل التزاماتنا الدولية، فإن شين فين، سيواصل رفع الصوت عالياً، ضد فظاعة حرب الإبادة الحاصلة في غزة، والتي هي آخر فصول تاريخ من القمع ترك تأثيره على أجيال من الفلسطينيين". وأضافت: "نحن نؤكد أن إسرائيل يجب أن تحاسب على أفعالها، ونحث الولايات المتحدة على الانضمام إلى الأصوات الداعية لوقف فوري لإطلاق النار". وتابعت: "سنستخدم خبرتنا في صناعة السلام، لإيصال الصوت بأن دعم واشنطن لجهود السلام الدولي، أمر ضروري".

ولـ"شين فين" تاريخ طويل من التقارب مع منظمة التحرير الفلسطينية. وفي مؤتمر الحزب السنوي، الذي انعقد في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، كانت كلمة طويلة لـ"ضيفة شرف" المؤتمر، السفيرة الفلسطينية في أيرلندا، جيلان وهبة، التي قالت إن إسرائيل تحوّل غزة إلى جحيم على وقع هتافات أكثر من 1200 شخص "فلسطين حرّة".

رأت أونيل أن "حماس" ستكون في نهاية المطاف شريكة في عملية السلام بالشرق الأوسط

وخلال المؤتمر، أضافت ماكدونالد، رئيسة الحزب، جملة لم يكن نصّ خطابها يتضمنها، مطالبة بطرد السفيرة الإسرائيلية في أيرلندا، دانا إيرليتش، علماً أنه بحسب موقع "بوليتيكو" الأميركي، فقد تجنب هذا الحزب لبعض الوقت اتخاذ موقف يغضب كثيراً الولايات المتحدة، التي دعمت "شين فين"، من هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، الذي نفذته على مستوطنات غلاف غزة، والعدوان الإسرائيلي الذي تلاه ولا يزال مستمراً حتى اليوم. وفي المؤتمر، هاجم البعض في كلماتهم، الرئيس الأميركي جو بايدن، واعتبروا أن مصداقية إسرائيل دفنت تحت أنقاض غزة. ومن بين الحضور، كان الزعيم السابق لـ"شين فين" جيري أدامز، لابساً الكوفية الفلسطينية (زار غزة في 2009 والتقى قادة "حماس").

ويدفع "شين فين" بقضية غزة، عالياً على أجندته، وهو ما تؤكده الوزيرة الأولى الجديدة في تصريحاتها، الآتية من عائلة عريقة من الجمهوريين الأيرلنديين، علماً أن "شين فين" لطالما اعتبر الجناح السياسي للجيش الجمهوري الأيرلندي، ما يضفي تشابهاً بين الأجنحة السياسية والعسكرية، لأحزاب حول العالم، تصنّف "إرهابية" لدى واشنطن، وتحرّرية كما تراها العديد من شعوب العالم. ورأى موقع "بوليتكو" في تقرير له نشره في 15 نوفمبر الماضي، أنه بالنسبة لـ2500 يهودي يعيشون في أيرلندا الشمالية، فإن موقف "شين فين" يزيد من عزلتهم في هذه المقاطعة البريطانية.

المساهمون