دلالات احتجاجات الشمال السوري

05 يونيو 2022
أهالي جنديرس بالذكرى الـ11 للثورة، مارس الماضي (رامي السيد/فرانس برس)
+ الخط -

قابلت الشرطة التركية، والشرطة التابعة للحكومة السورية المؤقتة، التظاهرات التي خرجت في مدينتي عفرين وجنديرس، أخيراً، احتجاجاً على سوء الخدمات في المنطقة، بالرصاص الحي.

أما الشركة التي تزود المنطقة بالكهرباء، والتي قامت الاحتجاجات بسبب رفعها أسعار الكهرباء مرتين في شهر واحد وبسبب الانقطاع الدائم للتيار، فوصفت المتظاهرين بـ"الإرهابيين". كل ذلك يزيد من حدة الاحتقان في معظم مناطق سيطرة "الجيش الوطني" في الشمال السوري، التي تحكمها المحسوبيات ويتفشى الفساد في كل مفاصلها.

وتزامنت الاحتجاجات في تلك المناطق مع تحضيرات "الجيش الوطني" والجيش التركي لعملية عسكرية ينوي الأخير القيام بها للسيطرة على مناطق خاضعة لـ"قوات سورية الديمقراطية" (قسد) تضم مئات الآلاف من السكان ومن النازحين، الذين فروا إليها من المناطق التي سيطر عليها "الجيش الوطني"، ما يهدد بنزوحهم مرة أخرى.

في هذا الوقت يتم صرف النظر عن استعادة مدن ريف إدلب الجنوبي التي سيطر عليها النظام وهجّر أكثر من مليون نسمة من سكانها إلى شمال إدلب، الأمر الذي دفع المئات من مهجري تلك المناطق للقيام بوقفات احتجاجية أمام النقاط التركية في ريف إدلب، مطالبين الأتراك بتنفيذ وعودهم باستعادة مناطقهم.

وتكشف الاحتجاجات في الشمال السوري عن العديد من المؤشرات، لعل أولها أن المناطق التي تنوي تركيا إعادة اللاجئين السوريين إليها من أراضيها هي مناطق يحكمها الفساد وتعيش حالة فلتان أمني، وبالتالي هي مناطق غير صالحة للعيش حتى لسكانها الذين اعتادوا الحياة ضمن ظروف سيئة، فكيف سيتمكن من عاش في بيئة مستقرة مثل تركيا أن يتأقلم فيها؟

كما تشير الاحتجاجات إلى أن سكان الشمال السوري وعلى الرغم من كل الظروف التي يعيشونها، وعلى الرغم من حكمهم من قبل سلطات أمر واقع، فهم لا يزالون متمسكين بمبادئ الثورة ولا يسكتون عن المس بحقوقهم.

كما أنهم يبرهنون أن من كسر حاجز الخوف في وجه سلطة النظام يستطيع كسره في وجه أي سلطة كانت. ومن المؤشرات المهمة لتلك الاحتجاجات هي أنها بيّنت أن سلطات الأمر الواقع في الشمال السوري، تتبع في التعاطي مع المواطنين أسلوب النظام نفسه من خلال التهم الجاهزة، وأبرزها الإرهاب، لكل من يعترض على أي أداء لها حتى وإن كان خدمياً.

كما تؤشر تلك الاحتجاجات إلى أن الأهداف التي تسعى تركيا لتحقيقها في الشمال السوري، لا يتوافق العديد منها مع حاجات ومطالب سكان تلك المناطق، سواء لناحية أهداف العملية العسكرية أو طريقة إدارة المناطق التي يشرف الجانب التركي عليها والذي يتمسك بشخصيات ثبت تورطها بممارسة كل أنواع الفساد والترهيب بحق سكان المنطقة.

وبالتالي يتوجب على "الجيش الوطني" أن يثبت وطنيته بالانحياز لمطالب المواطنين الذين يمثلهم لا أن يطلق النار عليهم، وعلى الجانب التركي الأخذ بعين الاعتبار مصالح المواطنين في المنطقة ليتمكن من تحقيق مصالحه.

المساهمون