باسيل يرفع سقف المواجهة حكومياً.. واعتداء جديد على ملف انفجار بيروت

باسيل يرفع سقف المواجهة حكومياً ورئاسياً.. واعتداء جديد على ملف انفجار بيروت

06 سبتمبر 2022
عقد باسيل مؤتمراً صحافيّاً بعد اجتماع كتلته النيابية (حسين بيضون)
+ الخط -

رفع رئيس "التيار الوطني الحر"، صهر الرئيس اللبناني، النائب جبران باسيل، سقف المواجهة السياسية، بتأكيده عدم الاعتراف بالحكومة المستقيلة بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون في 31 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، واعتبارها "مغتصبة للسلطة وفاقدة للشرعية، وساقطة مجلسياً، دستورياً، ميثاقياً، وشعبياً"، وذلك في ردٍّ مباشر على رئيسها نجيب ميقاتي، الذي يتمسّك بانتقال صلاحيات الرئيس إليها في حال حصول أي شغور رئاسي.

وقال باسيل: "الفراغ لا يملأ الفراغ والفوضى الدستورية تبرّر فوضى دستورية مقابلة، لا تجرونا إلى ما لا نريده، وليتفضل رئيس الحكومة بتأليف حكومة حسب الأصول بالشراكة مع رئيس الجمهورية وليس بالفرض أو بالفتات"، مضيفاً: "من يفكّر بالتخلص من ميشال عون بالرئاسة فسيجد أكثر من ميشال عون بالحكومة عندما يأتي الجدّ"، محذراً من أن "عدم تأليف الحكومة لممارسة الضغط علينا لانتخاب رئيس، يؤدي إلى مفعول عكسي معنا".

وتعتبر الساحة اللبنانية اليوم هشّة، وعرضة للاشتعال سريعاً، ربطاً بالمنافسة على المقعد الرئاسي، التي يخوضها باسيل أيضاً رغم أن حظوظه ضئيلة لأسباب عدة شعبية، دولية، محلية؛ وأبرزها دعم "حزب الله" و"حركة أمل" (يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري) غير المعلن رسمياً لرئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية. وقد بدأ السياسيون يلعبون على الوتر الأمني الطائفي ويحذرون من سيناريوهات الفوضى و"المؤامرات"، وقد رفعوا من منسوب خطابهم السياسي، فيما التجارب الأمنية على مرّ الاستحقاقات الرئاسية في لبنان، تترك كل الاحتمالات مفتوحة، من فراغ، وتعطيل، وأحداث أمنية.

وأطلّ باسيل، مساء الثلاثاء، بمؤتمر صحافي، عقب اجتماع تكتله النيابي "لبنان القوي"، تضمن ثلاثة محاور: "الإصلاح، الحكومة، رئاسة الجمهورية"، صوّب فيه على أكثر من جبهة سياسية، مصرفية، وقضائية، وبالذات على رئيس البرلمان نبيه بري، ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، بعد هجومهما عليه قبل أيام، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، والقضاء اللبناني الذي اتهمه بأنه "إما مرتشٍ، أو خائف، أو متورِّط".

لكن أخطر ما جاء على لسان باسيل ارتبط بملف انفجار مرفأ بيروت، من خلال تأكيده السعي لـ"تحرير الموقوفين ظلماً والأسرى في السجون" كما أسماهم، عبر تعيين قاضٍ رديفٍ للمحقق العدلي القاضي طارق البيطار، مع الإشارة إلى أن أبرز الموقوفين في القضية، هو المدير العام السابق للجمارك، بدري ضاهر، المحسوب على تيار رئيس الجمهورية، ما يدفع إلى ترقب ردة فعل الشارع في حال الإفراج عن الموقوفين ضمن مشروع سعي السلطة السياسية لإنهاء التحقيق.

وبرز اليوم تطور على صعيد قضية انفجار مرفأ بيروت، بإرسال وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري خوري، الذي هو من حصة الرئيس عون، كتاباً إلى مجلس القضاء الأعلى، يطلب فيه تعيين محقق عدلي رديف للبت بالأمور الضرورية والملحة في الملف، في وقت لا تزال يد القاضي طارق البيطار مكفوفة منذ 23 ديسمبر/كانون الأول 2021.

وفي هذا المجال، حذر المدير التنفيذي لـ"المفكرة القانونية" المحامي نزار صاغية من "عملية سطو هائلة تستهدف ملف التحقيق بانفجار مرفأ بيروت بتواطؤ وزير العدل، وأغلب أعضاء مجلس القضاء الأعلى، مدخلها الإفراج عن ضاهر، وغايتها الحقيقية إنهاء التحقيق".

واعتبرت "المفكرة" أن "هذا التدبير اعتداء سافر وغير قانوني على استقلالية القضاء وعملية سطو سياسي على ملف التحقيق برمّته"، معبّرة عن "خشية من أن نكون أمام تسوية سياسية منتهاها اعتداء جديد على استقلال القضاء وتقويض حقوق الضحايا بالعدالة ونسف حق المجتمع في المعرفة".

وشدد باسيل، من جانبه، على أنه يجب إنهاء التحقيق وإصدار القرار الظني، ووقف عملية غضّ النظر عن أمرين: "تجارة الأمونيوم ومن المستفيد منها، والعمل التخريبي المحتمل ومن قام فيه"، معتبراً أنه "لا يجوز الاكتفاء بالتقصير الوظيفي الذي بات كيداً سياسياً يطاول فئات سياسية محددة"، مؤكداً في المقابل، أنه "إذا بقينا عن قصد بقضاء لبناني معطّل، فنحن نوافق على اللجوء إلى قضاء غير لبناني".

واستكمل باسيل هجومه على القضاء، من بوابة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي لا يتحرك للبت بطلبات القضاء الأوروبي المتصلة به، كما اتهم سلامة بأنه "اشترى نصف البلد، من سياسيين وصحافيين وقضاة، لكنه لا يستطيع أن يشتري القضاء في أوروبا".

سياسياً، ردّ باسيل على كلمة بري قبل أسبوع في مهرجان الذكرى الـ44 لتغييب مؤسس "حركة أمل" اللبنانية، الإمام موسى الصدر، واتهاماته له بالفساد خصوصاً بملف الكهرباء، وعدم القيام بأي خطوة إصلاحية، بذريعة "ما خلونا"، أي لم يُسمح لهم بالعمل، وهي العبارة التي ينأى فيها باسيل بنفسه عن مسؤولية التعطيل والأزمات من خلالها.

وقال باسيل: "للأسف نعيش اليوم في نظام ما خلّونا ونريد أن ننتقل منه لنظام يخلّينا ورأس هذا النظام والمنظومة المتحكّمة فيه، يمارسون سياسة الـ"ما خلّونا"، وبدل أن يخجلوا، يتباهون ويرمون ما فيهم علينا، وبوقاحة".

واتهم باسيل بري بالدرجة الأولى، بالوقوف بوجه المشاريع الإصلاحية، منها قانون "الكابيتال كونترول، والسرية المصرفية، وخطة التعافي، و"استعمال التسلط في مجلس النواب لمنع إقرارها"، كما واستعمال وزارة المال المحسوبة على بري للغرض ذاته، كما واستعمال النقابات والشارع سواء لمنع قانون أو فرضه وفرض أجندات معيشية أو اقتصادية خاصة.

ورمى باسيل أزمة الكهرباء على من أسماه "رأس النظام"، بخسارة القطاع 22 مليار دولار، متهماً إياه بتغطية المولدات الخاصة ومنع الجباية وحماية المياومين وغيرها من التهم للنأي بنفسه عن التهم التي تساق بحقه في الملف، علماً أنه تولى ووزراء تابعين له وزارة الطاقة لأكثر من 10 سنوات، كذلك لعب باسيل على وتر موقف الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله الذي يربط أزمة الكهرباء بالحصار الأميركي، والذي يختلف عن موقف بري، موجهاً رسالة إلى نصر الله بهذا الاتجاه.

كذلك، ردّ باسيل على مواصفات رئيس الجمهورية التي طرحها بري، خصوصاً أن يكون جامعاً، والتي اعتُبِرَت بعيدة من عون وباسيل، بالإشارة إلى أن رئيس البرلمان انتخب بـ65 صوتاً في مجلس النواب، ومن دون قاعدة مسيحية، وقال: "فاقد الشيء لا يعطيه أو يطلبه أو ينصح به، ولو كان صادقاً بفكرة الجمع لما رضي بهذا الانتخاب".

ووجه باسيل رسالة ثلاثية باتجاه بري وميقاتي وجعجع، معتبراً أن "من يتمتع فقط بشرعية تمثيلية سنية أو شيعية ما يتفلسف على العالم بالشرعية الوطنية، وهو هدفه الإتيان برئيس ضعيف، كذلك من يتمتع فقط بحيثية مسيحية، لا ينظّر ويكذب علينا بحديثه عن الحيثية الوطنية بينما هدفه التخلص منا".

ووضع بري وجعجع في خانة "ثنائي الطيونة" (أي المنطقة التي وقعت فيها أحداث 14 أكتوبر الماضي وأدت إلى مقتل 7 من مناصري الحزب وحركة أمل، وذلك خلال تظاهرة لإقالة المحقق العدلي بانفجار مرفأ بيروت تطورت إلى اشتباكات عنيفة، مشيراً إلى وجود "تفاهم خفي بينهما".

رئاسياً، عاد باسيل رغم بدء المهلة الدستورية لدعوة بري البرلمان لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، إلى المطالبة بانتخاب رئيس من الشعب، معتبراً أن "السبيل الضامن لعدم الوقوع في الفراغ، ولإيصال شخصية ذات تمثيلية مسيحية إسلامية، ويخرجنا من دفاتر الشروط والمواصفات والمبادرات، ويحترم الديمقراطية، ويعزز موقع الرئاسة، هو الانتخاب من الشعب".

وبعد الهجوم الحادّ على أكثرية القوى السياسية، نظر باسيل بإيجابية إلى دعوة النواب التغييريين، للحوار الوطني، مثمناً إياها لانتخاب رئيس وعدم الدخول في الفراغ، وعرض مشروعه للبنان القوي، في شتى المجالات.