العراق: عودة لمربع التفاوض بهدف استمالة المحايدين

العراق: عودة لمربع التفاوض بهدف استمالة المحايدين

28 مارس 2022
تحتاج جلسة انتخاب الرئيس لثلثي أعضاء البرلمان (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

أعاد إخفاق البرلمان العراقي، في جلسته أول من أمس السبت، بحسم استحقاق انتخاب رئيس جديد للبلاد، القوى السياسية إلى مربع الحوارات والتفاوض مرة أخرى، لكن هذه المرة ليس بين التيار الصدري وقوى "الإطار التنسيقي"، أو بين الحزبين الكرديين المتصارعين على منصب رئاسة الجمهورية، كما كان الحال خلال الأشهر الماضية.

فالجهود ستنصب على القوى والنواب الذين اختاروا الحياد في جلسة السبت الماضي، وأبرزهم كتلة "إشراقة كانون"، التي تمتلك 6 مقاعد برلمانية، وتحالف "عزم" الذي يمتلك 12 نائباً، إضافة إلى الاتحاد الإسلامي الكردستاني (4 مقاعد)، فضلاً عن نواب آخرين.

تحالف إنقاذ وطن بحاجة إلى نحو 20 نائباً فقط من أجل تمرير جلسة الأربعاء

وأجّلت رئاسة البرلمان العراقي جلسة اختيار الرئيس الجديد للبلاد إلى الأربعاء المقبل، بعد أن فشل تحالف "إنقاذ وطن"، الذي يضم التيار الصدري والحزب "الديمقراطي الكردستاني" و"تحالف السيادة"، بالتحشيد لتحقيق نصابها، والذي يجب أن يكون ثلثي عدد النواب، أي 220 نائباً من أصل 329 وفقاً لقرار المحكمة الاتحادية العليا. وقاطع الجلسة "الإطار التنسيقي"، الذي يضم القوى الحليفة لإيران، إضافة إلى الاتحاد الوطني الكردستاني وتحالف عزم ونواباً آخرين.

"التنسيقي" لا يملك الثلث المعطل

وأفرزت نتائج جلسة السبت جملة من الحقائق، أبرزها أن قوى "الإطار التنسيقي" لا تمتلك الثلث المعطل بمفردها، إذ بلغ مجموع النواب المنضوين ضمن هذا التحالف، أو الذين أعلنوا تضامنهم معه، 94 نائباً فقط. 

لكن من رجّح كفة الإخلال بنصاب الجلسة هم النواب المستقلون وممثلو كتل صغيرة اختارت الحياد، وأخرى اتخذت موقفاً رافضاً لأن تكون رقماً لملء الفراغ، وطالبت بضمانات لتحقيق مطالب لديها قبل دخولها الجلسة، وهو ما يجعل إمكانية التفاوض معها أمراً ممكناً في اليومين المقبلين.

عدم العودة إلى "خلطة العطار"

وفي أحدث مواقف صدرت عن الزعماء العراقيين في الساعات الماضية، اعتبر زعيم تحالف "دولة القانون" نوري المالكي، الإخفاق بجلسة السبت "انتصاراً للثلث المعطل"، فيما أعاد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر تأكيده عدم العودة إلى "خلطة العطار". 

ومصطلح خلطة العطار كما هو متداول لدى الأوساط السياسية في العراق يقصد به حكومة توافقية قائمة على المحاصصة بين الأحزاب الرئيسية في البلاد. كما قدّم الصدر شكره للذين شاركوا في جلسة البرلمان، وهم تحالف "إنقاذ الوطن"، وحركتا "امتداد" و"الجيل الجديد"، ونواب مستقلون.

وكشف نائب عن التيار الصدري، طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، عن تحرك واسع يجرى باتجاه نواب وجهات غير منضوية مع "الإطار التنسيقي"، من أجل ضمان مشاركتها في جلسة الأربعاء المقبل، بهدف إكمال نصاب جلسة التصويت على رئيس الجمهورية.


علي الفتلاوي: الثلث الضامن سيجبر التيار الصدري ومن معه من الكتل على الجلوس للحوار من جديد
 

ولفت إلى أن "الحوار مع الإطار التنسيقي متوقف ولا أمل منه. يريدونها حكومة هذه لي وهذه لك، على غرار الحكومات السابقة، وهذه نقطة خلاف رئيسية". وأضاف أن "التحرك الحالي هو باتجاه نواب وكتل لم تشارك واختارت الحياد".

20 نائباً لتمرير جلسة الأربعاء

ولفت إلى أن "تحالف إنقاذ وطن بحاجة إلى نحو 20 نائباً فقط من أجل تمرير جلسة الأربعاء المقبل، والحراك الحالي يتركز بشأن ذلك على نواب، غالبيتهم إما مدنيون أو مستقلون، وآخرون فضلوا الابتعاد عن التصنيف. لكن هذا الخيار لا يمكن اعتباره جيداً، مع وجود مشروع كبير للإفلات من فخ المحاصصة وتقاسم الوزارات بين الطوائف الذي يحدث كل 4 سنوات".

من جهته، قال النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني محما خليل، لـ"العربي الجديد"، إن "الإطار التنسيقي ومن معه من قوى ونواب يعملون على تعطيل تشكيل الحكومة من أجل مصالح سياسية وشخصية، وهذا الأمر له تبعات خطيرة وتأثير على حياة المواطنين، خصوصاً أنه سيؤخر إقرار موازنة سنة 2022".

وبيّن خليل أن "الحزب الديمقراطي الكردستاني عمل، وما زال يعمل، على توحيد المواقف بين التيار الصدري والأطراف السياسية الشيعية الأخرى. فهذا الخلاف هو الذي يعرقل عملية تشكيل الحكومة الجديدة منذ أشهر طويلة". وأضاف: "لهذا سنعمل باليومين المقبلين على تقريب وجهات النظر كمحاولة جديدة، من أجل نجاح البرلمان يوم الأربعاء المقبل، في التصويت على رئيس الجمهورية".

وتابع أن "تحالف إنقاذ وطن يعمل على إجراء حوارات واتصالات مع عدد من النواب والكتل التي قاطعت جلسة التصويت على رئيس الجمهورية، بهدف الاتفاق مع هذه الأطراف على المشاركة بقوة خلال الجلسة المقبلة. فهناك خشية من فشل البرلمان للمرة الثالثة في حسم هذا الملف، الذي يعتمد على نتائج الحوارات التي ستجري خلال اليومين المقبلين".

إحسان الشمري: إخفاق البرلمان بحسم التصويت على رئيس الجمهورية سيدفع جهات إلى اللجوء للمحكمة الاتحادية

في المقابل، قال القيادي في "الإطار التنسيقي" علي الفتلاوي، لـ"العربي الجديد"، إنهم ما زالوا مصرين على عدم المشاركة في أي جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية، من دون حسم ملف الكتلة الأكبر مع التيار الصدري. وأضاف: "نصرّ على تشكيل هذه الكتلة بين الطرفين الشيعيين فقط كاستحقاق للأغلبية، وتكون هذه الكتلة هي المكلفة بمهام اختيار رئيس الوزراء، والاتفاق على مواصفات رئيس الجمهورية ومجمل عملية تشكيل الحكومة الجديدة".

ولفت إلى أن "البرلمان أعلن أن عدد الحضور خلال جلسة يوم السبت هو 202 نائب، وهذا الرقم غير صحيح، فالعدد لم يتخطى 195 نائباً فقط بحسب معلوماتنا". وأضاف أن "الثلث الضامن سيجبر التيار الصدري ومن معه من الكتل على الجلوس للحوار من جديد، فلا يمكن للتحالف الثلاثي تمرير مرشح رئاسة الجمهورية من دون مشاركتنا، وجلسة يوم الأربعاء سيكون مصيرها الفشل، إذا لم يكن هناك اتفاق مسبق قبل هذه الجلسة".

الانسداد وصل إلى مراحله الأخيرة

وحول المشهد السياسي الحالي في العراق، قال رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، لـ"العربي الجديد"، إن "إخفاق البرلمان بحسم التصويت على رئيس الجمهورية يؤكد أن الانسداد السياسي وصل إلى مراحلة الأخيرة، وحل هذا الانسداد يكون من خلال الاتفاق بين كافة الأطراف السياسية، وخصوصاً بين التيار الصدري والإطار التنسيقي".
وحذر من أن "استمرار الانسداد السياسي ستكون له تبعات كبيرة وخطيرة، وسيكون له تأثير على الوضع الأمني وحتى الاقتصادي والاجتماعي".

وحذر الشمري من أن إخفاق البرلمان في حسم التصويت على رئيس الجمهورية في جلسة الأربعاء، سيدفع جهات إلى اللجوء للمحكمة الاتحادية لحسم هذا الملف، خصوصاً أن القضية لم تعد خرقاً دستورياً، بل فراغاً دستورياً، ويبقى الحسم بقرار المحكمة، الذي يمكن أن يكون حل البرلمان، أو غيرها من القرارات التي من الممكن أن تغير مجمل المعادلة السياسية.

وأخفق البرلمان العراقي، السبت الماضي، في عقد جلسة التصويت على اختيار رئيس الجمهورية، لعدم اكتمال نصابها، ما دفع رئاسة البرلمان إلى تأجيل التصويت إلى يوم الأربعاء المقبل، الأمر الذي عدّه الإطار التنسيقي "انتصاراً" للثلث المعطّل.

ووفقاً لقرار المحكمة الاتحادية، فإن جلسة اختيار رئيس الجمهورية يجب أن يكون نصابها ثلثي أعضاء البرلمان، 220 نائباً من أصل 329، وهو ما لم يتحقق، على الرغم من دعوة زعيم "التيار الصدري"، مقتدى الصدر، النواب المستقلين إلى الحضور.

وحاول تحالف "إنقاذ وطن"، الذي يضم التيار الصدري والحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة، التحشيد لعقد الجلسة، بدعوة النواب المستقلين لحضورها. وسعى التحالف للتصويت لمرشحيه ريبر أحمد لرئاسة الجمهورية، وجعفر الصدر لمنصب رئاسة الحكومة الجديدة، على الرغم من مقاطعة "الإطار التنسيقي" الذي سعى بدوره لتحقيق "الثلث المعطل" وإفشال الجلسة، من خلال الضغط على النواب المستقلين لعدم حضورها.