إسرائيل تقضم الجزء اللبناني من بلدة الغجر: هذه أهمية موقعها الإستراتيجي

04 يوليو 2023
خريطة تظهر المساحة المحتلة من بلدة الغجر (العربي الجديد)
+ الخط -

أنهت السلطات الإسرائيلية تثبيت السياج الحديدي الذي ضمّت من خلاله كامل الجزء الشمالي اللبناني من بلدة الغجر الحدودية إلى الأراضي المحتلة، من دون أي تحرك لبناني رسميّ، في ظل دعوات للحكومة لتحمّل مسؤولياتها.

وقالت وسائل الإعلام التابعة لحزب الله إن "العدو الاسرائيلي يمعن في خرق القرار الدولي رقم 1701 من خلال زرع كاميرات تجسّس على أبراج حديدية موجّهة نحو الأراضي المحررة وتصل مدى فعاليتها إلى 5 كيلومترات، فضلاً عن انتهاء العدو من تثبيت سياج معدني ذي مواصفات عالية، في محيط كامل الجزء اللبناني وإعلان تكريس احتلاله وضمّه رسمياً إلى الأراضي المحتلة تحت مرأى الأمم المتحدة".

يأتي ذلك تزامناً مع إقامة حزب الله منذ فترة قصيرة خيمتين في مزارع شبعا، ومطالبة إسرائيل الأمم المتحدة بالتدخل لإخلاء الموقعين، باعتبار أنهما داخل "الأراضي الإسرائيلية"، علماً أن موقع "واللا" الإسرائيلي، ذكر أمس الاثنين، أن حزب الله أزال إحدى الخيمتين، وتجمع أعضاؤه في الخيمة الثانية.

وقال النائب في كتلة "التنمية والتحرير" (برئاسة نبيه بري)، قاسم هاشم في بيان اليوم الثلاثاء إن "ما كنا نبهنا إليه منذ شهرين، يبدو أنه أصبح حقيقة"، مضيفاً أن "العدو الإسرائيلي" قرر إعادة ضم الجزء الشمالي من الغجر من خلال السياج الجديد، "تأكيداً على عدم انصياعه للقرارات والمواثيق الدولية".

ولفت هاشم إلى أن إسرائيل وضعت مكعبات إسمنتية في المنطقة التي شهدت منذ فترة تحركاً شعبياً في مرتفعات كفرشوبا، معتبراً ذلك "استفزازاً جديداً ومحاولة لتكريس احتلال لأراضي لبنانية بشكل نهائي".

ودعا النائب إلى تحرك حكومي عاجل لدى الجهات الدولية المعنية، "لتتحمل مسؤولياتها".

من جهته، قال الحزب التقدمي الاشتراكي (بزعامة وليد جنبلاط)، في بيان، إن في ظل غياب الحكومة في "سباتها" بحثاً عن "صلاحيات هنا وهناك"، قضم "العدو الإسرائيلي" الجزء اللبناني من بلدة الغجر المحتلة "من دون حسيب أو رقيب".

وأضاف: "إذا كانت اهتمامات الحكومة بالملفات المحلية من التربية والصحة والاتصالات التي تتولاها ببراعة وحرفية، فهل لها أن تمنح بعضاً من وقتها للحدود الجنوبية وتتخذ ما يلزم من إجراءات لمنع وضع أراض لبنانية تحت احتلال تم تنفيذه تحت أعين الجميع؟".

موقع استراتيجي لبلدة الغجر 

يشرح العميد الركن المتقاعد أنطون مراد أهمية موقع البلدة جغرافياً، حيث تقع شرقي نهر الوزاني، على خطّ قمم يمتد جنوباً حتى جسر الروماني وهي نقطة الالتقاء الحدودية الثلاثية بين لبنان وسورية وفلسطين المحتلة. 

ويحدّ هذه القرية من الشمال مزرعة سردة وخراج بلدة الماري، ومن الجنوب فلسطين المحتلة، ومن الشرق العباسية والمجيدية، ومن الغرب بلدة عرب اللويزة (عرب الوزاني).

ولفت مراد في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن إسرائيل احتلت بلدة الغجر خلال حرب يونيو/ حزيران 1967، واعتبرتها ضمن الجولان المحتل، وكانت في حينه قرية صغيرة، إلا أن سكانها استغلّوا غياب الحكومة اللبنانية وفترة الاحتلال الإسرائيلي وتوسعوا إلى أراضي تابعة لبلدة الماري، بحيث أصبح ثلثا المنازل ضمن الأراضي اللبنانية.

وأشار إلى الحكومة الإسرائيلية سحبت قواتها من الجنوب اللبناني عام 2000، بموجب قرار 425 لـمجلس الأمن، واحتفظت فقط بالقسم المأهول من الغجر، أما الجيش اللبناني فكان يقوم بدوريات بالقسم المجاور غير المأهول بشكل حرّ، علماً أنه لم يكن هناك وجود للجيش الإسرائيلي باللباس العسكري، بشكل ظاهر، وربما تواجد بعضهم باللباس المدني.

ولفت العميد المتقاعد إلى انسحاب إسرائيل بعد حرب يوليو/ تموز عام 2006، من معظم الأراضي التي احتلها باستثناء المنطقة التي سمّتها "14 ب"، وتضم الغجر المأهولة، والمنطقة الواسعة المحيطة بها، ومساحتها 787400 متر مربع، ومن ضمنها المساحة المأهولة 192300 متر مربع، أما المساحة غير المأهولة فتبلغ 595100 متر مربع، مشيراً إلى أن لا وجود لجيش الاحتلال الإسرائيلي في المساحة غير المأهولة، "لكن في المقابل، هناك تقصير لبناني واضح في هذا الجزء المتروك من قبله".

وأضاف أن "ما يقوم به الإسرائيلي حالياً هو تسييج المنطقة المأهولة، مع ضرورة التوقف عند أهمية هذه النقطة بموقعها الجغرافي كمركز دفاعي مهم للعدو ولما يسمى أصبع الجليل"، موضحاً أن موقع القرية المتقدم بموازاة مستعمرات المطلة، وولاء سكانها للاحتلال الإسرائيلي، يجعلها قرية استراتيجية بالنسبة لإسرائيل.

ولفت مراد إلى أن عدد سكان الغجر يصل إلى حوالي 3 آلاف نسمة. وذكّر بطلب مختار الغجر في عام 2000 بعدم شمل القرية بقرار 425 وإبقائها تحت الاحتلال الإسرائيلي، وذلك أثناء رسّم الخط الأزرق، الذي مر وقتها من وسط القرية. 

وفي سياق الأعمال الإسرائيلية الراهنة، قال مراد إن السلطات اللبنانية مقصّرة جداً خصوصاً في جانب الحدود البرية، بقبولها الخط الأزرق عام 2000 "رغم أن لبنان كان منتصراً وقتها والعدو منهزما". وقال إن لبنان ما زال يلتزم بالخط الأزرق رغم أنه مؤقت، مضيفاً: "كان من المفترض العودة إلى الحدود الدولية".

ولفت إلى أن "حق لبنان واضح جداً" على صعيد قرية الغجر، ويستطيع التقدم بخطوة قانونية تجاه الأمم المتحدة لاستعادتها، وكذلك خطوة ميدانية، بنشر الجيش في المنطقة غير المأهولة لفرض أمر واقع على قوات اليونيفيل لمنع أي أعمال اسرائيلية، باستثناء المنازل المأهولة تفادياً لاشتباكات مع الأهالي.

تجدر الإشارة بحسب مراد، إلى أن هناك 13 منطقة يتحفظ عليها لبنان، وتبلغ مساحتها 485 ألف متر مربع، بالإضافة إلى الغجر ومزارع شبعا.

ويأسف مراد "للإهمال الكامل" من جانب الدولة اللبنانية للحدود البرية، الأمر الذي يلحق "خسائر كبيرة" بلبنان منذ عام 1923.

وقال إن السبب في ذلك يعود إلى عدم وجود مؤسسة رسمية مسؤولة عن الحدود وتكليف أشخاص قد لا يتمتعون بالخبرة والكفاءة المطلوبة لإدارة ملف كهذا، أو مرتبطين بأشخاص معينين لهم أهداف خاصة.

وأشار إلى "خسائر لبنان عام 1923"، عبر اتفاقية بوليه نيوكومب، واتفاق الهدنة عام 1949، وعام 2000 بالخط الأزرق.

والخط الأزرق، جرى إنشاؤه بهدف التحقق من الانسحاب الإسرائيلي من لبنان، وقد سميّ بخط الانسحاب، وهو خط فاصل رسمته الأمم المتحدة بين لبنان من جهة وإسرائيل وهضبة الجولان المحتلة من جهة أخرى في يونيو/ حزيران 2000.

المساهمون