أستراليا: تحقيق موريسون يوجِع المحافظين

أستراليا: تحقيق موريسون يوجِع المحافظين

27 اغسطس 2022
موريسون في مؤتمر صحافي في كانبيرا، 17 أغسطس الحالي (ستيفن سافوري/فرانس برس)
+ الخط -

دخل رئيس الوزراء الأسترالي السابق سكوت موريسون في أزمة قضائية، على خلفية استغلاله منصبه الحكومي لأداء أدوار في وزارات عدة، بحسب ما أعلنه رئيس الوزراء الحالي أنتوني ألبانيز، أمس الجمعة.

ويتعلق الأمر بتعيين موريسون نفسه في وزارات الصحة والخزانة والمالية والموارد والشؤون الداخلية بين مارس/آذار 2020 ومايو/أيار 2021، من دون إبلاغ زملائه أو المواطنين.

وذكر ألبانيز أنه تم تعيين القاضية المتقاعدة فيرجينيا بيل، للتحقيق في كيفية تمكن قائد "الحزب الليبرالي" المحافظ السابق موريسون من فعل هذا الأمر، عكس المفاهيم السياسية السائدة في كانبيرا. وأشار إلى أن بيل "ستقدم تقريراً في 25 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، عن نتائج تحقيقها".

تحقيق سريع وسليم

وأضاف ألبانيز، المنتمي إلى حزب "العمال": "سيقدم التحقيق توصيات إلى الحكومة بشأن إجراء تغييرات توفّر قدراً أكبر من الشفافية والمساءلة، لضمان عدم تكرار ما حدث مرة أخرى". وقال ألبانيز: "نحتاج إلى تحقيق سريع وسليم"، مضيفاً أن هذا "لا يتعلق بالسياسة، بل بكيفية حدوث ذلك، ولماذا حدث؟ ومن كان يعلم؟".

ولم يستبعد احتمال إجبار موريسون أو وزراء سابقين آخرين على الشهادة إذا لزم الأمر. ولفت ألبانيز، الذي حل محل موريسون في انتخابات مايو الماضي، إلى أن المحامي العام ستيفن دوناغيو، أكد أن تعيين موريسون لنفسه "كان قانونياً، إلا أنه قوّض مبدأ الحكومة المسؤولة".

وجاء في تقرير دوناغيو، الذي نُشر في الأسبوع الحالي، والمؤلف من 29 صفحة، أنه "يُنظر إلى انتزاع موريسون غير العادي للسلطة، على أنه جزء من اتجاه أوسع في السياسة الأسترالية لتركيز السلطة داخل مكتب رئيس الحكومة، في شكل منافٍ لتقليد وستمنستر البريطاني في منح المسؤوليات للوزراء".

انتقد رؤساء حكومة سابقون، من المحافظين، خطوة موريسون
 

وأضاف دوناغيو: "من المستحيل على البرلمان أن يحاسب الوزراء على إدارة وزاراتهم، إن لم يكن يعلم من هم الوزراء". وينصّ تقليد وستمنستر على أنه "يُنظر إلى أعضاء مجلس الوزراء بشكل جماعي على أنهم مسؤولون عن سياسة الحكومة، وهي سياسة تسمى المسؤولية الجماعية لمجلس الوزراء".

بدوره، أصرّ موريسون على أنه كان محقاً في اتخاذ "سلطات الطوارئ" أثناء الاضطرابات التي رافقت تفشّي الوباء. وقال في أول ظهور علني بعد انتشار الفضيحة: "كنت أقود السفينة خلال العاصفة"، منتقداً مهاجميه الذين "وقفوا على الشاطئ بعد وقوع الواقعة".

ودافع موريسون عن أفعاله في منشور مطول على "فيسبوك"، معتبراً الثلاثاء الماضي، أنه من "الحكمة" تسلّم السلطات في حالة عجز الوزير المسؤول أثناء الوباء. وأضاف: "لا يسعني إلا أن أقول إنني اتخذت القرارات التي اتخذتها كرئيس للوزراء بحسن نية".

وأكد موريسون، الذي أصبح نائباً معارضاً بعد 4 سنوات على رئاسته الحكومة، أنه أعطى لنفسه حقائب الصحة والمالية والخزانة والموارد والشؤون الداخلية كإجراء طارئ اتخذته وزارة الخارجية خلال أزمة فيروس كورونا.

لكنه ألغى قراراً اتخذه وزير الموارد السابق كيث بيت، بالموافقة على مشروع تنقيب عن الغاز، مثير للجدل، بالقرب من ساحل سيدني الشمالي، كان من شأنه أن يضر بفرص إعادة انتخابه في مايو الماضي. وانتقد ثلاثة رؤساء وزراء سابقين، وهم من المحافظين، سلطات موريسون السرية.

ووصف مالكولم تورنبول، الذي حل محله موريسون كرئيس للوزراء في عام 2018، ما فعله موريسون بأنه "أمر شرير"، مضيفاً في حديثٍ لـ"هيئة الإذاعة الأسترالية" الأسبوع الماضي، أن "فكرة أن يؤدي رئيس الوزراء اليمين الدستورية في وزارات أخرى سراً أمر لا يصدق".

وحثته وزيرة الداخلية السابقة كارين أندروز، على ترك السياسة، مشدّدة في حديثٍ لشبكة "سكاي نيوز" الأسبوع الماضي، على أنه "عليه الاستقالة ومغادرة البرلمان".

من جهته، ندد زعيم "الحزب الليبرالي" بيتر داتون، بالتحقيق في مسألة موريسون ووصفه بأنه "مطاردة ساحرات" (وهو تعبير أطلقه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب). وقال داتون، أول من أمس الخميس، لإذاعة "جي بي 2"، إن "القضية تحولت الآن بوضوح إلى سياسية"، مشيراً إلى أن "ألبانيز رأى بوضوح ميزة سياسية في تحقيق استهدف موريسون". ولفت إلى أن الأمر "يتحول إلى مطاردة ساحرات بدلاً من الإشارة إلى مشكلة تحتاج إلى حل".

بداية القضية

وبدأت القضية منذ أكثر من أسبوع، مع نشر المحررين السياسيين لصحيفة "ذا أستراليان"، سايمون بنسون وجيف تشامبرز، كتاباً كشفا فيه عن تنصيب موريسون نفسه سراً في وزارات عدة. ويمنح الدستور الأسترالي الحاكم العام (ممثل النظام الملكي البريطاني، بحكم خضوع كانبيرا للندن في إطار تجمّع الكومنولث) سلطة تعيين الوزراء بعد أن يحظوا بثقة مجلس النواب، كما أن سلطة الحاكم العام في تعيين الوزراء مقيدة بالتشريع، ويحدد قانون وزراء الدولة لعام 1952 عدد الأشخاص الذين يمكن تعيينهم كوزراء.

ويُمكن بموجب الدستور تعيين 30 شخصاً كحد أقصى كوزراء، ويمكن تعيين 12 شخصاً كحد أقصى كأمناء برلمانيين أو مساعدين للوزراء. وينص الدستور على أن السلطة التنفيذية يمارسها الحاكم العام، وكذلك رئيس الوزراء ووزراء حكومته على أن يكون البرلمان مسؤولاً عن مساءلة الحكومة واستجوابها ومراقبة عملها.

موريسون في أول ظهور علني بعد انتشار الفضيحة: "كنت أقود السفينة خلال العاصفة"

ولكن في هذه الحالة التي تمر بها أستراليا لم يكن النواب يعلمون بالوزراء السريين ولا طبيعة مهامهم، وبالتالي لا يمكن للمساءلة الوزارية أمام البرلمان أن تعمل بفعالية إلا إذا كان البرلمان يعرف من هم الوزراء ومسؤولياتهم. وأشار عدد من السياسيين إلى أن تعيين عدد من الوزراء السريين ضلل مجلس الوزراء والبرلمان، على مدى فترة طويلة من الزمن. والحاكم العام حالياً في أستراليا هو ديفيد هيرلي.

ووفقاً لشبكة "سكاي نيوز أستراليا"، فإن وزير المالية السابق ماتياس كورمان قال إنه لم يكن على عِلم أثناء وجوده في الحكومة أن موريسون كان يتولى منصبه أيضاً، كما يشير موقع "نيوز. كوم" الأسترالي إلى أن الأخير كان وزيراً مشتركاً للموارد أيضاً واستخدم سلطات هذا المنصب لرفض أحد مشروعات الغاز.

وبعد ضغوط البرلمان أقرّ رئيس وزراء أستراليا السابق سكوت موريسون، بأنه عين وزراء سريين في بعض الحقائب الوزارية، كما نسب لنفسه خمس وزارات منها الصحة والمالية، من دون عِلم بعض شاغلي هذه الحقائب.

(العربي الجديد، أسوشييتد برس)

المساهمون