أقوى رسائل أذرع السيسي الإعلامية

05 يناير 2016

عمرو أديب: دعم السيسي دعم لمصر

+ الخط -
تتصفح شبكة الإنترنت، فتجد مقطع فيديو لأحد أذرع عبد الفتاح السيسي الإعلامية، يتحدث فيه عن توجيهه "أقوى رسالة إلى السيسي". تتصور أن الرسالة القوية، كما يقول عنوان الفيديو، ستكون هجوما على الأخير، أو أن الذراع استفاق، أخيراً، وقرّر أن ينطق بكلمة الحق وسط طوفان الأباطيل التي يشارك فيها. ولكنك، سكتشف أن هذه الرسالة "القوية" مناشدة للسيسي بألا ينتقد الإعلام، حيث قال "الذراع" الإعلامي إنه ليس من هذا الصنف من الإعلاميين الذين يهاجمون السيسي، والعياذ بالله، وإنه، من فرط إخلاصه وولائه، يتعرّض للهجوم والشتائم والاتهام بالنفاق، وإن دعمه للسيسي دعم لمصر.
كانت هذه الرسالة في أعقاب التحذير الذي وجهه السيسي لأذرعه، بعد أزمة غرق محافظة الإسكندرية. تذكّرتها، بعد متابعة ردود أفعال الأذرع، بعد خطاب السيسي الذي قال فيه إنه سيرحل، إذا طلب الشعب ذلك.
للوهلة الأولى، يتصور المتابع أن هذا الذراع، أو ذاك، يقول كلاما حادّا ضد السيسي، إذا قرأ أول كلمة أو كلمتين من عنوان الخبر أو الفيديو. لكن، ما إن يكمل العنوان، أو يقرأ المتن، يكتشف العكس تماما.
واحد من هؤلاء دعا إلى أن يكون يوم الخامس والعشرين من يناير المقبل "ثورة"، لكنها ثورة من نوع مختلف عن الذي يدعو إليه المعارضون، فهو يريدها "ثورة في حب السيسي"! مضيفاً أن من لا تعجبه الحياة في مصر عليه أن يرحل عنها.
ذراع آخر كان قد اتهم المتظاهرين في أثناء ثورة يناير بأنهم تدربوا في صربيا والولايات المتحدة وإسرائيل لإسقاط حسني مبارك، رد على خطاب السيسي بعنف، وأمره بألا يكرر كلمة الرحيل ثانية، لكنه استدرك، معتبراً أن الأخير "جندي مكلف"، ولابد من الالتزام بالفترة الرئاسية مدة أربع سنوات، وتابع "لم يكن يجب أن تعطى الأهمية لخمسين أو ستين شخص لهم أبواق خارجية، أنت مقامك أعلى من أن ترد على هؤلاء التافهين".
الأمر نفسه فعله الذراع عمرو أديب، وهو الذي تظن، في البداية، أنه يهاجم عبد الفتاح السيسي، ويسخر منه، إذ تساءل عن العدد الذي يمكن أن يقنع السيسي بالرحيل، إذا تظاهر ضده، وما إذا كان المطلوب أن يملأ المتظاهرون ميدان التحرير فقط أم ميادين أخرى، وما هو تعريف "الشعب" الذي قصده السيسي، مؤكداً أنه لا يوجد رئيس في العالم يقول هذا الكلام.
إلى هنا، والكلام جميل، لكن أديب كان يمهد، بكل هذا الكلام، ليضيف، في النهاية، أن الرؤساء في العالم لا يقولون لشعوبهم إنهم إذا تظاهروا ضده سيرحل، وإنما يرحلون بعد إكمالهم فترتهم الرئاسية، لكن ليس قبلها! وكأنهم تركوا محمد مرسي يكمل مدته الرئاسية، مثلاً، ولم يمارسوا ضده ما يستنكرونه الآن.
قبل خطاب السيسي بيوم، سبق إبراهيم عيسى باقي الأذرع باتباع هذا الأسلوب، إذ شن هجوماً شرساً على الأجهزة الأمنية والرسمية المصرية، مؤكدا في ما سماها "شهادة لله وللوطن" أنها تكره ثورة 25 يناير. لكنه أضاف أن الوحيد الذي يؤمن بثورة 25 يناير دونما ذرة تردد أو شك داخلي هو السيسي! والأعجب أنه وصف الأخير بأنه "رجل مفكّر"، إلى جانب أنه رجل أمن ورجل جيش. فمن أين جاءه هذا "الفكر" يا ترى؟
أما باقي الأذرع، فلم يخرج أداؤهم عن حفلات استجداء للسيسي، ترجوه بألا يرحل، لكنها لم تخل من محاولة التذاكي، فقد حذر مصطفى بكري السيسي من أن أحداً لن يسمح له بترك الحكم، وأنه يمكن أن يترك الحكم فقط إذا تظاهر ضده 33 مليون شخص، في إشارة إلى الشائعة الساذجة التي لفقها، مع أمثاله من الأذرع، بعد مظاهرات "30 يونيو"، ونسبوا المعلومة إلى شبكة سي إن إن الأميركية، على الرغم من أنها لم تقل قط شيئاً من هذا.
يقول السيسي هذا الكلام، وكأنه يريد ذلك بالفعل، أو يمكن أن يفعل ذلك، حتى إذا خرج عليه الملايين، أو كأن ميدان التحرير متاح مثلاً أمام المصريين للتظاهر فيه، وليس محاصراً بالدبابات والمدرعات. هو مجرد كلام تمثيلي يناسب شخصية السيسي، وحتى ردود فعل الأذرع التي تتصنع الذعر من فكرة رحيل السيسي، لابد أن عباس كامل قد اتفق عليها معهم، فهو الذي صنعهم ابتداءً.

D90F1793-D016-4B7E-BED2-DFF867B73856
أسامة الرشيدي

صحفي وكاتب مصري، شارك في إنجاز أفلام وحلقات وثائقية عن قضايا مصرية وعربية، وكتب دراسات ومقالات نشرت في مجلات ومواقع إلكترونية.