التسامح الديني في السينما العربية

التسامح الديني في السينما العربية

16 نوفمبر 2015
قدم وهبي أعمالاً رائدة في التعايش الديني(فيسبوك)
+ الخط -
تحتفل مختلف الدول في السادس عشر من تشرين الثاني/نوفمبر، باليوم العالمي للتسامح، في حين تبقى هذه الثيمة على محدودية الأعمال التي تطرقت لها، اتجاهاً مهماً ضمن اتجاهات السينما العالمية بشكل عام، والعربية بشكل خاص، لما تعانيه المنطقة من نزاعات وحروب طائفية وكراهية تاريخية، أثرت بشكل مباشر على المجتمعات وأغرقتها في العنف والتخلف، وكان لابد للفنانين أن يقوموا بدورهم الإنساني في محاربتها.

وقد اهتمت السينما العربية، منذ بداياتها، بموضوع "التسامح الديني" وكان الفنان الكبير، يوسف وهبي، أحد أهم المساهمين في هذا المجال، وقدم أعمالاً كثيرة، كان الهدف منها إرساء قواعد التعايش بين مختلف الطوائف في مصر، وقد اعتقد كثيرون أن يوسف وهبي كان مسيحياً حينما نال وسام الفاتيكان، ليكون بذلك أول مسلم يناله، هو الذي كان يحرص دوماً على تمثيل المجتمع المصري بمختلف دياناته ضمن شخصياته.

وغير بعيد عن تجربة وهبي الغنية، هناك فيلم "الشيخ حسن" الذي أخرجه وقام ببطولته، حسين صدقي، عام 1954 ، وشاركه البطولة كل من ليلى فوزي وهدى سلطان، وتعرض الفيلم لكثير من الانتقاد آنذاك كونه، تعرض لموضوع الزواج بين المسيحيين والمسلمين، وتم منع عرضه فترة من الزمن، ليظل من الأفلام النادرة جداً التي تحدثت عن أهمية التسامح في العلاقات الإنسانية.

في السنة نفسها، أيضاً، ظهر فيلم "حسن ومرقص وكوهين" للمخرج فؤاد الجزايرلي، والذي قام ببطولته كل من حسن فايق وعبد الفتاح القصري ومحمد كمال المصري الشهير بـ"شرفنطح" واستيفان روستي، وعرض، أيضاً، فكرة عرض تعايش الديانات الثلاث في مصر.

عام 1954، قدم إسماعيل ياسن، فيلما بعنوان "حسن وماريكا" بمشاركة عبدالسلام النابلسي ومهى صبري، يروي قصة حب بين الشاب حسن ومغنية تدعى ماريكا ابنة الخواجة يني، وانتهج في ذلك نفس نمط حلمي رفلة في فيلم "فاطمة وماريكا وراشيل" عام 1949 الذي قام ببطولته محمد فوزي، وهو العمل الذي أعيد تقديمه تحت اسم "هارب من الزواج" عام  1964 وكان من بطولة شويكار وفؤاد المهندس ومن إخراج حسين الصيفي، وقد تميزت هذه الأعمال بعدم الجدية وعدم التعمق في إظهار العلاقات المعقدة بين الأديان، ولم تكن الإشارة إليها إلا من خلال أسماء الشخصيات فقط دون ربطها بالأحداث تفادياً لإثارة الجدل.

هذا الجدل الذي لابد من إثارته، استطاع يوسف شاهين، أن يطرحه في أعماله، وبشكل خاص في فيلم "إسكندرية ليه" عام 1979 الذي عرض قصة حب بين مسلم ويهودية. أما في عام 2009 فقد أحدث فيلم "حسن ومرقص" الذي قام ببطولته كل من عمر الشريف وعادل إمام جدلاً واسعاً، كونه تطرق لعلاقة المسيحيين بالمسلمين، من خلال قلب أدوار كل منهما ووضعه في مكان الآخر، كما طرح إشكالية الحب بين فتاة مسلمة وشاب مسيحي بشكل صريح ولأول مرة، ونال الفيلم كالعادة انتقادات واسعة، ولكنه يظل في النهاية يحمل قيمة أخلاقية كبيرة ويطرح إشكالية خطيرة حاولت أعمال قليلة جداً الخوض فيها سينمائياً.

أما دراميا فالمحاولات نادرة، كمسلسل "حارة اليهود" الذي عرض خلال شهر رمضان الماضي وعرف هجوماً كبيراً لأنه عرض قصة حب بين فتاة يهودية مصرية وضابط مسلم.

ويمكن القول في النهاية، إن ندرة الأعمال التي تخوض في هذا الموضوع ما هو إلا انعكاس لصمت اجتماعي يجب كسره وعرضه ومعالجته من أجل إرساء أسس حوار الأديان والتسامح ومن أجل صناعة مستقبل أفضل للإنسانية.

اقرأ أيضاً: "تخيل" حياة أخرى للأطفال..كما كان ينبغي أن يعيشوها

المساهمون