الدنماركيون يتخوفون من الحرب النووية

الدنماركيون يتخوفون من الحرب النووية

11 فبراير 2018
31 في المائة من الدنماركيين يعيشون حالة رعب(ناصر السهلي)
+ الخط -



أظهرت نتائج دراسة حديثة، نشرت يومي الجمعة والسبت وأجراها مركز "يوغوف" لقياس الرأي لمصلحة يومية "ميترو اكسبرس" في الدنمارك، أنّ 31 في المائة من الدنماركيين يعيشون حالة رعب من اندلاع حرب نووية.

وسبب هذا الخوف، اعتماداً على السؤال المطروح عن علاقة الولايات المتحدة الأميركية بقيادة دونالد ترامب مع كوريا الشمالية، أن العالم يعيش "حقبة أشبه بحرب باردة جديدة".

والمذهل في نتائج هذه الدراسة أن يؤمن المستطلعين بأن العالم "سيشهد حرباً نووية خلال عام إذا ما استمر التوتر على حاله".

هذا الخوف الدنماركي من ضربة ذرية، على الرغم من أن العالم لم يشهد مثلها منذ ضرب هيروشيما وناكازاغي في اليابان في 1945، يرى خبراء في السياسات الأمنية، مثل الباحثة في الأكاديمية الدفاعية في كوبنهاغن، ليزالوتا اودغوورد، أنّه "لا توجد أسباب حتى الآن لكي يتجه الناس نحو حفر ملاجئ في حدائق منازلهم".

وترى البروفسور ليزالوتا أنه "لحسن الحظ فإن الخطر ضئيل جداً، وهذا الشعور بالخوف والرعب يأتي بسبب تزايد الخطابات التخويفية المنطلقة هنا وهناك بدون وجود إرادة حقيقية لاستخدام السلاح الذري".

وتعتبر ليزالوتا أن "الولايات المتحدة لا تستطيع أن تذهب بعيداً في التهديد باستخدام السلاح النووي ضد كوريا الشمالية بدون التفكير بنتائج كارثية وأثمان على البشرية، فيما نظام كوريا الشمالية سيدخل في مقتل إن وجد نفسه في صراع مسلح، بما يعنيه ذلك من إنهاء تام لنظامه".

ولتخفيف هذه المخاوف المنتشرة في الشارع الدنماركي تذهب الأكاديمية الدفاعية في كوبنهاغن إلى تفهم "كل هذه المخاوف المتزايدة عند الناس من اندلاع حروب كبيرة بوجود كل هذه القوى النووية حول العالم".

وترى الباحثة ليزالوتا أنه من المفهوم أننا أمام توترات وتسابق تسلح بين أميركا وروسيا والصين وكوريا الشمالية، وكل ذلك يعيد الشعوب إلى فترة الحرب الباردة والتجييش والتسلح الذي يتابع تطوراته سكان العالم.

ولا يخفف جو سباق التسلح في الشمال الأوروبي من مخاوف الدنماركيين وغيرهم من حروب كبيرة "يمكن أن تندلع خلال العام الحالي"، بحسب الدراسة أو الآراء والتحليل الإخباري المتواصل حول الصراعات الدولية. ولا يستبعد خبراء في العلاقات الدولية في كوبنهاغن أن "تسوء الأمور أكثر في العلاقات الدولية مع تزايد التسلح بين القوى العظمى بما يؤثر على موقع الدول الصغيرة أيضاً".

وفي الاتجاه ذاته يذهب البروفسور في التاريخ الحديث بجامعة آرهوس ثورستين أولسن إلى القول "ثمة تشابه كبير بين سباق التسلح الذي شاع في فترة ثمانينيات القرن الماضي خلال الحرب الباردة وحالة عالمنا اليوم".

ويرى أولسن أن آراء الشارع حول العالم، ومنها في مجتمعات اسكندنافية، قلقة لوقوعها بين قوى تسابق تسلح، ولأن "الثمانينيات كانت بالفعل تدفعنا نحو تخصيص كثير من الموارد للتسلح، والآن نعود إلى ذات الأجواء، إذ ندخل جميعاً في حالة حلزونية لنصل إلى مستويات تسليح ودفاع كالآخرين، وهذا بالفعل تعبير عن أجواء مشحونة كأننا ذاهبون نحو حروب كبرى".


لا يختلف أستاذ التاريخ المعاصر، بول بلوم، في جامعة كوبنهاغن كثيراً عن أولسن في أن "الشعوب تتابع التخاطب السياسي والإعلامي، كما يفعل ترامب وكيم جونغ أون على سبيل المثال، ما يزيد المخاوف بالفعل".

ويوضح بلوم في معرض تعليقه على نتائج هذا الخوف في المجتمعات أن "حرب تويتر الباردة، بخطب رنانة وعسكرية، ولو كانت للاستخدام الداخلي، لإظهار أن التهديد خارجي تزيد من مخاطر غياب الأمان في المجتمعات".

ويرى بعض المهتمين بتأثير الخطاب الإعلامي للسياسيين على الشارع أن "أحاديث السياسيين ورجال الدين يعتبر مؤثراً في إشاعة الذعر بين البشر حول العالم"، كما تذكر سونيا سفينسون من جامعة آرهوس.

وتضيف سفينسون لـ"العربي الجديد" أنه "حين يستمع الناس مثلاً لبابا الفاتيكان، فرانسيس، وهو يقول إن البشرية تجد نفسها على حافة حرب نووية، فلك أن تتخيل تأثير مثل هذا التصريح على الناس العاديين الذين يتابعون بقلق سباق التسلح المتزايد". وتشير سفينسون إلى تصريح بابا الفاتيكان في الشهر الماضي، 15 يناير/ كانون الثاني، على متن الطائرة أثناء توجهه إلى العاصمة التشيلية سانتياغو.​​

وكان نحو 20 في المائة من الدنماركيين المستطلعين حول "الخوف من التوترات المؤدية لحرب خلال الـ12 شهراً المقبلة" قد أشاروا إلى أنهم "لا يعرفون"، فيما عارض نحو 19 في المائة الخوف من اندلاع حرب، وذهب 31 في المائة إلى التعبير عن إيمانهم بأن العالم سيشهد حرباً نووية خلال سنة. واستندت الدراسة التي قام بها "يوغوف" إلى عينة من 1013 مواطناً بين 18 و74 سنة، ونشرت نتائجها يوم الجمعة.

المساهمون