"الزحف نحو الجبال" اليوم لتحدّي الاستيطان

13 يونيو 2015
باتت نشاطات مناهضة الاستيطان موسمية (أنا فيرنسوويش/getty)
+ الخط -
ينتظر أهالي بلدة جماعين جنوب نابلس، زحف عشرات الناشطين ضدّ الاستيطان الإسرائيلي إلى جبل الضهر المطل على البلدة، والمهدد بالاستيلاء عليه من قبل المستوطنين.

ويطلق الناشطون من جبل الضهر اليوم السبت مبادرة "الزحف نحو الجبال"، ويعلمون أن مهمتهم لن تكون سهلة، لكن الحفاظ على ما تبقى من جبال وتلال في الضفة الغربية المحتلة، كان الحافز وراء إطلاق المبادرة، التي تنطلق من محافظة نابلس شمالي الضفة الغربية، على أن يصار إلى تعميمها في مختلف أراضي الضفة الغربية المحتلة لاحقاً.

اقرأ أيضاً: مخطط استيطاني ضخم على سفوح المكبر مقابل الأقصى

"لن نجلس ونراقب المستوطنين وهم يستولون على كل ما تبقى من تلال وجبال في الضفة الغربية المحتلة بحجة أنها أراضٍ مصنفة (ج) أو (ب) ويمنع على الفلسطينيين البناء فيها أو استثمارها حسب اتفاقية أوسلو"، يقول مسؤول ملف الجدار والاستيطان في محافظة نابلس، غسان دغلس.

ويضيف دغلس لـ"العربي الجديد" أنه "سوف يتم إطلاق فعالية (الزحف نحو الجبال) السبت، في ثلاثة مواقع في محافظة نابلس، وبالتزامن، وهي جماعين، حوارة، وقصرة".

وبحسب دغلس، فإن مفوضية التعبئة والتنظيم في حركة "فتح" هي التي تشرف على النشاط الذي يستهدف الزحف إلى نحو 200 جبل وتلة في نابلس، بواقع 35 موقعاً ما بين خربة وقرية وبلدة.

ومن المتوقع أن يقوم الناشطون بوضع بيت متحرك (كرفان) على نمط ذلك الذي يستخدمه المستوطنون عند الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، ليكون نواة بؤرة استيطانية، سرعان ما تكبر وتتمدد مثل الخلايا السرطانية في الأرض. لكن بعد التشاور والنقاش مع الناشطين والقائمين على الفعالية، سيصار إلى "بناء غرفة من طوب" في جبل الضهر، على أن يتم وضع (كرفانات) في الأماكن الأخرى، بحسب دغلس.

ويبدأ "الزحف نحو الجبال" من جنوب نابلس، وهي الأراضي التي تحيط بها أربع مستوطنات هي أرائيل وتفوح وسلمان ويتسهار، استولت على أراضي العديد من القرى جنوب المحافظة، بحيث باتت عشرات القرى تختنق من التمدد الاسيتطاني الذي حولها إلى جزر متباعدة، بعدما كانت امتدادات الأراضي والحقول بين هذه القرى تماماً مثل الامتداد العائلي المتشابك بين عائلاتها والذي يعود إلى مئات السنين قبل أن تولد دولة الاحتلال.

وفيما تبدو مبادرة "الزحف نحو الجبال" حلم كل شاب وفتاة فلسطينية، يعاني من البطالة والفقر، ويجد في العودة للأرض الحل الوحيد لحمايتها من النهب الإسرائيلي الممنهج، وفرصة الاستثمار الوحيدة للعيش بكرامة، تواجه هذه الفكرة مخاطر تتمثل في أن تكون موسمية وغير قابلة للتطور والبقاء بسبب غياب أي إرادة سياسية لجعل هذه المبادرات تتخطى كونها فعاليات احتجاجية لتصبح أمراً واقعاً، على غرار الأمر الواقع الإسرائيلي اليومي على الأراضي الفلسطينية.

ويهدد غياب الإرادة السياسية واهتمام الفصائل مختلف المبادرات الإيجابية والنشاطات المناهضة للجدار والاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة؛ ففي الاجتماع الذي عقد في محافظة نابلس قبل أيام لترتيب انطلاق "الزحف نحو الجبال" جرى في نهايته توجيه الدعوة لأمناء الفصائل الفلسطينية، الذين غابوا أو غُيبوا عن الاجتماع.

ولم يعد يخفى على أحد أن أمناء الفصائل الفلسطينية الذين تجاوز معظمهم عامه الستين، لا يشاركون في هذه الفعاليات إلا نادراً. وبغض النظر إن كان عدم الحضور يعود لأسباب صحية، أو بسبب دعوة فصيل سياسي آخر للفعالية، تبقى النتيجة ذاتها، وهي ضآلة المشاركة في مثل هذه الفعاليات، وقلة تأثيرها.

ويرى عضو اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار والإستيطان صلاح الخواجا في تصريحات لـ"العربي الجديد" أن هذه الخطوة تأتي استكمالا للخطوات التي بدأت منذ سنوات وتهدف إلى إنقاذ مناطق (ج) من الاستيطان مثل بناء قرى "باب الشمس" و"لمناطير" و"عين حجلة"، مشدداً على ضرورة أن تبقى هناك نشاطات، حتى لو كانت مثل "الزحف نحو الجبال"، فعالية احتجاجية، وليست من باب فرض الأمر الواقع".

ويؤكد "نحن بحاجة إلى تطوير الفعل الشعبي الاحتجاجي كي نستطيع الحفاظ على الأراضي المهددة بالاستيطان".

اقرأ أيضاً: قرية فلسطينية جديدة على أراضٍ مهدّدة بالمصادرة

باتت النشاطات المناهضة للاستيطان والجدار في الأراضي المحتلة موسمية، وفقدت قدرتها على حشد الشارع المثقل بالإحباط السياسي، والذي بات يدرك أن القيادة الفلسطينية لا تملك مشروعاً وطنياً واضحاً.

وفي هذا الإطار يقول الخواجا إنه "لا توجد خطة متكاملة وطنيا لهذا الأمر، وحتى الآن، القيادة السياسية لديها تردد في موضوع الانخراط الكامل في المقاومة الشعبية، وحشد الإمكانات والطاقات اللازمة له، لذلك ستبقى هذه الفعاليات في إطار محدود وصغير".

 من جهته، يرى الكاتب والمحلل السياسي خليل شاهين أن مبادرة "الزحف نحو الجبال"، رغم أهميتها، "تبقى رمزية الطابع، وفي ظل غياب الاستراتيجية الوطنية يجب تعميم هذه الرمزية لرفع الوعي بأهمية الحاجة إلى استراتيجية وطنية شاملة للمقاومة".

وحول معيقات وجود هذه الاستراتيجية، يجيب شاهين على سؤال "العربي الجديد" أن "السبب هو عدم وجود مؤسسة قيادة لدى الشعب الفلسطيني. لا يوجد مؤسسة قيادية بل هناك شخص واحد يقود الشعب الفلسطيني بطريقة ديكتاتورية الطابع، لأنها لا تستند إلى المؤسسة، وهناك غياب لمنظمة التحرير، وتراجع في دور الحركة الوطنية، فضلاً عن الانقسام الذي يعمق الأزمة التي تعيشها الحركة الوطنية الآن".

ويضيف "عندما لا يكون هناك قيادة، يصبح الباب مفتوحاً أمام المقاومة الفردية والنشاطات العشوائية، ورغم سلبية ذلك، غير أنه يدفع في نهاية المطاف الشباب إلى أشكال من التنسيق فيما بينهم ليتحولوا إلى أطر قيادية مثل ما حدث في الانتفاضة الأولى".

أما أهالي بلدة جماعين، البالغ عددهم عشرة آلاف مواطن، ينتظرون المبادرة ولسان حالهم يقول هل ستنجح هذه المبادرة في لفت نظر المجلس البلدي الذي وعد مراراً بإيصال الخدمات من ماء وكهرباء إلى جبل الضهر؟

يقول أحد مواطني القرية محمد الطاهر لـ"العربي الجديد" :"لقد أخذ عشرات المزارعين زمام المبادرة وقاموا باستصلاح أراضيهم بأنفسهم ومن دون إمكانيات تذكر في جبل الضهر، واليوم ننتظر تنفيذ البلدية لتعهداتها بإيصال الخدمات للمكان حتى نستطيع الصمود فيه".

المساهمون