الفلسطينيون: لا استقلال ونحن تحت الاحتلال

الفلسطينيون: لا استقلال ونحن تحت الاحتلال

15 نوفمبر 2016
يذكر وجود المستوطنات الفلسطينيين بأنهم تحت الاحتلال (Getty)
+ الخط -
لا يعطي الشارع الفلسطيني اهتماما كبيرا لذكرى إعلان استقلال دولة فلسطين، فلسان حال الناس في الضفة الغربية المحتلة يقول "كيف نحتفل بدولة مستقلة تقبع تحت الاحتلال الإسرائيلي".

في ذكرى الاستقلال، يتذكر الناس ملامح القتل والدمار التي يلحقها الاحتلال الإسرائيلي، بالفلسطينيين أنفسهم، عدا أن كافة المدن محتلة، وما زالت اراضيهم مشاعاً لآليات الاحتلال الإسرائيلي التي تقتحم القرى والبلدات في كل ليلة.

المختص في شؤون الأسرى والمحررين، فؤاد الخفش، قال على حسابه الخاص بموقع "فيسبوك" إنه "يجد صعوبة في إقناع طفلته جنى، حين طلبت منه أن يساعدها في كتابة كلمة في ذكرى الاستقلال، فأجابها باختصار، حين تنظرين من شباك غرفتك ولا تجدين مستوطنة "أرائيل" جاثمة فوق أراضي قريتنا سأكتب لك، حين تذهبين كل يوم لمدرستك في مدينة نابلس دون أن تمري عبر حاجز زعترة وحاجز حوارة سأكتب لك".

وأضاف مخاطبا طفلته "أتذكرين حين قمت من نومك مفزوعة قبل بضعة شهور وسألتِ بهلع ما هذا الصوت فقلت لك جيش الاحتلال هدم أحد منازل المعتقلين، قالت نعم، فقال لها حين يتوقف هذا الجيش عن هدم المنازل سأكتب لك عن الاستقلال".

يقول الخفش، إن "طفلته لم تفهم عليه، وبادلته بسؤال يعني نحن لسنا مستقلين"؟ فأجابها "نحن تحت الاحتلال الموجود في كل مكان ويستطيع أن يدخل كل بيت ويعتقل من يشاء وقت يشاء، ويقتل كل من يشك فيه دون أن يجد من يحاسبه، نحن كنا قبل أوسلو أحراراً وكنا مقاومين واليوم بِتْنا لا نعرف من نحن وما هو حالنا".

في المقابل استعادت، ثريا عليان، بحسب ما كتبت على حسابها بموقع "فيسبوك"، شيئاً من ذكريات إعلان الاستقلال قبل ثمانية وعشرين عاما، وتحدثت عن أصعب اللحظات، التي سبقت إعلان الرئيس استقلال دولة فلسطين، وتركت تساؤلا فقالت "الآن وبعد 28 سنة هل فعلا نام الشهداء واستراحوا، هل صنعنا الدولة المستقلة، التي حلمنا بها مع إعلان الاستقلال، أم إن ما بقي من هذا الإعلان هو يوم إجازة"؟

الشابة براءة سمارة، وهي غير مهتمة بالأحداث السياسية، تعجبت في تعليق لها على "فيسبوك" من عطلة استقلال الدولة المحتلة، وما تبقى من إرث الإعلان هو يوم الإجازة، بينما انهالت عليها تعليقات الأصدقاء بين ساخر وضاحك، ومتعجب أيضاً.


إحدى الصديقات كتبت تعليقا لافتا على ما نشرته سمارة، وشبهت الاحتفال بذكرى الاستقلال بـ"المرأة المطلقة التي تحتفل بعيد زواجها".

الواقع الذي تراه الطالبة الجامعية براء فيالة، وهي من سكان مخيم قلنديا للاجئين الفلسطينيين، مرير جداً، فالفلسطيني الذي يريد منه الساسة أن يحتفل باستقلال دولته يقبع تحت الاحتلال، وثمة حواجز عسكرية تنغص حياته اليومية، عدا عن الأسرى الذين يقبعون في سجون الاحتلال وهم محرومون من الحرية.

وتضيف فيالة بحديث لـ"العربي الجديد" أنه "لا يوجد شيء اسمه استقلال، الشعب محروم من أبسط حقوقه بسبب خضوعه للاحتلال، الأمر الذي يقال حول إعلان الاستقلال لا يمت للواقع بصلة، فلا استقلال ونحن تحت الاحتلال".

وتتمنى الشابة اللاجئة، أن يتحقق الاستقلال الحقيقي، بالفعل لا بالقول، حتى يصبح الاحتفال بذكراه مشروعاً أمام الناس، ويفتخرون به.

الناشط الإعلامي ليث طميزي اكتفى بالقول لـ"العربي الجديد" إن "يوم الاستقلال عبارة عن مناسبة وهمية مرتبطة بدولة لا وجود لها على أرض الواقع، الاستقلال الحقيقي يبدأ وينتهي بعودة آخر لاجئ فلسطيني إلى الوطن، ولا استقلال تحت احتلال".

أما الشاب عمر الرجوب فيرى أن "يوم الاستقلال يعود بالفلسطينيين إلى أمجاد النضال الفلسطيني"، وقال إن "إعلان الاستقلال الفلسطيني ليس بسيطاً، فقد فداه إخوتنا بدمائهم وحريتهم، وإن واجبهم علينا كفلسطينيين أن نواصل السعي حتى إقامة دولة فلسطينية مستقلة بالثوابت، وكل ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي من انتهاكات بحق الفلسطينيين يأتي في سياق تدمير الدولة الفلسطينية وكسر الثقة بالقيادة الفلسطينية التي تسعى عبر المؤسسات الدولية لإلزام الاحتلال بالاتفاقيات الدولية".

يتفاعل الفلسطينيون مع ذكرى استقلالهم، بشيء من التهكم والألم، ويشبهون ذكراهم، برجل عطش في وسط الصحراء، ويحاولون أن يقنعوه بأن يتخيل نفسه يشرب الماء، وعدا العطلة الحكومية الرسمية، لا يتعامل الناس مع الاستقلال على أرض الواقع، فالجميع مجمع على أن الأرض محتلة، والانتهاكات والاعتداءات تتزايد، وسرقة الأرض ماضية على قدم وساق، والاحتلال يكرس مفهومه على هذه الأرض، أكثر بمئات المرات من مفهومه قبل ثمانية وعشرين عاما عندما أعلن الرئيس ياسر عرفات قيام دولة فلسطين.

المساهمون