سيناء: انشقاقات في "داعش" وحملات الجيش تتعثر

سيناء: انشقاقات في "داعش" وحملات الجيش تتعثر

03 سبتمبر 2018
أوقف الجيش حملاته العسكرية جراء الهجمات (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

منيت الحملات العسكرية للجيش المصري على مناطق متفرقة من مدينتي رفح والشيخ زويد، خلال الأيام الماضية، بخسائر في المعدات والأرواح، نتيجة التصدي الشديد من قبل مجموعات تنظيم "ولاية سيناء"، الموالي لتنظيم "داعش"، الذي بدأ يعاني من انشقاقات في صفوف أفراده، بعد حملة لتسليم قادة التنظيم وأفراده أطلقها اتحاد قبائل سيناء، الذي يقوده رجل الأعمال السيناوي إبراهيم العرجاني، المقرب من أجهزة الاستخبارات المصرية.

وفي تفاصيل المشهد الميداني، قالت مصادر قبلية، لـ"العربي الجديد"، إن التنظيم تصدى لحملات الجيش المصري التي حاولت التقدم لمناطق نفوذه جنوب مدينة الشيخ زويد وغرب مدينة رفح، باستخدام مختلف أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، ما أدى إلى تكبد قوات الجيش خسائر بشرية ومادية، اضطر بسببها للانسحاب من مناطق تنفيذ الحملات العسكرية، إلى معسكرات الساحة برفح والزهور في الشيخ زويد، بعد نقل الجثث والإصابات إلى مستشفى العريش العسكري.

وأضافت المصادر أن التنظيم خدع الجيش بسماحه بالبدء في حملات عسكرية خلال الأسبوعين الماضيين، إلى أن أصبح الجيش يدخل تلك المناطق بالآليات غير المصفحة، بعد استغنائه عن الدبابات ومدرعات نقل الجنود، ما جعل من قوات الجيش لقمة سائغة أمام مجموعات التنظيم التي تجهزت للتصدي للحملات، مؤكدةً أن "ولاية سيناء" حقق إصابات مباشرة في صفوف الجيش، الذي أوقف الحملات العسكرية أخيراً بعد انسحاب قواته نتيجة الهجمات المتتالية التي وقعت في مناطق المقاطعة جنوب الشيخ زويد، وقوز خميس، غرب رفح. وقالت مصادر طبية في مستشفى العريش العسكري، لـ"العربي الجديد"، إنه منذ هجوم التنظيم على كمين الكيلو 17، استقبل المستشفى أكثر من 16 جثة لضباط ومجندين من قوات الجيش والشرطة، نتيجة هجمات متواصلة طيلة الأيام الماضية، بالإضافة إلى عشرات الإصابات، بعضها وصفت بالخطيرة، نتيجة التعرض لإطلاق نار وقذائف بشكل مباشر، فيما تم نقلهم إلى مستشفيات خارج سيناء لتلقي العلاج، مضيفةً أنه تم حظر الإعلان عن أي معلومات بخصوص القتلى، خلال الفترة الحالية تحديداً. وتأتي هذه التطورات في ظل إعلان التنظيم عن تنفيذه الهجوم العنيف على كمين الكيلو 17، غرب العريش، قبل عدة أيام، ما أدى إلى مقتل وإصابة 15 مجنداً مصرياً، فيما أكدت مصادر طبية، لـ"العربي الجديد"، أن ثمانية مجندين من قوات الشرطة قتلوا، بالإضافة إلى 7 مصابين، وهو ما أكده بيان التبني الذي أصدرته وكالة "أعماق" التابعة للتنظيم.


وفي المقابل، ظهرت بداية الانشقاقات العلنية عن "ولاية سيناء"، الموالي لتنظيم "داعش"، بعدما نشر اتحاد قبائل سيناء، الذي يقوده العرجاني المقرب من أجهزة الاستخبارات المصرية، مقطعاً مصوراً لشخصين قال إنهما عنصران من التنظيم سلما نفسيهما في إطار الحملة التي أطلقها الاتحاد بهدف تسليم قادة وعناصر التنظيم، والتي نجح خلالها من الوصول إلى أحد قادة التنظيم، ويدعى ب ب، من سكان مدينة رفح، بواسطة أحد الأشخاص الذي أدلى بمعلومات عنه مقابل جائزة مالية قدرها مليوني جنيه، وهو الذي تم تسليمه في وقت لاحق إلى جهاز الاستخبارات المصرية. وقالت مصادر قبلية، لـ"العربي الجديد"، إن الشخصين اللذين ظهرا في فيديو اتحاد قبائل سيناء، هربا من قطاع غزة إلى سيناء بمساعدة عناصر من التنظيم قبل ثلاثة أشهر، وتمكنا من الانضمام إلى "ولاية سيناء"، لكنهما حاولا العودة إلى غزة بعد عدم انسجامهما مع عمل "ولاية سيناء"، وهذا ما تم رفضه بشكل مطلق من قيادة التنظيم، إلى أن استطاعا الهرب وتسليم نفسيهما إلى مجموعة عسكرية تابعة لاتحاد قبائل سيناء، التابع للعرجاني، خصوصاً أن الشخصين من البدو، أحدهما من قبيلة الترابين التي ينتمي إليها العرجاني.

وأوضحت المصادر أنها المرة الأولى التي تظهر فيها وجوه أفراد من التنظيم انشقوا عنه، بعدما انشق عدد آخر قبل سنوات وانضموا لمجموعات عسكرية تتبع لتنظيم "القاعدة" في أفغانستان، ولكن لم يتجرأوا على الإعلان عن أسمائهم أو صورهم كما فعل الشخصان اللذان سلما نفسيهما للاتحاد، متوقعاً أن يجري تسليمهما إلى الاستخبارات المصرية خلال الأيام المقبلة، لاستكمال التحقيق وأخذ العقوبة القانونية في المحاكم العسكرية، بعيداُ عن الوعود التي رافقت المقطع المصور بأنهما سيلقيان معاملة حسنة لأنه لم تلطخ أيديهما بالدماء المصرية. وتوقعت المصادر أن تشهد الفترة المقبلة مزيداً من الانشقاقات في صفوف التنظيم، خصوصاً في ظل حالة التضعضع التي أصابته أخيراً، إثر العملية العسكرية الشاملة التي بدأت في 9 فبراير/ شباط الماضي، وما زالت متواصلة حتى الآن، إلا أنها، في الوقت ذاته، لم تستطع القضاء على التنظيم، بل حجمت من مناطق تحركه وقدرته على المناورة وتنفيذ العمليات، وفق ما يشير مراقبون للتطورات في سيناء.

وقال باحث في شؤون سيناء، لـ"العربي الجديد"، إن مشاهد الانشقاق عن "ولاية سيناء" تزعج قيادته وتربك حساباتها بشكل لافت أكثر من بقية الأحداث، لأن ذلك يعني خللاً في إدارة التنظيم ومتابعة لأفراده، وهذا سينعكس سلباً بالتأكيد على الأوضاع النفسية لبقية العناصر، خصوصاً أولئك المعترضين على سياسات التنظيم ومنهجه في التعامل مع المدنيين والعسكريين أيضاً في سيناء، إلا أن ذلك لم يرق إلى مستوى الظاهرة حتى اللحظة، مع التوقع بتمدد الانشقاق ليطاول عناصر أخرى خلال الفترة المقبلة. وأضاف الباحث، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن حالة الاندثار للتنظيم في العالم تمثل أبرز الأسباب التي تدفع عناصره للانشقاق عنه في الوقت الحالي، بالإضافة إلى انعدام التمويل المركزي، والاعتماد على التحصيل المحلي، من خلال ملاحقة تجار السجائر والممنوعات، أو السيطرة على أموال الغير دون وجه حق، في ظل عدم وجود محاسبة أو مراجعة من قبل قيادات التنظيم، تحت شماعة الأزمة المالية، والقاعدة الشرعية التي تقول إن الضرورات تبيح المحظورات.