غالبية الاعتدءات على أطفال تونس تقع ضمن الأسرة

غالبية الاعتدءات على أطفال تونس تقع ضمن الأسرة

23 يونيو 2020
يواجه بعض الأطفال ظروفاً قاسية (فتحي نصري/ فرانس برس)
+ الخط -
يبشّر ارتفاع عدد البلاغات المتعلقة بالتهديدات أو الاعتداءات بحق الأطفال في تونس بما هو إيجابي، إذ يشير إلى رفض عائلات كثيرة الصمت. في الوقت نفسه، يتطلب الواقع جهوداً كبيرة لحماية الأطفال 

كشف تقرير رسمي أصدرته وزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن في تونس عن تلقّي مندوبي حماية الطفولة أكثر من 17506 إشعارات (بلاغات) تتعلّق باعتداءات وتهديدات للأطفال خلال عام 2019، غالبيتها داخل الأسر. وأعلن المندوب العام لحماية الطفولة في تونس، مهيار حمادي، عن تضاعف عدد الإشعارات التي تلقاها مندوبو حماية الطفولة خلال السنوات العشر الأخيرة، مشيراً إلى تسجيل 17506 إشعارات خلال عام 2019، مقارنة بـ8272 خلال عام 2009، مؤكداً على أن إقليم تونس الكبرى (تونس وبن عروس ومنوبة وأريانة)، سجل أكبر نسبة من الإشعارات بـ27.42 في المائة.

وتشهد الأسر التونسية وقوع النسبة الأكبر من التهديد باعتداءات ضد الأطفال في البلاد، بحسب حمادي. ويؤكد أنّ المنزل ما زال يشكّل التهديد الأبرز بالمقارنة مع بيئات أو أماكن أخرى، مع تسجيل 9432 إشعاراً بنسبة 53.88 في المائة، ثم الشارع بـ3743 بنسبة 21.38 في المائة، تليه المؤسسات التعليمية بنسبة 13.3 في المائة، أي ما يناهز 2329 إشعاراً بالتهديد.

ويشرح حمادي أن عدد الإشعارات التي تشكل العائلة والأقارب مصدراً للتبليغ فيها وصل إلى 10138 بنسبة 57.91 في المائة، ثمّ السلطة الأمنية بعدد إشعارات بلغ 1631 وبنسبة 9.32 في المائة، ثمّ المؤسسات التربوية بـ1400 إشعار وبنسبة 9.32 في المائة، لتحتل المؤسسات الصحية المرتبة الرابعة بـ1205 إشعارات وبنسبة 6.88 في المائة. ويوضح أنّ عدد الإشعارات في بيئات أو أماكن أخرى يراوح ما بين 4.83 في المائة بالنسبة للمؤسسات الاجتماعية بـ845، و2.4 في المائة صادرة عن منظمة أو جمعية بـ420 إشعاراً فقط. وبلغ عدد الإشعارات الصادرة عن مندوبي حماية الطفولة 549، ولم تتجاوز الإشعارات الصادرة عن الأطفال بحدّ ذاتهم 1.42 في المائة.

وبلغت القرارات الحمائية المتخذة من قبل مندوبي حماية الطفولة لرفع التهديد عن الطفل وحمايته 16290، شملت التوعية وتوجيه العائلة واتخاذ تدابير عاجلة في حالات الإهمال والتشرد أو إخراج الطفل من المكان الذي يوجد فيه في حال كان هناك خطر عليه.

في هذا الإطار، يقول الباحث الاجتماعي حسن موري لـ"العربي الجديد": "تضاعف عدد البلاغات المتعلّقة بتهديد الأطفال لا يعني بالضرورة زيادة نسبة التهديدات والبلاغات، بل قد يكون مؤشراً على زيادة الوعي بين المواطنين حول أهمية الإبلاغ عن الجرائم والتهديدات وزيادة الثقة في مؤسسات الدولة ومصالحها لمتابعة ورعاية الأطفال المهددين". في الوقت نفسه، يضيف أن هذا العدد المرتفع من الإشعارات لا يعني حماية جميع الأطفال المعنفين أو المهددين، كما لا يقلص من زيادة المخاطر والتهديدات التي تتربص بأطفال تونس لاعتبارات عدة، من بينها تغير أشكال الجرائم وزيادة نسبة الحرية والحد من الرقابة على البرامج التلفزيونية ومواقع التواصل الاجتماعي، والتي يمكن أن تتضمن تحريضاً على العنف.



وفي ظل ارتفاع نسب العنف الأسري والعنف في الشارع والاستغلال الاقتصادي والجنسي، يشير موري إلى ضرورة الرقابة من خلال إشراك المجتمع المدني والعائلات والمربين والمكوّنات المحيطة بالطفل للتصدي لكل أشكال العنف.

وبحسب التقرير، يتوزع الأطفال بحسب الجنس ما بين 53.34 في المائة ذكور و46.66 في المائة إناث. وتعد الإشعارات المتعلقة بـ"التقصير البيّن في التربية والرعاية" الأعلى بـ4740 حالة بنسبة 27.08 في المائة، ثم "اعتياد سوء معاملة الطفل" بـ3912 إشعاراً وبنسبة 22.39 في المائة، فـ"عجز الأبوين أو من يسهر على رعاية الطفل والإحاطة به وتربيته" بـ3912 وبنسبة 22.35 في المائة، ثم "تعريض الطفل للإهمال والتشرّد" بـ1730 إشعاراً بنسبة 9.88 في المائة، و"استغلال الطفل جنسياً" بـ1234 إشعاراً وبنسبة 7.05 في المائة، و"فقدان السند العائلي" بـ1138 إشعاراً وبنسبة 6 في المائة. أما التهديدات الأقل، فهي تلك المتعلقة "بتعريض الطفل للتسول أو استغلاله اقتصادياً". ويبلغ عدد البلاغات 578 وبنسبة 3.3 في المائة. ويأتي في المرتبة الأخيرة "استغلال الطفل في الجريمة المنظمة" بـ254 إشعاراً وبنسبة 1.45 في المائة.

أما عدد الأطفال الذين تعرضوا للعنف المعنوي فبلغ 2885 طفلاً بنسبة 43.53 في المائة، يليه العنف الجسدي الذي أثر على 2594 طفلاً بنسبة 39.14 في المائة، ثمّ العنف الجنسي الذي طاول 1149 طفلاً بنسبة 17.64 في المائة. ويتعرض الأطفال الذكور أكثر من الإناث للعنف الجسدي بنسبة 56.40 في المائة والعنف المعنوي بنسبة 53.28 في المائة. في حين تتعرض الإناث للعنف المعنوي بنسبة 46.72 في المائة والعنف الجسدي بنسبة 43.60 في المائة.

ويفيد التقرير بأنّ الأطفال الذين تعرضوا للعنف الجنسي غالبيتهم إناث بـ813 حالة وبنسبة 70.76 في المائة، في مقابل 336 للأطفال الذكور بنسبة 29.24 في المائة. بذلك، تكون الإناث أكثر عرضة للعنف الجنسي، في حين أن الذكور هم أكثر عرضة للعنف الجسدي والمعنوي.

وفي ما يتعلّق بالولادات خارج إطار الزواج، فقد سُجّلت بمعظمها في إقليم الوسط الشرقي (317 ولادة)، بنسبة 41.33 في المائة، في حين تم تسجيل النسب الأقل في إقليم الجنوب الغربي بنسبة 4.04 في المائة، وفي إقليم الوسط الغربي بنسبة 4.82 في المائة، وفي إقليم الشمال الغربي بنسبة 5.87 في المائة. وبحسب التقرير نفسه، فقد بلغت محاولات الانتحار لدى الأطفال 400 حالة توزّعت ما بين 315 محاولة بين الفتيات في مقابل 85 محاولة بين الذكور.



كما ألقى التقرير الضوء على الاتجار بالأطفال. وغالبيّة الأطفال الذين رصدوا هم تونسيون باستثناء طفلين، على الرغم من ارتفاع نسبة اليد العاملة الأجنبية، لا سيّما القادمة من أفريقيا جنوب الصحراء. وارتفعت نسبة الاتجار بالأطفال في ولاية سيدي بوزيد وبلغت 47 طفلاً بنسبة 25.96 في المائة. وكشف ضبط مدرسة قرآنية في البلاد متورطة بالاتجار بالبشر أنّ 42 طفلاً كانوا عرضة "لتعبئة أيديولوجية من قبل جماعات متطرفة". وتحل ولاية القيروان في الترتيب الثاني (36 طفلاً بنسبة 19.88 في المائة)، من بينهم 24 طفلاً تعرضوا للاستغلال الجنسي، 17 منهم إناث، و12 طفلاً تعرضوا للاستغلال الاقتصادي. وسجلت ولاية تونس 18 شبهة اتجار بالأطفال اقتصادياً بنسبة 9.94 في المائة، ثم ولاية أريانة بـ11 طفلاً بنسبة 6.07 في المائة. كما سجلت محافظة بنزرت 9 حالات لاتجار بالأطفال بنسبة 4.97 في المائة.

المساهمون