غزّة تُطيل عمر أدويتها

غزّة تُطيل عمر أدويتها

26 ابريل 2016
صالح لغاية 22 - 6 - 2016 (محمد الحجار)
+ الخط -

تتعدد الأزمات التي يعيشها القطاع الصحي في غزّة، والتي تهدد حياة المرضى على مدار الساعة. ولعلّ أبرزها صعوبة إدخال الأدوية المستوردة إلى مستشفيات القطاع المحاصر. لكنّ وزارة الصحة اليوم، أصبحت قادرة على "تمديد حياة" الأدوية منتهية الصلاحية، بعد عمل شاق استمرّ أربعة أعوام، تمكّن خلاله ثلاثة صيادلة من إطالة فترة صلاحية 23 نوعاً من أدوية الدرجة الأولى المستخدمة في المستشفيات.

ما دفع الصيادلة إلى ذلك في دائرة الأدوية في وزارة الصحة، هو وجود أصناف منتهية الصلاحية في مخازن الوزارة من جهة، ومن جهة أخرى إغلاق معبر كرم أبو سالم من الجانب الإسرائيلي في حين لا تدخل عبر معبر رفح أي أدوية، بالإضافة إلى عدم إرسال وزارة صحّة رام الله أدوية لغزّة.

كانت بداية الفريق صعبة في ظل عدم توفّر أجهزة ومعدات خاصة لعملية التحليل والخروج بالنتائج، الأمر الذي أطال فترة العمل من عام 2012 إلى قبل شهر من العام الحالي. هذا ما يوضحه رئيس قسم الرقابة على مصانع الأدوية ومختبراتها في وزارة الصحة ناهض شعت، وهو المسؤول عن فريق تمديد حياة الأدوية في الوزارة. ويؤكد لـ"العربي الجديد" أنّ عدداً من الأدوية المهمة انتهت صلاحيتها، في حين لا تتوفّر علاجات بديلة عنها، خصوصاً لمرضى الكلى من الأطفال والبالغين على حدّ سواء ومرضى السرطان.

يقول شعت "في البداية، رحنا نبحث عبر الإنترنت، ووجدنا إمكانية تمديد صلاحية بعض الأصناف، خصوصاً لدى دائرة الدواء والغذاء في الولايات المتحدة الأميركية (إف دي أيه)، فهي كانت السباقة في تجربة تمديد صلاحية الدواء". وتابع الفريق البحث عن إرشادات خاصة لضمان سلامة تمديد صلاحية الأدوية، مستنداً إلى تجارب عديدة خاصة بأدوية الكلى والسرطان بأنواعه.




من بين التجارب التي استند إليها الفريق الغزّي، ما عمدت إليه وزارة الدفاع الأميركية عند تمديد صلاحية 122 صنفاً في عام 1986 من بين أصناف أخرى في سنوات لاحقة، وكذلك ما قامت به وزارة الصحة الإسرائيلية في العامين 2004 و2005 وأيضاً في عام 2008. يُذكر أنّ تمديد الصلاحية كان لخمسة أعوام في تلك التجارب، في حين أنّه يقتصر في غزة ما بين ثلاثة وستة أشهر.

توضح الصيدلانية في دائرة الرقابة في وزارة الصحة نعمة صيام، وهي مشاركة في تمديد صلاحية الأدوية، أنّ "التجارب شجّعتنا على إنقاذ واقع الأدوية في غزة، في ظل تقلّص كميات الأدوية المستوردة التي تدخل عبر وفود طبية إلى غزة بعد عدوان 2014. يُذكر أنّ الكميات التي دخلت غزة على أثر العدوانين الإسرائيليين على القطاع في العام 2009 والعام 2012، كانت أهمّ بكثير".

في عمله، يتّبع الفريق الخطوات نفسها التي تتبعها منظمة الصحة العالمية، التي تشترط الالتزام بالتعليمات وتنصّ على أنّ وزارة الصحة في أي دولة هي المسؤولة عن تمديد صلاحية الدواء، ومن ثمّ تحديد كمية الدواء التي سوف يمدَّد تاريخها، وآلية التخزين، بالإضافة إلى عملية لصق رقع الصلاحية الجديدة فوق تلك القديمة بالتنسيق مع دائرة المستودعات الطبية.

تبدأ الخطوات العملية بالبحث في وجهة النظر العلمية بحسب ما تقرّها المنظمة: هل من الممكن تمديد هذا الصنف أم لا، وهل من الممكن تمديد صلاحيته بحسب ثبات الصنف والمادة الكيميائية وجودة التخزين؟ وخلال التأكد من ذلك، يُحفظ في سجل معلومات الدواء، وتؤخذ عينة لمختبرات معتمدة في قبل وزارة الصحة، وهي في هذه الحال مركز البحوث العلمي في جامعة الأزهر ومختبر الصحة العامة التابع للوزارة. بعد عملية فحصه كيميائياً وفيزيائياً وجرثومياً، وفي حال ثبتت مطابقته لدستورَيّ الأدوية الأميركي والبريطاني، يُمدَّد تاريخ صلاحيته. وكل صنف له طريقة معينة بحسب دستور الأدوية. وتلفت صيام هنا إلى أنّ "في بعض أصناف الأدوية، لا نجد مادة خاما مرجعية، وهي أساسية في عملية التحليل. بالتالي لا نمدّد الصلاحية على الرغم من حاجتنا إلى تلك الأصناف".

في السياق، يوضح مدير دائرة الرقابة الدوائية في وزارة الصحة الدكتور أيمن كردية أنّ "هذه العملية وفّرت على الوزارة 200 ألف دولار أميركي مذ بدأنا بها، على الرغم من أنّ أساس الموضوع لم يكن توفيراً مالياً بقدر ما هو المحافظة على أصناف لازمة لخدمات صحية يحتاج لها المريض". ويشير إلى أنّ "الأصناف بمعظمها هي للمستشفيات ولحالات الطوارئ، ولا يمكن للمريض شراؤها من الصيدليات العادية، إذ إنّنا نشرف على تناولها في المستشفى للتأكد من سلامة اتباع الإرشادات".

المساهمون