وصفة لتهجير السوريين

وصفة لتهجير السوريين

19 يونيو 2016
الهدف الأساس للأسد هو تهجير السوريين وتحقيق غاية الشركاء(Getty)
+ الخط -
 

وكأن من حوار دار همساً بين نظام بشار الأسد وحلفائه في طهران وموسكو وضاحية بيروت بلبنان، لتهجير السوريين الذين لم تنجع عودة القصف والبراميل المتفجرة، بترحيلهم عن ديارهم، يمكن تكثيفه درامياً بالآتي.

- أنت تتساهل مع السوريين يا سيادة الرئيس!.

  • الأسد الابن: كيف أتساهل بعد كل هذا القتل الذي جربت خلاله حتى الأسلحة الكيماوية؟!

- وماذا نفعك، الأمور بخواتمها وما تترك على الأرض من نتائج؟!

  • ماذا تقصدون؟!

- أيعقل وبعد خمس سنوات لم تعرف أن تهجر سوى نصف الشعب، ألا تعلم أن الجغرافيا التي نستهدفها مكتظة بالسوريين، وقد يؤثر ذلك على مشروعاتنا المقبلة، وخصوصاً أن بعض السوريين لا يبيع بيته وأرضه رغم كل الفقر والحصار والموت.

  • الأسد الابن يسائل: وما الحل كي يتم تهجير كل ما يعيق سورية المفيدة التي تصل العراق بلبنان ليتحقق الحلم الفارسي، وأفي بوعدي الاستثماري والاستيطاني، للأصدقاء الروس.

- مزيد من التفقير بحيث لا يستطيع العيش بسورية، إلا من يبيع ممتلكاته، طبعاً مع ما يلزم من تكثيف القصف والصواريخ والبراميل... وهذه مهمتنا لا تشغل بالك.

  • بعد ضحكة كما ضحكات رئيس النظام السوري خلال خطاباته، يقول: سهلة ولدي مقترح من الأصدقاء الروس، لن يبقى بسورية إلا المتسولون و"جماعتنا".

ويضيف بطريقة الخروج عن النص، كما يفعل الأسد بكل خطاب، غداً سنرفع أسعار المشتقات النفطية بنسب لم تشهدها سورية بتاريخيها، القديم والحديث، ونلصق الزيادة بعهدة حكومة الحلقي الفاشلة التي سنكلف غيره غدا لتشكيل حكومة، وبعد أيام نزيد الرواتب لجماعتنا، فيدفع المندسون الثمن مضاعفاً، تزيد عليهم أسعار المشتقات النفطية وتزيد بعد أيام أسعار جميع السلع والمنتجات، ولا يستفيدون من الزيادة لأنهم مفصولون من العمل بالدولة.. ولا يبقى أمامهم سوى البيع والرحيل.

ابتسم الجميع وباركوا حكمة السيد الرئيس وتمنوا له استمرار حكم سورية خالية من السوريين.

قصارى القول: قد لا يصلح سيناريو كهذا أقرب للكوميدي لحال مؤلمة كالتي يعيشها السوريون، بيد أنه الأقرب لوصايا ميكافيللي، إذ لا يمكن سحب أي منطق سياسي أو اقتصادي على رفع أسعار المشتقات النفطية، وللمرة السادسة خلال الثورة، بواقع 65 ليرة لليتر البنزين و45 ليرة للمازوت، ورفع سعر أسطوانة الغاز بنحو 700 ليرة سورية.

إذ وبقليل من التحليل، سيتضح وبعيداً عن أي فكر مؤامراتي، أن الهدف من رفع أسعار المشتقات النفطية، والتي سيلحقها رفع أسعار جميع السلع والمنتجات، هو مزيد من تفقير السوريين الذين لا دخل ولا عمل لهم، إلى أعلى من النسبة الحالية المقدرة بأكثر من 85%.

أما ما يمكن أن يصاغ كمبرر عبر قرار رفع الرواتب والأجور بمعدل 7500 ليرة "15 دولاراً" فهو أقبح من ذنب، لأن 2.3 مليون من السوريين خسروا وظائفهم وأعمالهم خلال الثورة، ولم يبق من يتقاضى أجراً، إلا أتباع الأسد الذين لا تطاولهم خطة التكريه والتهجير.

نهاية القول: ترى هل سيستفيد الأسد من قرار رفع الأسعار لتأمين موارد للخزينة بعد أن فقدت مواردها التقليدية من نفط وضرائب وفوائض المؤسسات الحكومية، ليتابع تمويل الحرب ودفع أجور المقاتلين ومناصريه.

في محاولة للإجابة بمنطق اقتصادي كلي، بعيداً عن العائدات الآنية، قد تكون الإجابة لا، لأن رفع الأسعار وما سيليه من ضخ كتل نقدية من الليرة السورية كزيادة للراتب، ستزيد سعر صرف الليرة تدهورا والتضخم الذي يزيد عن 1000% في بعض الأيام، تهاوياً، وتتوقف المنشآت ربما عن الإنتاج أو يعاني إنتاجها من الكساد بعد رفع تكاليف الإنتاج.

بيد أن الإجابة من منظور "أسدي" لا شك أنه سيستفيد وبشكل مضاعف، شطره الأول تأمين سيولة من جيوب السوريين بصرف النظر عن الكيفية والعقابيل الاقتصادية والاجتماعية، والشطر الثاني أنه سيزيد من تجويع وتفقير السوريين، خاصة من لا رواتب وأجور لهم، فيحقق الهدف الأساس وهو تهجير السوريين وتحقيق غاية وهدف الشركاء.

المساهمون