متحف القرارة... زوجان يحاولان الحفاظ على التراث في غزة

متحف القرارة... زوجان يحاولان الحفاظ على التراث في غزة

غزة

يوسف أبو وطفة

avata
يوسف أبو وطفة
20 فبراير 2021
+ الخط -

يكسر متحف القرارة في البلدة الواقعة في الجزء الشمالي الشرقي من محافظة خان يونس، جنوبي قطاع غزة، الطابع التقليدي للبلدة التي تشتهر بطابعها الريفي وانتشار الأراضي الزراعية في مختلف أنحائها مقارنة بالمناطق المحيطة بها.

ويوجد المتحف بين مجموعة من الأراضي الزراعية المحيطة به، فيما يغلب على شكله الطابع التقليدي القديم للمنازل الفلسطينية، إلى جانب بساطته من الداخل وتوجد فيه آلاف القطع التراثية والأثرية والملابس القديمة. وتأسس متحف القرارة بجهود فردية وذاتية من الزوجين نجلاء أبو نحلة ومحمد أبو لحية، وهما من سكان المنطقة ذاتها، عام 2016، ليكون شاهداً على التراث والآثار الفلسطينية، إذْ بدأ بقطعة تراثية واحدة فقط، ليصل محتواه حالياً لقرابة 3500 قطعة.

وعلى مدار تلك السنوات تحول المكان لمزار من قبل سكان المنطقة إلى جانب عشرات الأنشطة والفعاليات المدرسية التي نفذت فيه والتي تتحدث عن التراث الفلسطيني والحضارات التي كانت موجودة قبل آلاف السنين. ويضم المتحف مجموعات كبيرة من القطع الأثرية والتراثية التي كانت مدفونة تحت الأرض أو في عمق البحر، والتي جمعت من مجموعة من المتطوعين الذين انضموا إلى أبو نحلة وزوجها للعمل ضمن المتحف رغبة منهم في الحفاظ عليه وعلى ما به من تراث. وجمعت هذه القطع من مجموعة من المتطوعين الذين انخرطوا للعمل في إطار المتحف لتعزيزه بالقطع التراثية والأثرية التي استخرج أغلبها من منطقة القرارة، أو تم جمعها من كبار السن الذين عايشوا حقبات مختلفة من التاريخ الفلسطيني القديم قبل النكبة وبعدها.

يبلغ عدد الفريق العامل في المتحف حالياً 8 أشخاص، بين فنانين تشكيليين وحرفيين ومرشدين للزوار ومعرفين بالآثار

ويبلغ عدد الفريق العامل في المتحف حالياً 8 أشخاص، بين فنانين تشكيليين وحرفيين ومرشدين للزوار ومعرفين بالآثار، إلى جانب وجود مختبر متخصص في ترميم الآثار والقطع الأثرية القديمة، والذي يعتبر الأول من نوعه في القطاع.
وقسمت أبو نحلة وزوجها أبو لحية المكان إلى عدة غرف توجد فيها القطع التراثية والأثرية، حيث جمعا داخل متحفهما مخلفات عسكرية تعود لفترة الانتداب البريطاني لفلسطين وخوذ جنود، بالإضافة إلى قطع نحاسية قديمة وموازين ومعدات خاصة بالزيتون والقهوة.

ويحتوي المتحف على المكاحل النحاسية والبراقع المرصعة بالمعادن وبعض القطع الذهبية، حيث كانت النساء يستخدمنها قناعاً للوجه، إلى جانب ملابس تراثية قديمة كان الرجال والنساء يرتدونها خلال حقب زمنية متنوعة. أما الساحة الخارجية للمكان فتحتوي على عشرات القطع والحجارة القديمة التي تعتبر من التراث الفلسطيني والتي يتم استخراجها من باطن الأرض خلال عمليات الحفر أو البناء داخل البلدة أو خارجها، فيما يضم المتحف قطعتين تراثيتين نادرتين تتمثلان في "لوح الدراس"، وهي أداة زراعية كان المزارعون يستخدمونها قديماً، ومعصرة للزيتون تعود للعصر الروماني ويزيد عمرها عن 3 آلاف عام. 

علوم وآثار
التحديثات الحية

وتقول نجلاء أبو نحلة لـ"العربي الجديد"، إن الرغبة في تأسيس متحف خاص بالقرارة جاء لكون البلدة ذات طابع إنتاجي وزراعي، ومن أجل كسر القالب التقليدي المعروف عنها بطريقة تعزز معرفة سكان المنطقة بتراثهم وآثارهم. وتوضح أنها واجهت وزوجها في بداية الأمر صعوبات تتمثل في عدم تقبل الفكرة، وهو ما تم تجاوزه بمرور الوقت، ومع انضمام المزيد من المتطوعين للعمل معهما، تحول المكان لمزار أمام سكان المنطقة وبعض الأجانب الذين يزورون القطاع. وحرص القائمون على المتحف خلال السنوات التي تلت تأسيسه، على تنظيم رحلات مدرسية وإقامة أنشطة مرتبطة بالأطفال تستهدف التركيز على تعزيز العلاقة مع التراث والآثار الفلسطينية من خلال ما تم جمعه من قطع قديمة. وتشير أبو نحلة إلى أن تأسيس المتحف وجميع الأنشطة المتعلقة به هو نتاج جهد ذاتي وبتمويل خاص منهما، وهو الأمر الذي يلقي عليهما بعض الصعوبات، كون المكان المقام عليه المتحف ليس ملكية خاصة بهما وتم استئجاره.

ويفتح المتحف أبوابه بشكل شبه دائم أمام الزوار الراغبين في التجول بداخله والتعرف إلى أبرز القطع التراثية والأثرية الموجودة بداخله، إلى جانب تنظيم فعاليات شبه شهرية لمختلف الفئات العمرية للحفاظ على استمرارية عمله. ويطمح الزوجان أبو نحلة وأبو لحية إلى أن يتحول متحف القرارة الثقافي لأكبر مزار تراثي في فلسطين، وأن يتمكنا من المشاركة في معارض دولية بالقطع التي تم جمعها على مدار الفترة التي تلت تأسيسه وإطلاقه بشكل رسمي.
 

ذات صلة

الصورة
مطالبة بإنهاء الإبادة الجماعية في قطاع غزة (حسن مراد/ Getty)

مجتمع

يسعى أساتذة في تونس إلى تعويض غياب العملية التعليمية الجامعية بالنسبة للطلاب الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي، من خلال مبادرة تعليمية عبر منصات خاصة.
الصورة
هاريس رئيس وزراء أيرلندا الجديد (فرانس برس)

سياسة

حذّرت وزارة الخارجية الإسرائيلية رئيس الوزراء الأيرلندي من خطر الوقوف "على الجانب الخاطئ من التاريخ"، وهاجمته خصوصاً لأنّه لم يذكر في خطابه الرهائن في غزّة.
الصورة
توماس غرينفيلد في مجلس الأمن، أكتوبر الماضي (بريان سميث/فرانس برس)

سياسة

منذ لحظة صدور قرار مجلس الأمن الذي يطالب بوقف النار في غزة سعت الإدارة الأميركية إلى إفراغه من صفته القانونية الملزمة، لكنها فتحت الباب للكثير من الجدل.
الصورة

سياسة

وثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إفادات وصفها بالصادمة عن سلسلة جرائم مروعة وفظائع ارتكبها جيش الاحتلال خلال عمليته المستمرة في مستشفى الشفاء بمدينة غزة.

المساهمون