القصة الكاملة لسقوط جيرار ديبارديو عن عرش السينما الفرنسية خلال 2023

القصة الكاملة لسقوط جيرار ديبارديو عن عرش السينما الفرنسية خلال 2023

28 ديسمبر 2023
شارك في أكثر من 200 فيلم سينمائي وتلفزيوني (جون ماكدوغال/ فرانس برس)
+ الخط -

رمز للعنف الجنسي والذكورية المتفلتة لدى البعض، ومفخرة السينما الفرنسية لدى آخرين... فقد النجم جيرار ديبارديو الذي يحتفل الأربعاء ببلوغه 75 عاماً، هالته التي احتفظ بها طويلاً كأيقونة لا تُمسّ في مجال التمثيل.

على الرغم من اتهامه بالاغتصاب في العام 2020 إثر شكوى قدمتها الممثلة العشرينية شارلوت أرنو، زاد الممثل في السنوات الأخيرة من تصوير الأفلام التي عُرف عنه اعتماده الانتقائية فيها.

وحافظ ديبارديو على مكانته كأحد الأعلام القليلة المتبقية في السينما الفرنسية.

ومن بين العمالقة الآخرين، آلان ديلون الذي قسم الرأي العام بسبب مواقفه التي توصف بالرجعية، توقف عن تصوير الأفلام، تماماً مثل بريجيت باردو التي برزت بتصريحاتها المناهضة للإسلام.

وحدها كاترين دونوف (80 عاماً) تواصل نشاطها السينمائي، وقد شاركت عام 2018 في التوقيع على مقالة أثارت جدلاً كبيراً تدافع عن حرية الرجال في "معاكسة النساء". ولم تتحدث النجمة في الأيام الأخيرة عن جيرار ديبارديو الذي شاركته التمثيل في حوالى عشرة أعمال مختلفة.

وباستثناء الدوائر النسوية، كان جيرار ديبارديو يتمتع حتى فترة قريبة بقدر معين من التساهل. وقد اجتذب طبعه وتصريحاته الجريئة في أحيان كثيرة، تعاطف الجمهور وأوساط المهنة.

ورغم أن تصريحاته حول حالات اغتصاب زُعم أنه كان جزءاً منها في شبابه كلفته مسيرته المهنية في الولايات المتحدة في أوائل التسعينيات، لكن لم يكن لها صدى يُذكر في فرنسا آنذاك.

وعندما وصفته ممثلة مشهورة مثل صوفي مارسو بأنه "مفترس" في العام 2015 بسبب سلوكه في موقع التصوير، لم يكن لكلامها أي تأثير.

وتفضل أوساط الفن السابع الإشادة بالممثل الذي شارك في أكثر من 200 فيلم سينمائي وتلفزيوني، مع أدائه الغريزي وشرهه للعمل، خصوصاً مع تجسيده بعضاً من أهمّ أبطال الأدب الفرنسي، من سيرانو إلى جان فالجان في "البؤساء" مروراً بأوبليكس.

توقف مسيرة جيرار ديبارديو

لكن في نهاية عام 2023، لم يعد جيرار ديبارديو، الذي تبوّل في مقصورة طائرة عام 2011، يُضحك الناس. وقد أوقف حياته المهنية وبات أكثر الفنانين إثارة للجدل في فرنسا.

وتسارعت الأمور في أقل من شهر، بعدما عرضت قناة فرانس 2 الفرنسية العامة وثائقياً ضمن برنامج "كومبليمان دانكيت" Complement d'enquete الاستقصائي، تضمّن مشاهد أدلى فيها بتعليقات مسيئة بحق نساء خلال رحلة عام 2018 إلى كوريا الجنوبية، من دون أن تسلم فتاة صغيرة من إيحاءاته الجنسية.

وقد أدى نشر هذه المقاطع إلى سلسلة من الإجراءات ضد الممثل، إذ جُرد ديبارديو من وسام كيبيك الوطني، وسُحب منه لقب المواطن الفخري في منطقة بلجيكية، كما نُزع تمثاله الشمعي من متحف الشمع في باريس، وأدارت بعض الشخصيات السينمائية ظهرها له علناً مثل الممثلة أنوك غرينبرغ.

في المقابل، حشد المعسكر المؤيد لديبارديو قواه، وفي طليعته أفراد عائلته، بمن فيهم ابنته الممثلة جولي ديبارديو التي دانت ما اعتبرته "مؤامرة" ضد الممثل، كما دافعت شريكة حياته السابقة كارول بوكيه عن "حس فكاهي يتخطى الحدود أحياناً" لرجل قالت إنه "لا يستطيع إيذاء امرأة".

والثلاثاء، نددت نحو ستين شخصية ثقافية بما وصفته "إعداماً بلا محاكمة"، وذلك في مقالة نشرتها صحيفة لو فيغارو. شارك في التوقيع عليها المخرج برتران بلييه، والممثلتان ناتالي باي وشارلوت رامبلينغ، والممثلون جاك فيبر وبيار ريشار وجيرار دارمون، والمغنون روبرتو ألانيا وكارلا بروني وأرييل دومبال أو المغني جاك دوترون.

ورد ديبارديو، الثلاثاء، خلال اتصال أجرته به إذاعة آر تي إل الفرنسية: "أعتقد أن هذا الأمر ينمّ عن شجاعة كبيرة لدى الموقّعين"، مشيراً إلى أنه لم يكن وراء هذا النصّ لكنه ببساطة سمح لمؤلفه بنشره.

دعم ماكرون

وقد اتخذت قضية جيرار ديبارديو بعداً آخر عندما انبرى للدفاع عنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في خضم واحدة من أعمق الأزمات السياسية في رئاسته، المتعلقة بقانون الهجرة الذي روّج له بدعم من اليمين المتطرف.

ودان ماكرون "الاستهداف الجماعي" بحق ديبادريو، منتقداً خطوة وزيرة الثقافة الفرنسية ريما عبد الملك التي أعلنت أن "إجراءً تأديبياً" سيُطلق لاتخاذ قرار بشأن وسام جوقة الشرف الممنوح سابقاً للممثل الفرنسي.

وأبدى الرئيس الفرنسي "إعجاباً كبيراً بديبارديو"، واصفاً اياه بـ"الممثل العظيم" الذي "ساهم في الشهرة العالمية لفرنسا ومؤلفينا العظماء وشخصياتنا البارزة"، وقال إن "فرنسا فخورة به".

ولدى الممثل المولود في شاتورو في وسط فرنسا، تاريخ متضارب مع وطنه، منذ أن أعلن نهاية عام 2012 أنه سيتخلى عن جواز سفره الفرنسي احتجاجا على فرض الضرائب على الأغنياء، واختياره بلجيكا منفى ضريبياً. كما أثار الجدل عبر تعبيره الدائم عن الإعجاب ببعض من أشهر الزعماء المستبدين في العالم، وقد حصل أيضاً على الجنسية الروسية.

على المستوى القضائي، بالإضافة إلى اتهامه بالاغتصاب، فإن ديبارديو، الذي ينفي الاتهامات، هو هدف شكوى بالاعتداء الجنسي تقدمت بها الممثلة إيلين داراس عن وقائع يُفترض أنها سقطت بالتقادم، وكذلك شكوى أخرى في إسبانيا من جانب الصحافية روث بازا التي تتهمه بأنه اغتصبها عام 1995.

ويرتكز داعمو جيرار ديبارديو في دفاعهم عنه على أهمية العمل بمبدأ قرينة البراءة. وقال ماكرون: "يمكن اتهام شخص ما وقد يكون هناك ضحايا، لكنّ ثمة قرينة البراءة أيضاً".

(فرانس برس)

المساهمون