الإعلام الإسرائيلي يعزل الجمهور عن العالم

09 يناير 2024
من العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة (Getty)
+ الخط -

يرى الصحافيون في إسرائيل، أن دورهم يتمثل في مساعدة جيشهم "على النصر" أثناء عدوانه على قطاع غزة، فيما يقول الصحافيون الناقدون إن تغطية الإعلام الإسرائيلي التي تتجاهل محنة الفلسطينيين، تعزل الجمهور بشكل خطير عن بقية العالم.
يقول صحافيون إن معاناة المدنيين في قطاع غزة، بالكاد تظهر بعد ثلاثة أشهر من الهجوم الإسرائيلي الذي أسفر عن مقتل أكثر من 22 ألف فلسطيني، وتشريد ما يقرب من مليوني شخص، وترك ما يقرب من نصف السكان على شفا المجاعة ويطاردهم المرض، تقول "ذا غارديان".

الإعلام الإسرائيلي موحد ضد غزة

بشكل عام، يصاغ خطاب وسائل الإعلام الإسرائيلي لتحقيق الهدف الرئيسي المتمثل في كسب الحرب، أو ما يبدو وكأنه محاولة كسب الحرب.
وبجولة سريعة عبر قنوات الإعلام الإسرائيلي وصحافته، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، يلاحظ أنه نادراً ما قدمت وسائل الإعلام الإسرائيلية لجمهورها رؤية موحدة للواقع، كما فعلت خلال الأشهر الثلاثة الماضية، تقول صحيفة ذا غارديان البريطانية.
ويظهر شعار "متحدون سننتصر" على الشاشة في معظم الأخبار والبرامج الحوارية التلفزيونية. ويواجه السياسيون انتقادات شديدة، لكن مساءلة الجيش واستراتيجياته وجنرالاته وقواته غائبة.

"قبة انفصال"

يشبّه الصحافي الاستقصائي البارز في إسرائيل، رفيف دراكر، الإعلام الإسرائيلي خلال العدوان على غزة بنظيره الأميركي بعد 11 سبتمبر/أيلول.
ويوضح أن "الصحافيين يرون دورهم الآن، أو جزءاً من دورهم، في مساعدة الدولة على كسب الحرب. وجزء منه هو إظهار أقل قدر ممكن من المعاناة في غزة، والتقليل من الانتقادات الموجهة للجيش".
ووصف مستشار الأمن القومي السابق، إيال هولاتا، الوضع في إسرائيل بأنه "قبة انفصال" خلّفتها صدمة طوفان الأقصى، حيث الإسرائيليون معزولون في الداخل، و"منفصلون عن عالم يعتبرونه لا يفهم آلامهم".
ويقول النقاد إن الانفصال يسير في الاتجاهين، إذ يشعر الإسرائيليون بأن "معاناتهم" تتعرّض للتجاهل، فيما يقدّم الإعلام الإسرائيلي لجمهوره واقعاً لا تكاد توجد فيه معاناة للفلسطينيين.
تقول عنات ساراغوستي، إحدى الصحافيات الإسرائيليات اللواتي عملن على تقارير عن قطاع غزة بشكل مستقل عن الجيش، إن وسائل الإعلام "تغطي الفلسطينيين فقط في إطار أمني، بالكاد ترى أي نساء أو أطفال".
وتنقل الصحيفة عن ساراغوستي، وهي أيضاً مديرة حرية الصحافة في نقابة الصحافيين في "إسرائيل"، قولها: "أعتقد أن وسائل الإعلام لا تقوم بعملها"، مضيفة: "إن غالبية الإسرائيليين لا يفهمون كيف أصبح العالم فجأة ضدنا، أو لماذا لسنا الضحية التي يجب دعمها".
تقول ساراغوستي إن هناك معلومات متاحة عن المدنيين في غزة في منابر إسرائيلية أصغر باللغتين العبرية والإنكليزية، ولكن يجب على الناس البحث عنها، وقليلون لديهم الوقت أو الاهتمام أو الطاقة.
ويحصل ما يقرب من نصف الإسرائيليين على أخبارهم من القنوات التلفزيونية، واحدة عامة وقنوات خاصة عدة، وأكثر من 40 في المائة يستخدمون مواقع الصحف والمجلات الرقمية، وفقاً لمكتب الإحصاء في إسرائيل.
تقول ساراغوستي إن التلفزيون كان له تأثير خاص في تشكيل الرأي العام الإسرائيلي بعد طوفان الأقصى، لأن "الناس يتابعون البث الإخباري المباشر يومياً بالتزام يذكرنا بعصر ما قبل العصر الرقمي".

تشير الصحافية إلى أن وسائل الإعلام الإسرائيلية "كانت في أفضل حالاتها عندما خذلت الدولة والجيش مواطنين عدة. لقد كان الصحافيون هم الذين جمعوا المعلومات حول ما كان يحدث، وقصص الضحايا والناجين، وتحدّوا المسؤولين والوزارات، التي لم تعمل على الإطلاق، وكانت في حالة صدمة كاملة، ولم تفهم وظيفتها".
لكن مع اشتداد العدوان الإسرائيلي على غزة، وهيمنة معاناة المدنيين على عناوين الأخبار العالمية، لم يُمنح الفلسطينيون أي وقت تقريباً على شاشات الإعلام الإسرائيلي. يقول دراكر إن الإسرائيليين "لا يرون الصور من غزة التي يراها معظم العالم. نحن نُظهر أقل بكثير مستوى المعاناة التي تحدث". وترى ساراغوستي أن الجمهور الإسرائيلي، بعد طوفان الأقصى، لا يريد إضفاء الطابع الإنساني على الفلسطينيين، و"أستطيع حتى أن أقول إنهم لا يهتمون حقاً".
وتستجيب وسائل الإعلام الإسرائيلي لهذا المزاج العام، بل وتغذيه أيضاً لأنها تخشى أن يصدّها الجمهور أو يهاجمها باعتباره خائناً إذا ما أظهرت الجانب الإنساني لأهل غزة.
وأجبرت التهديدات أحد الصحافيين، وهو إسرائيل فراي، على مغادرة منزله لأنه قال إنه سيصلّي من أجل الأطفال القتلى في كل من إسرائيل وغزة. يقول دراكر: "الشعار الذي يحظى بشعبية كبيرة الآن في إسرائيل 

وأجبرت التهديدات أحد الصحافيين، وهو إسرائيل فراي، على مغادرة منزله لأنه قال إنه سيصلّي من أجل الأطفال القتلى في كل من إسرائيل وغزة. يقول دراكر: "الشعار الذي يحظى بشعبية كبيرة الآن في إسرائيل هو: إما نحن وإما هم". 

المساهمون