الكوادر المصرية تهجر المصارف الحكومية لضعف الأجور

الكوادر المصرية تهجر المصارف الحكومية لضعف الأجور

08 ديسمبر 2014
المصارف الخاصة المحلية والأجنبية تتسابق للتعاقد مع الكوادر المستقيلة(أرشيف/Getty)
+ الخط -

تشهد المصارف المملوكة للدولة في مصر نزيفاً للعقول والكفاءات مع تطبيق الحد الأقصى للأجور، الذي دفع قيادات مصرفية للاستقالة بحثاً عن فرص ورواتب أفضل في مصارف القطاع الخاص والمصارف الخليجية والأجنبية.

وبدأت مصر تطبيق الحد الأقصى للأجور على المصرف المركزي والمصارف المملوكة للدولة في يوليو/تموز الماضي، بحيث صار مجموع ما يتقاضاه أي موظف أو مستشار يعمل لحساب الدولة والقطاع العام لا يزيد عن 42 ألف جنيه (5874 دولاراً) شهريّاً.

وفي السابق ذاته، كان متوسط الدخل الفعلي للقيادات العليا في مصارف الدولة يصل إلى 140 ألف جنيه (19580 دولاراً) شهريّاً.

ونقلت وكالة "رويترز" عن مصادر مصرفية مصرية تحفظت عن ذكر اسمها قولها، إن المصرف المركزي المصري والمصارف العامة الثلاثة الكبرى، وهي البنك الأهلي وبنك مصر وبنك القاهرة شهدت، في الأشهر الخمسة الماضية، موجة رحيل القيادات المصرفية انتقل فيها 150 مصرفيّاً إلى وظائف أخرى في مصارف عربية وأجنبية.

من جانبه، لم يصدر المركزي المصري أي تعليق على موجة الاستقالات نظراً لحساسية الأمر. ورغم أن أحداً من القيادات المصرفية المستقيلة لم يعلن صراحة عن أن تقييد الحد الأقصي للأجور هو السبب وراء بحثه عن فرص عمل برواتب أكبر إلا أن بعضهم أسر بذلك في أحاديث خاصة.

عروض وإغراءات

وقال مصدر لـ"رويترز" إن "قيادات وموظفين في المصارف العامة والمركزي المصري يتلقون عروضاً مغرية من مصارف القطاع الخاص والمصارف الأجنبية العاملة في السوق المحلية والمصارف الخليجية".

وأشار المصدر نفسه إلى أن شخصية مصرفية بارزة قبلت عرضاً للعمل في مصرف أجنبي براتب شهري يصل إلى نحو 900 ألف جنيه (125873 دولاراً) شهريّاً.

وجاءت استقالة نضال القاسم عصر نائب محافظ المصرف المركزى المصري، الأربعاء الماضي، لتسلط الضوء، بقوة، على موجة نزوح القيادات المصرفية البارزة.

ووفقاً لمصادر مطلعة، فإن عصر يدرس حاليّاً عروضاً عدة من مؤسسات مصرفية داخل مصر وخارجها.

وشغل عصر منصب وكيل محافظ مساعد في المركزي المصري لشؤون العلاقات الخارجية والاستثمارات لأكثر من ثلاث سنوات، ثم شغل منصب وكيل محافظ المصرف المركزي لشؤون العلاقات الخارجية والاستثمارات، وهو المسؤول الأهم بعد المحافظ، هشام رامز، عن إدارة احتياطي النقد الأجنبي للبلاد.

واستقال أيضاً شريف علوي، النائب السابق لرئيس البنك الأهلي المصري، أكبر المصارف المصرية، الذي تولى منصب المدير الإقليمي للبنك العربي في مصر، ومحمد عباس فايد، نائب رئيس بنك مصر، ثاني أكبر المصارف الحكومية، الذي يشغل الآن منصب العضو المنتدب لبنك عودة مصر.

كما قدم حازم حجازي استقالته من رئاسة قطاع التجزئة المصرفية في البنك الأهلي المصري لتولي منصب رئيس قطاع التجزئة في مصرف باركليز.

وقال مصدر مصرفي إن "العديد من تلك الأسماء التي نزحت عن البنوك المملوكة للدولة لديها التزامات مالية ومعيشية من أقساط ممتلكات عقارية ومصروفات مدارس ومصروفات خاصة بأسلوب حياة أسر تلك القيادات".

واعترف مصرفي بارز استقال، أخيراً، من منصبه في مصرف حكومي، في حديث لوكالة "رويترز"، أنه واجه بالفعل مأزقاً حقيقيّاً تمثل في سداد هذه الأقساط والتزامات مالية أخرى بعد خفض راتبه الشهري في أحد المصارف العامة، مما دفعه إلى البحث عن فرصة بديلة في أحد المصارف الأجنبية لمواجهة تلك الالتزامات.

موجة ثانية؟

وتكهنت المصادر بموجة رحيل ثانية للقيادات المصرفية، قد تشهد نزوح عدد أكبر من الموجة الأولى بسبب فرص وعروض بأجور شهرية تصل إلى نحو 20 ضعفاً لمثيلاتها في المصارف الحكومية.

وتوقع مصدر أن تكون موجة النزوح الثانية من مصارف القطاع العام إلى المصارف الخاصة والأجنبية ومصارف الخليج أشد عنفاً من الموجة الأولى بالنظر إلى أن العديد من قيادات الصف الأول والثاني والثالث تدرس بالفعل عروضاً من مؤسسات مصرفية داخل وخارج مصر.

ورأى المصدر نفسه أن المصارف الحكومية ستواجه خلال السنوات القليلة المقبلة مشاكل بسبب هجرة الكوادر، مؤكدا أن الحل يكمن فى إعادة النظر فى قانون الحد الأقصى للأجور واستثناء قطاعات ذات خصوصية مثل المصارف والبترول والاتصالات.

لكن الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، شدد في كلمة الأسبوع الماضي على أن قواعد الحد الأقصى للأجور "يتم تنفيذها بكل دقة على جميع العاملين بقطاعات الدولة" ولوح بإجراءات صارمة ضد أي مسؤول يخالف القانون.

وقال مصدر مصرفي آخر، إن تطبيق الحد الأقصى للأجور على العاملين في المصرف المركزى والمصارف الحكومية سيوفر 6 ملايين جنيه (839 ألف دولار) فقط شهريّاً بإجمالى 72 مليون جنيه (10 ملايين دولار) سنويّاً من حجم الأجور السنوية للعاملين في المصارف الأربعة، وهو 5.6 مليارات جنيه (783 مليون دولار).