بالكاد نلحق أن نفتح أكورديون

بالكاد نلحق أن نفتح أكورديون

12 مايو 2024
بافلوس د. بيزاروس
+ الخط -
اظهر الملخص
- الحياة والأحلام تتسرب بسرعة كالقرل التي تعشش على شواطئ البحار، تاركة وراءها ذكريات متبقية نحاول التقاطها عبر أكورديون الذاكرة لنغني ونحكي ونكتب ما تبقى من الوقت.
- الموت يأتي بصمت في الليل، مخلفًا وراءه قلق الغسق وخدود غائرة لمن يرحلون ومن ينتظرون المفاجئ، في تأمل للحظات الأخيرة والانتظار المحتوم.
- يستكشف النص كيف تتشكل ذكرياتنا وتجاربنا عبر الزمن، متسائلاً عن مصير اللحظات والأفكار المبعثرة، وكيف تترك بصماتها على حواسنا وتجاربنا الحياتية، في رحلة بحث عن معنى وجودي عميق.

الذاكرة 


ترحل الحياة رويداً رويداً بلا أيّما رحمة 
مثل قِرِلّى تطير بسرعة 
وتعشّش على شواطئ البحار، 
ومعها الكلمات النهّابة، 
سهم أزرق فوق المياه.

إذ ترحل الأحلام كما تأتي، 
بلا أن تُمسَك، 
بالكاد نلحق 
أن نفتح أكورديون 
الذاكرة المتبقيّة 
لنغنّي، 
لنحكي، لنكتب 
بقايا الوقت المتسكّع 
في داخلنا.  


■ ■ ■


المفاجئ      


ظلاماً كثيفاً تنشر أحشاؤنا. 
الموت يأتي دوماً في الليل،
مع قلق الغسق 
المخطوط على الخدود الغائرة
خدود من يرحلون وأولئك الذين ينتظرون 
المفاجئ. 


■ ■ ■


من هنا وهناك 


في أيّ مرحلة من زمن مجرّتنا 
حُفِظَت السنوات التي بدّدناها 
بلا حسبان، حول طاولات 
المؤتمرات، والأفكار 
المجعّدة تتطاير 
داخل سلّات مهملات وخارجها، 
تاركة آثارها القتاليّة 
على جدران صفراء وأعلامٍ
مطويّة أعلامِ مظاهرات، أين راحت 
الأيّام التي عذّبت فكرنا، 
الساعات، اللحظات التي خسرناها
أين راحت؟ 

ما عساها قد صارت، 
أين وكيف رُتِّبَت،
أيّ أشكال يا ترى اتّخَذَت 
حواسّنا المبعثرة 
وخصوصاً تلك التي يُسمّونها دُنيا، 
الروائح والنكهات والآثار على الأصابع، 
ما عساها قد صارت اندفاعاتها،
أهواؤها الجامحة. 
ما الذي يبقى كي تفعله 
آذاننا المخضرمة، 
كي تلتقط أصوات السيرانات، 
أقلَّهُ الهديرَ الأزليّ
داخل إحدى صدفات البحر. 

يا نظرتِي المتسلِّطة تنحطّين 
مربِكة حواسّي الأخرى. 
(أيّها الفكرة المظلمة، أين تقودين عقلنا).

يا نظرتِي المتسلِّطة اسهري 
لتكوني آخر من يرحل 
قبطاناً أميناً على الواجب 
قبل أن يترك السفينة بكثير 
قد أمر أن تُلقى الحثالات.
اسهري. لئلّا يجدونا خاسرين. 
من هنا وهناك. 
لأجل هذه والأخرى كذلك.  


■ ■ ■


لعنة آدم 


كي تقدر أن تفكّر عليك أن تتصرّف. 
لا أذكر من قاله أولاً. 
إنّما لعنة آدم ترافقنا
في عملنا، 
وفي هواجسنا الصغيرة. 
جهد وعرق
جهد وعرق 
لبقيّة حياتنا بأكملها. 

فكيف عسانا نجد ثانية وَرَعَ  
الشهوات والرغبات، 
كلّ الأشياء تُقدَّم 
ببدل دقيق طبعاً. 

بقايا الشوق المظلمة 
تسكن في الأحلام كالأشباح. 
ورؤانا تتكسّر، 
تطحنها يوميّاً صور لا صوت لها
تتبدل كأوراق دفتر 
أمام شاشات العرض المتتالي. 


* ترجمة عن اليونانية: روني بو سابا



بطاقة 

Pavlos D. Pezaros شاعر يوناني من مواليد عام 1949 في بيرايوس التي عاش فيها حتى عام 1978 قبل أن ينتقل إلى العاصمة أثينا حيث يعيش اليوم. من مجموعاته الشعرية: "رائحة اليود" (1982)، "طعم الملوحة" (1986)، "تأكسد اللمس التدريجي" (1990)، "وقاع البحر" (2016). إلى جانب ذلك هو خبير في اقتصاد بلده الزراعي، حيث تولى مناصب مختلفة في هذا المجال، وله مؤلفات في حقل اختصاصه العِلمي.
 

نصوص
التحديثات الحية

المساهمون