في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دُور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية، ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المُترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أُولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تشمل مؤلّفات في الترجمة والتاريخ والدراسات الفكرية والمذكّرات وأدب السجون.
■■■
ضمن سلسلة "ترجمان" في "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، صدر كتاب "رواية عن الحملة على الجزائر عام 1816 تحت قيادة صاحب الشرف الأدميرال اللورد النبيل إكسموث" لإبراهيم سلامة، بترجمة محمد الأمين بوحلوفة. يستعرض المؤلّف تاريخ عائلته، ويوجز الكلام عن حكّام مصر من المماليك وأسرة محمد علي باشا، والمسؤولين الأوروبيّين في مصر، ثم ينتقل للحديث عن الحملة الإنكليزية على الجزائر التي كان عضواً فيها بصفته مترجماً، بتفاصيل مثيرة؛ سواء لجهة الأسماء، أو الوقائع، أو الأماكن، وكذلك أوضاع الجزائر السياسية خلال تلك الفترة.
"عالم أكثر مساواة: منظور دولي للحرب الباردة"، عنوان النسخة الإنكليزية من الكتاب الذي صدر عن "منشورات جامعة كولومبيا" للباحثة الفرنسية ساندرين كوت، بترجمة أربي غريبيان. يضيء الكتاب المناخات الإيجابية التي خلقتها الحرب الباردة في ما يتعلّق بتحرُّر شعوب العالم الثالث من الاستعمار، حيث كرّس الانقسام بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي دوراً حيوياً للمنظّمات الأممية والدولية لتعزيز التعاون الدولي، خلافاً للحظة الراهنة حيث تقود سياسات النيوليبرالية المتوحّشة، وعدم المساواة الاقتصادية بين الشمال والجنوب إلى نزاعات وصراعات دائمة.
ضمن مشروع "كلمات حرّة"، صدر عن "دار طباق" كتابٌ بعنوان "مع فرناندو بيسوا: قراءة نقديّة في كتاب اللّاطمأنينة"، للأسير الفلسطيني في سجون الاحتلال الإسرائيلي كميل أبو حنيش. أُنجِزَ الكتاب في "سجن ريمون" الاستعماري، واعتمد فيه صاحبه على أدوات النقد الموضوعية لرصد تجربة الشاعر والناقد البرتغالي (1888 - 1935). يُذكَر أن كميل أبو حنيش كاتب وأسير فلسطيني اعتُقل عام 2003، وحُكِم عليه من قبل الاحتلال بالسجن المؤبَّد تسع مرّات. من رواياته: "خبر عاجل" (2006)، و"بشائر" (2010)، و"الكبسولة" (2019)، و"الجهة السابعة" (2021).
بعد مرور ما يقرب من 90 عاماً على حريق مبنى الرايخستاغ، تعرّض مبنى الكابيتول في الولايات المتحدة للاعتداء من قبل حشد من أنصار ترامب. وبعد مرور أكثر من 78 عاماً على الانتصار على النازية، نشهد ظهوراً عالمياً لليمين المتطرف. ما يُثير سؤالاً مُقلقاً: ما الذي يقف وراء هذه الحالة العالمية الرجعية؟ في كتاب "الترامبيسمو: الليبراليون الجدد والمستبدّون" الصادر عن دار "فيرسو ليبروس"، يجيب الباحث الإسباني ميغيل كريسبو، عن هذا السؤال، محلّلاً هذه الموجة الجديدة من الاستبداد الرجعي الذي انتشر في معظم أنحاء العالم.
"يوماً ما جاؤوا ليأخذوا الخُميني من منزل أحد رجال الأعمال الأثرياء في شمال طهران، لإرساله إلى المنفى. أمّا أنا، الذي انتهى بي الأمر بأن صرتُ سجيناً في نظامه، وتعرّضتُ لأبشع أنواع التعذيب على يد أنصاره، فقد أتيتُ منزله يومها وقبّلتُ يده، دون حتى أن أعرف من هو؟". في كتابه "رسائل إلى مُعذِّبي"، يتحدّث الصحافي الإيراني هوشنغ أسدي عن الأمل والألم في قصّته، التي امتدّت بين انتصار الثورة الإيرانية التي آمن بها، ووقوعه مسجوناً في إحدى زنزاناتها. صدرت النسخة العربية من الكتاب عن "المحروسة"، بتوقيع المترجم ماجد عاطف.
ما الفرق بين الثقافة والمعرفة والأيديولوجيا؟ يحاول الباحث والمفكّر المغربي عبد الإله بلقزيز في كتابه "الثقافة، المعرفة والأيديولوجيا" الصادر عن "دار الساقي"، الإجابة عن هذا السؤال، راسماً الحدود الفعليّة التي يتوقّف عندها الاختلاف والتّمايز بين كلّ مفهوم وآخر، ومبدّداً الالتباسات التي تُحيط بها، ويتعقّبها في الإنتاج العربيّ، لا سيّما في ظلّ الخلط بينها، والذي يصل أحياناً إلى اعتبارها مرادفات. ثلاثة مفاهيم كثيفة الحضور في العلوم الاجتماعية والإنسانيّة، لكنّ الكتابة عنها بلغة نظريّة أمرٌ نادر في العقود الأخيرة.
بترجمة رشا صادق، صدر عن "دار العالي"، كتاب دالاس جورج دينيري "الشيطان ينتصر: تاريخ الكذب من جنّة عدن إلى عصر التنوير". لا يؤرّخ الكتاب، مثلما نقرأ في مقدّمته، لأكاذيب محدّدة، بل يحاول الإجابة عن سؤال: هل الكذب مقبول؟ يقول المؤلّف إنّ الفلاسفة المعاصرين يتجادلون حول أخلاقية الكذب، وهل تحظر المعايير والقوانين البشرية الخداع أم تشجّعه، لكنّ ذلك الجدل يفترض أنّ الكذب مجرّد تصرّف مشكوك بأمره، مُضيفاً أنّ سيرورة تطوّر المجتمعات البشرية، وحتى الحيوان والنباتات، تُحابي، على ما يبدو، أولئك الذين يتقنون الخداع أكثر من سواهم.
بجمع وتحقيق الصحافي المصري محمد دياب، صدر كتابٌ بعنوان "مذكّرات الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب: المنشورة في مجلة الاثنين عام 1938 ومجلّة الكواكب عام 1954"، عن "المرايا للثقافة والفنون". يكشف الكتاب عن حقب من تاريخ مصر الفنّي والاجتماعي والسياسي، منذ أن كان الموسيقار طفلاً في زمن السلطان حسين كامل، إبان الحرب العالمية الأولى، حتى تثبيت اسمه كواحد من جيل الروّاد، بعد ثورة 1952. كما تحكي المذكرات صداقته مع أحمد شوقي، ومجالسته لسعد زغلول، وعن علاقاته ومكانته بين مُجايليه خاصة، والوسط الفني الذي أثر به عموماً.
