شجرُ العزلةِ

شجرُ العزلةِ

24 مايو 2018
+ الخط -
(1)
ثَلجٌ، يَتجاوزُ احتضاره
لخيمةٍ تَأوي أشلاءَ البرقِ،
ونجمة هَاربة
بعدَ النجمةِ، قد يكونُ لا شيء
أو قَد يكونُ..
لستُ أدري ما يكون
أمدُّ يدي علّي أصل
غيرَ أنَّ تَمائمَ الريحِ،
تَشربتْ دمَ آخرِ القَناديل
نجمةٌ هاربةٌ تصيحُ في البريةِ
أنَّ لِهذا الاحتضار نبوءة مُستحيلة

(2)
شجرُ العُزلةِ
يُغادرُ لعنتهُ إلى برقٍ مُعمرٍ
والذينَ خَرجوا من أجنحَتي
أخذوا البُعدَ الأثيريَّ للروح
ما كُنتُ أَنشدُ من سَلوى
إذ تَركوا اللغزَ آنذاك، مُطمئناً

(3)
ثمَّ إنَّ ذَاكرةَ غابةٍ
تَرتسمُ فيها مَلامحُ الحريق
تُحاولُ أن تُضيءَ الغياب
دون أن يسقُط من وجهِ الحُلم
طائر الغناء

(4)
كانَ يبكي
وكانت الطفلةُ الوردةُ ترتعشُ
أمامَ حقلِ الجُرح وتَجاعيد الغَيمْ
خرجَ التعبُ عن هَيكلِ الزمن
طافحاً بالحنين
دمعتهُ ما زالتْ عالقةً
بيني وبينَ العتبةِ، كَفضاء
وإني لأرى الله في عينيهِ

(5)
أُلملمُ حُطامكَ كي أبني قَمراً
حادَ البَياض، حادَ العبق
لكن، من يلتقطُ ذاكَ اليمام
من بينِ أصابعِ الخراب؟
تَقمصَ موسيقاها، فَتحطم
هل عرفَ جناحاك
أنَّ اليمامَ أيضاً، يَتحطمْ؟

(6)
سَأنمو
فَراشةً في ماءِ الحُلم
لِهذا الشُحوبِ عزاءُ انفتاح
وكلمةٌ، تَرعى في انطفائها
بُرعماً طالعاً من تَبعثرِ بلورِ السماء
دونَ وجهي يَتباعدُ هذا السربُ الأزرق
كيفَ للنجمِ أن يَهتدي لاسمهِ؟

(7)
في تَحولاتِ الغسق
أنتظرُ شكلاً مُضيئاً للجُرح
كأنني تائهةٌ في شَهقةِ البريقِ
وفي الضَجر
أتحولُ في الموتِ، صاعقةً
ويأخذُ هذا المدى شكلَ اضطرابي

(8)
لاقِني، في الموجِ الذي يَقترب
في جهاتِ النسيانِ القصيةِ
نُحاولُ أبداً الصعودَ حتى الرؤيا
وإذ نُولدُ باسمِ المغفرةِ
نَجهلُ أن نَنتمي
ونَجهلُ الفناءَ الطليقْ

(9)
فَراشات
انشَطرت في الصَرخةِ الأخيرةِ
ولأنَّ غلالةَ الحُزنِ
مُتأصلةٌ في البذرةِ الأولى
ولأنَّ هذهِ الشَرنقة قد يَطالُها التَلف
أفلتت السماءَ من أجنحتها، ونَامتْ

(10)
تَبنيتُ اسمَ الجَحيم
تَعثر في دَمي هاجسُ اليقين
فَتشتُ عن الهَاويةِ في وَجهي
حَفرتُ في جذعِ الفكرةِ صليباً
وصليتُ، هُبوطاً إلى أعماقِ اليم
كي لا يضلَّ السَحابُ الطَريق

(11)
من شَجرةِ الموتى
قَطفتُ جُمجمتي
غرستُها في رَمادِ فينيقْ
وبعدَ ألفَ عامٍ من البُكاءِ
سَقيتُ فيها بالدمعِ هذا الرَماد
نَهضَ الفينيقُ، أعمى

(12)
ما بعدَ الصدى والريح
نسيتُ كيفَ يبدو صوتي
والدمُ البكرُ لم يَزل
يَتهيأ لقيامتهِ في جبلٍ بعيد

(13)
والقمرُ إذ ارتمى حَافياً من البياض
قيلَ أنهُ يتسربُ من ملامحي
يتخللُ دَمي كالأثير
نَفختُ فيهِ من روحي
فاستَفاقَ الماء
وأنا عبثاً أحاولُ أن لا أصحو
من نَشوةِ الغرقْ!

(14)
خُذني بعيداً
لمكانٍ أسخرُ فيهِ من هذا العالم
أو يسخرُ هو مني، لا فرقَ عندي
مكانٍ، أكونُ فيهِ تهديداً للوقتِ الهَزيل
وفَوضى أليفة لمزاجيةِ العَدم!
خُذني على هيئةِ الأبدْ،
فأنا الآن، امتدادٌ هادىءٌ طَويل
لِهذا الضبابِ الكثيف

دلالات

73659ADD-FAF3-4534-917E-15B33C80F7B2
غاردينيا الحسين

خريجة أدب إنكليزي قسم الترجمة - جامعة قطر، شاعرة سورية تهوى الرسم والتصوير، مقيمة حالياً في ألمانيا.

مدونات أخرى