رمضان في المهجر...حنين للأوطان ينتصر على ساعات الصيام الطويلة

رمضان في المهجر...حنين للأوطان ينتصر على ساعات الصيام الطويلة

25 مايو 2017
رمضان فرصة لنسج علاقات بين أبناء الجاليات العربية(العربي الجديد)
+ الخط -
يأتي شهر رمضان هذا العام، في ظل توترات عامة يعيشها العرب والمسلمون في مهجرهم حول العالم. بيد أن أكثر ما يفتقده أغلب هؤلاء ما يسمونه "الاشتياق إلى أجواء رمضانية في البلاد الأصلية".

ففي روسيا، حيث تنتشر تلك الأجواء في بعض الجمهوريات المسلمة، يعيش نحو مليوني مسلم في موسكو وغيرها من دون أية مظاهر رمضانية. وفيها مثل أميركا وكندا وفرنسا وبقية دول المهجر، يجتهد العرب والمسلمون لخلق بعض من أجواء البلاد الأصلية. فيتجه هؤلاء لإقامة نشاطات وفعاليات جماعية، بالإضافة لحرص الأسر الكبيرة على الإفطار المشترك لتعويض ما يفتقدونه. وبالرغم من مخاوف تصاعد العداء في أميركا إلا أن نيويورك تشهد حوارات لتخفيف التوتر، مع حرص شرطي على منع الاعتداء على مسلميها. هي محاولات تأقلم أخرى، ليس مع ساعات الصوم الطويلة فحسب بل مع ظروف هجرة تتعقد أكثر فأكثر.


في منطقة القطب الشمالي الكندية، تصل ساعات الصوم إلى 23، يتحضر الكندي الفلسطيني سعيد مغربي مع زوجته الكندية وأطفاله لاستقبال شهر الصيام. ففي قرية "كنكرسكن" في إقليم ننوفك للسكان الأصليين، الأنوت، يقول مغربي لـ"العربي الجديد": "أنا وأسرتي المسلمون الوحيدون هنا. ستكون أيام رمضان صعبة، فالشمس لا تغرب إلا في الثانية عشرة ليلا، وبعد ساعة تشرق ثانية. لدينا وقت قصير للإفطار والسحور. جربنا ذلك في السابق فكان شبه مستحيلا علينا، لذا حصلنا على فتوى بأن نصوم وفق تقويم أقرب مدينة لنا، وهو ما سيكون على توقيت مونتريال حيث سنصوم 17 ساعة".


بالنسبة للسكان المحيطين فإن صيام عائلة مغربي عن الأكل والشرب ساعات طويلة كان أمراً غريبا عليهم. لكنه بالحوار معهم شرح لهم مقاصد الصيام. وبالنسبة لزوجته الكندية يقول مغربي "كانت أجواء رمضان في الإمارات العربية المتحدة أمراً أعجبت به، فهناك، كما في سائر دولنا، لاجتماع العائلات والأصدقاء وما يحيط بهم من أجواء رمضانية طعم مختلف عما هو عليه في القطب الشمالي".


وفي بقية أنحاء كندا، يتزامن صوم رمضان لساعات طويلة مع الامتحانات وأجواء باردة. لكن يبقى القاسم المشترك بين الصائمين في مهجرهم الكندي محاولة تعويض ما يفتقدون من أجواء رمضانية في بلدانهم. رئيس المركز الإسلامي في كيبك، محمد العبيدي، يشرح لـ"العربي الجديد" واقع رمضان: "معظم مسلمي كيبيك هم من الدول المغاربية ودول أفريقية تتحدث الفرنسية. نقيم نشاطات كثيرة، ومنها تحفيظ القرآن، وندعو أيضاً مشايخ من الأزهر وتونس والمغرب إلى المساجد ليؤموا المسلمين في صلواتهم وقيام الليل".

ويضيف العبيدي "ويقدم مسجد النور إفطارا جماعيا لأبناء الجاليات وللطلاب الدارسين في كندا ولذوي الدخل المحدود، والبعض يعد الطعام في البيت ويحضره للتناول الجماعي. المساجد في رمضان تمتلئ بالمصلين في صلاة التراويح وتكون فرصة للكنديين الذين أسلموا حديثا للتعرف على المسلمين".

وشهدت كيبيك حادثا إرهابيا قتل فيه بعض المسلمين المصلين. ويبين العبيدي أن "المركز الإسلامي سيوجه دعوات للعوائل التي فقدت أحد أفرادها في هذا الحادث الإجرامي لمأدبة إفطار يحضرها المشايخ وتكون خاصة بهذه الأسر للتخفيف عن أحزانهم وفقدانهم أحبتهم".

فوانيس رمضان بأنامل أطفال المهجر (العربي الجديد)






 
فانوس وزينة

يحرص القائمون على المدرسة الإسلامية وأهالي الطلاب في مدينة كامبريدج في مقاطعة أونتاريو على تزيين المدرسة لاستقبال شهر رمضان المبارك. وتقول نيفين شريم، وهي متطوعة لإقامة هذه الأنشطة منذ 17 سنة ولديها طفلان شاركا في الفعالية، إن "الأطفال في كل سنة يتشوقون للمشاركة بهذه الفعالية حيث صنعوا الزينة والفوانيس والهدايا التي سيقدمونها للأمهات بمناسبة شهر رمضان".

نيويورك.. جو مشحون
في بعض المناطق الأميركية تصل ساعات الصيام إلى 14 ساعة. ويأتي رمضان هذا العام في ظل أجواء متوترة سياسياً داخل أميركا. وعلى الرغم من شعور الكثير من العرب والأميركيين بالتضييق عليهم بسبب سياسات الرئيس دونالد ترامب إلا أن الشعور بالدعم من جهة أخرى قائم بشكل قوي، بسبب تعاطف ودعم الكثير من الأميركان مع الجاليات المسلمة والعربية بوجه سياسات رئيسهم.

وعلى الرغم من إنجازات منظمات حقوقية في وقف أوامر منع دخول المسلمين والعرب لا يخفي العديد من أبناء الجالية المسلمة مشاعرهم بالخوف والحذر، خصوصاً في الأماكن العامة. فالاعتداءات العنصرية لم تعد تطاول المسلمين فحسب، بل وغيرهم من الأقليات كالسيخ أو اليهود.

تخفيف التوتر

للتخفيف من التوتر والتعاون مع الجاليات عقدت شرطة نيويورك لقاء مع أبناء الجالية المسلمة والعربية، بحضور ممثلين عن بعض السفارات والجاليات، في سياق التحضير لرمضان، وللتأكيد أن شرطة المدينة ستزيد من وجودها حول الجوامع والمراكز الإسلامية وخاصة مع ارتفاع أعداد زوارها في الإفطارات الجماعية اليومية بتبرع من أبناء الجالية، وذلك خوفا من أن يزداد عدد الهجمات أو التهديدات ضد تلك المراكز خلال رمضان.

وتتشارك العائلات الأطباق الوطنية التي تعدها في بيوتها، إذ تتنوع الأطعمة من باكستان إلى مصر ولبنان وفلسطين والسودان وسورية وغيرها. هذا بالإضافة إلى دعوة العائلات الميسورة لإفطار مشترك لغير المسلمين. وتنشط المطاعم لجذب العائلات بتقديم الأكلات العربية الخاصة برمضان.
روسيا: ساعات طويلة
في مناطق روسية معينة تزيد ساعات الصيام عن 19 ساعة. ويواجه الصائمون في روسيا مشكلة التأقلم مع غياب الأجواء الرمضانية ومعاناة الجوع والعطش لساعات النهار الطويلة مقارنة بالدول العربية.

وتقدم اختصاصية التغذية، غوزيل أوفتشينيكوفا، عدداً من النصائح لمن قرروا الصيام في هذه الظروف الصعبة في روسيا بالقول: "أثناء الإفطار يفضل تناول وجبات طبيعية تم طبخها بالمنزل، وتفادي الدهون، لأنها قد تكون ثقيلة على الجهاز الهضمي".

وتضيف الطبيبة أوفتشينيكوفا لـ "العربي الجديد" بأنه "يمكن مثلاً تناول لحم وسمك مطهو ببطء أو داخل فرن أو على البخار، أو حساء وحبوب وخضروات وفواكه وزيوت. ويفضل تجنب المخبوزات، واستبدالها بالفواكه المجففة أو العسل".

وفي ما يتعلق بالمشروبات، تضيف: "لتفادي زيادة الضغط على الكلى، يفضل الامتناع عن تناول الشاي والقهوة مع الاكتفاء بلتر أو لتر ونصف اللتر من الماء والعصائر الطبيعية".
وبما أنه ليس هناك وقت كافٍ بين المغرب والفجر، تنصح أوفتشينيكوفا بتناول أطعمة خفيفة أثناء السحور مثل الفواكه المجففة والجبنة البيضاء ووجبات نباتية قليلة الدهون، أو لحوم لمن سيقوم بأعمال جسدية نهاراً، مضيفة أن "النوم لمدة ساعة أو ساعة ونصف الساعة أثناء النهار سيزيد من قدرة المرء على التحمل، ولا سيما في بداية شهر الصوم".
(أوتوا: إسراء حسين - نيويورك: ابتسام عازم - موسكو: رامي القليوبي).

حنين العرب إلى اللمة الرمضانية (العربي الجديد) 

دلالات

المساهمون